عبدالعزيز قاسم من التضليل الصحافي إلى الرؤية المقلوبة
يبدو أن عبدالعزيز محمد قاسم يعاني من مشكلة الزهايمر الصحافي، وقد تكون سببًا في ضياع الرؤية واستمرار التضليل الإعلامي من خلال مقالاته المنشورة في صحيفة الوطن السعودية.
ففي العدد الصادر يوم الاثنين 7/1/2013م، نُشِرَ مقال لعبدالعزيز قاسم بعنوان: (مع أبناء القطيف)، يتحدث فيه عن المعتقلين الأطفال، ويناشد وجهاء القطيف من أجل إيقاف المظاهرات بل كل ما يمت بصلة إلى التعبير السياسي. قاسم كان مصرًّا على زيارتهم في السجن في محاولة لاستشراف بعض أفكارهم بحسب تعبيره, وفي عالم الصحافة عند محاولة فهم ظاهرة سياسية أو اجتماعية؛ لا تبدأ عملية التحقق من النهاية كما فعل قاسم في زيارته التي لا تختلف كثيرًا عن دور المحقق الأمني (المخبر).
الصحافي والكاتب الجاد هو الذي يحضر الحدث عن قرب ويلتقي بالشباب الذي يتظاهر في الشارع ويسمع منهم مباشرة, لا حينما يكونون في قبضة السلطات الأمنية! كيف لهؤلاء الشباب أن يعبّروا عن كامل ما يؤمنون به وهم يعلمون تمامًا خطورة ذلك عليهم!
تحوَّل قاسم بقدرة قادر من الكاتب والصحافي إلى المحقق والقاضي في زيارة واحدة.. "ألفيت أنّ غالبية تصرفاتهم الخارجة عن القانون والتي تستحق العقوبة", ويستمر بدور المحقق مؤكدًا أن اثنين من الأطفال المعتقلين (دون سن الثامنة عشرة) متورطين في تجارة السلاح!!
هكذا قاسم وبكل بساطة بزيارة واحدة عابرة استطاع تأكيد استحقاق العقوبة (التي لم يتحدث عن طبيعتها) وأن بعضهم تاجر سلاح.
ويختم قاسم زيارته بالحديث مع معلم أربعيني وأنه وقع في خطأ فادح وأنه يشكر وزارة التربية والتعليم أنها ما زالت تقدم نصف راتبه ويطالب بتخصيص مبلغ ألفي ريال لوالده.
النتيجة التي خرج بها قاسم تستحق أن تسجل في أفلام الكوميديا السوداء، فهو اختصر الأسباب والمسببات في الجانب الاقتصادي، ويعتبره هو المحرك الأساس في المظاهرات متجاوزًا تاريخًا طويلاً من الظلم المتمثل في التمييز الطائفي الممنهج الواقع على أبناء الطائفة الشيعية.
الزهايمر الصحافي يخرج لنا أمثال قاسم الذي لا يجيد أبجديات العمل الصحافي والإعلامي, فهو يحاول أن يصوِّر نفسه أنه موضوعي ويتمتع بالمصداقية, فهو يدعي أنه لم يحرص على زيارة أفراد من حزب الله الحجاز رغم أنه لا وجود له على أرض الواقع إطلاقًا في الوقت الراهن, وكأن قاسم يريد أن يربط الشباب بتهم دولية كما هي عادة الصحافة السعودية وإلقاء التهم على حزب الله وإيران!
هل جاءك يا قاسم خبر منع دخول الصحافة إلى مدينة القطيف؟ هكذا قال الياقوت مندوب وزارة الإعلام في المنطقة الشرقية بأن هناك تعميم من أمير المنطقة بالمنع، كما جاء في تغريدات الصحافية إيمان القحطاني في تويتر، وبما أن لك حساب على تويتر أنصحك بمتابعة إيمان القحطاني لعلك تتعلم أهم مبادئ العمل الصحافي.
ويثبت لنا قاسم أكثر أنه عضو في وزارة الداخلية، فيطلب من الوزير الأمير محمد بن نايف أن يستحدث لجنة مناصحة تشبه مناصحة السنة, وحينما يتحدث عن استحداث لجنة مناصحة هو يضع قضية المعتقلين الشيعة بتساوٍ تمامًا مع المعتقلين السنة، بينما الواقع بخلاف ذلك حيث إن كثيرًا من المعتقلين السنة هم مقاتلين (مجاهدين) استخدموا العنف والسلاح لغة للتغيير سواءً في الداخل أو الخارج وقُتِل منهم ما قتل والبعض تم اعتقاله, بينما معتقلو المظاهرات في القطيف لم يُعْرَف عن أحدهم أنه استخدم السلاح في أثناء المشاركة في التظاهر مما يعكس سلمية الحراك وحضارية المطالب.
ويكمل قاسم مقاله في لقاء جمعه مع بعض الشخصيات القطيفية وأبرزها الشيخ حسن الصفار ويدعوهم إلى أن يأخذوا أدوارهم الوطنية المفترضة عليهم!.. "إنكم إن لم تراعوا حساسيّة الظرف، وتقوموا بأدواركم الوطنية المفترض بها عليكم تجاه شبابكم؛ فسترتكبون خطأ كبيرًا". لا أدري لماذا ذكرني ما قاله قاسم في اجتماعه بالشخصيات القطيفية بفلم (مالكوم اكس) حينما تحدث عن الفرق بين الزنجي في البيت والزنجي في الحقل، أو كما تصف الدكتورة مضاوي الرشيد "ليس للعبيد رأي كل ما عندهم اجترار لخطاب السيد"، مما يعكس مستوى بؤس وقلق الجهة التي يمثلها قاسم.
ولا يزال تأثير الزهايمر الصحافي متمكن من ذاكرة قاسم، فهو أعاد فتح موضوع صرف الأموال (الخمس) في داخل القطيف والأحساء بدلاً من إرسالها إلى إيران أو العراق. إن ما طرحه بمثابة ضوء أخضر لإخلاء مسؤولية الدولة عن التنمية الاقتصادية في منطقة القطيف التي هي تعتبر عصب الاقتصاد العالمي ومحاولة تسطيح المشكلة التي في عمقها هو التمييز الطائفي وليس البطالة كما يحاول تصويرها في مقالته.
المضحك المبكي إن قاسم يدعو الدكتور توفيق السيف بأن يكون له دور تنويري تجاه الطائفة بحسب تعبيره وأن يتبنى موضوع توزيع الخمس على الأسر الفقيره! الواضح إن الزهايمر تمكن منه بشكل كبير فهو لا يعلم أولاً أن السيف أخوه رجل الدين البارز الشيخ فوزي السيف والذي تحدث عن سقوط القذافي وأخماس الشيعة في خطبة الجمعة بتاريخ 24/11/1432هـ، ويصف الشيخ فوزي السيف ما يطرح في الصحافة أنه تحريض من قبل الطائفيين للسلطات السياسية وأن المساجد التي تبنى هي قسم من تبرعات الناس وعطائهم وقسم كبير منه هو استئذان من الفقيه أن يصرف حق الإمام للمسجد.
وليس هو الأول في التحريض على الطائفة الشيعية، فهذا الطرح يراد منه أمران؛ الهروب من سؤال التنمية في المنطقة الشيعية، وتوريط الشيعة في سؤال الولاء للخارج وإشغال الناس بها.
إن المتابع لما ينشره قاسم في الفترة الأخيرة يجده يدعو إلى الشفقة، فهو في أكثر من مقال يتحدث عن السجون السعودية وأنها بمثابة فندق خمسة نجوم، فقد كتب مقالاً بعنوان: (جولة في أروقة سجن ذهبان الشهير)، قال فيه إن سجون المباحث جميعها فتحت له بعدما تم إيصال طلبه إلى الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية –آنذاك-: "الإخوة في مركز المناصحة، أوصلوا طلبي لسمو الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية، الذي أوصى بأن تفتح سجون المباحث جميعها أمامي، بلا أيّ تحفظ، وأقوم بزيارتها في أيّ وقت". وهنا يطرح سؤال: لماذا تمنع بعض المنظمات الحقوقية الدولية رغم مطالبتها في التحقيق في قضايا حقوق الإنسان بينما هو يفتح له الأبواب بكل يسر وسهولة؟! وفي مقال آخر له بعنوان: (الأمل عندما يضيء من سجن الطرفية) يصف السجن أنه كإحدى المدارس الثانوية!: "شعرت بأنني في إحدى المدارس الثانوية التي تحتفل باليوم الوطني، ولم أصدّق أنني في عنبر خاص في سجن (الطرفية) بالقصيم".
هكذا قاسم مارس التضليل الصحافي وما يزال مع رؤية مقلوبة في فهم الواقع الشيعي رغم زيارته إلى القطيف وتواصله مع بعض المثقفين ورجال الدين, إنه لا يستطيع الخروج من شرنقة التضليل فهو مجرد عبد عند سيدته وزارة الداخلية.