مهرجان الدوخلة بؤرة فساد «حديث مكرر»
لو افترضنا أن رجل ما كان يمتلك جوهرة ثمينة لامعةٌ براقة، وفي يوم من الأيام قرر أن يحملها معه إلى حيث يكون، لِيتباهى بها بين الناس، فاخذ يحملها معه كل يوم إلى المقهى الذي اعتاد أن يجلس عليه مع الأصدقاء والأصحاب، في اليوم الأول اتخذ زاويةً معينةً من زوايا المقهى وجلس جلسة الملوك والأمراء ووضع الجوهرة أمامه، فبهر بها أعيُن مرتادي ذلك المقهى، فتهافتوا عليه لإمعان النظر بها بما أنها هي المرة الأولى التي يرونها فيها.
وفي الثاني اتخذ زاوية أخرى ووضع الجوهرة أمامه وتكرر المشهد ذاته من الناس، وكذلك في اليوم الثالث والرابع وهلم جر، إلى أن بدأت تلك الجوهرة تفقد بريقها ولمعانها شيئا فشيئا في أعينهم حتى وصل بها الحال أنها ما عاد يلفت أنظارهم لمعانها وبريقها، وما عادوا يعيرونها أي اهتمام فقد ملت أعينهم لكثرة ما رأوها.
هكذا هو الحال مع النقد المتكرر إن صح التعبير أياً كانت أهدافه سواء أكانت بناءة أم هدامة، نحن أشبه ما نكون أننا ندور في حلقة مفرغة، اسطوانة مشروخة ونقد متكرر في كل عام للفعاليات والمهرجانات والاحتفالات العامة.
النقد هو هو والأهداف هي هي لا تتبدل، فقط الأسماء والمسميات هي التي تتغير، نقاط حددناها مسبقاً لأنفسنا في تلك الحلقة التي اعتدنا الدوران فيها بقصد او بغير قصد، نقف عندها في كل مرة نصل إليها، نبحث عن ثغرة لنشبع الحديث فيها، ومن ثم نسير إلى أن نصل الى النقطة التالية التي اعتدنا ان نقف في كل مرة عنده لنعيد تكرار الحديث من جديد فيها، بالأمس مهرجان واحتنا فرحانا واليوم مهرجان الدوخله وغدا التطبير واللطم ومضايف عاشوراء الحسين وبعد غد فعاليات وبوابات الاحتفال بالنصف من شعبان.
حديث مُعاد مع تغيير بعض الألفاظ ونقد مكرر مع تبديل المسميات وكأن صلاح المجتمع وفساده متوقف على إثارة الحديث في هذه الزوايا الضيقة، ارحموا أنفسكم قبل أن ترحموا عقولنا، نحن لا نطلب منكم الصمت او السكوت عن كل ما ترون انه سيئ ويستحق إثارة الحديث حوله.
ولكن نطلب منكم البحث عن نقاط أخرى نقاط مختلفة لامعة براقة تستحق الوقوف عندها وأثيروا الحديث حولها وسنضع أيدينا في أيديكم، فتكرار الحديث في شيئاً معيناً او نقده المتكرر بعيد عن الأهداف لا محال سيفقده بريقه ولمعانه ولن يكون له أي أهمية بعد مدة من الزمن.