رصيد الحياة

يمتلك الكثير من الافراد عدد كبير من الاصدقاء كأسماء في دفتر النسيان وحين يذكر البعض الاسماء بحضورهم يفتخروا بعددهم، اصدقاء كثيرون ولكنهم غابوا من ذاكرة القلب وبقيت اسماؤهم تلوح مع ذكراهم البسيط، تباعدوا ولم يبقى منهم الا بصيص ملامح تفنن الزمن في تغييرها مع ندرة التواصل. اشغلتهم الحياة في دروبها ومساعيها التي ترهق النفس، ونسي الجميع ان لهم احبه واصدقاء كانوا يوما اخوة متواصلين بلمسات المحبة، ليكتشفوا فجاة ان ممرات حياتهم خاوية باردة لا حياة فيها وان الصديق الحقيقي رصيد ودعم للأنسان على مدى حياته، فالصديق الوفي طاقة ايجابية ينثر الفرح بحديثه وافعاله المشرقة.

الصداقة كالنبتة تحتاج الى الرعاية والاهتمام بتواصل الود والاحترام المتبادل، فهي عملية تبادلية بين طرفين لا يوجد بها خاسر.

تحتاج الى التجديد ببث الكلم الطيب وحسن الأستماع، تحتاج تواصل مستمر السؤال عنهم وعندما تغيب هذه الروح تغيب معها ملامحهم، ذكرى همساتهم ونعومة ملمسهم في القلب، الاسماء موجودة بالهاتف وارقامهم واضحة الحاجة فقط لتجديد الصداقة بدعسة زر والأستماع لاصواتهم فالصوت لغة تواصل جاذبة بين الأصدقاء.

واروع الفرص التي تسعد القلوب هي تلك المناسبات الأجتماعية التي يتلاقى فيها الافراد ليستعيدوا تلك العلاقات التي غطيت بغبار الزمن، بمجرد ازاحة هذا الغبار ستشرق ذكريات اللقاء القديم لقاء الأصدقاء مرحهم، ضحكاتهم واحاديثهم المضيئة جمال.

الاصدقاء الاوفياء لا يحتاجون الى عدد كبير من الرسائل الباردة المشاعر بل بنوعيتها بشوق المحبة الصادقة في الله، وان يكون التواصل لذات الشخص وبلا مجاملات او مصلحة تغيب فيها الاحاسيس الأنسانية، ومن المؤسف والمحزن ان تتحول المناسبات الأجتماعية الى مأدب ومظاهر فقط بلا شعور قوي برابط متين بين الاصدقاء وكأنه واجب اجتماعي لا غير، بل فرصة ثمينة للقاء ومواصلته بين الاصدقاء، ومن يعتقد ان المناسبات الاجتماعية كواجب فقط ومظهر اجتماعي سيأتي اليوم ويتخلص منها بكل سهولة وتتباعد الأجساد لتتباعد القلوب.

وان لا ندع الركض المتواصل والأنشغال بالحياة وامورها ننسى اهم الروابط الأنسانية والأصدقاء الأوفياء علينا ان لا ننشغل عنهم فالقلوب بحاجة لمن يجدد نبضها بأحاسيس تبقى تدعم مسيرتنا هي روح الصداقة المضيئة للروح.

ولنستحضر مختلف الكلمات الجميلة ونجعلها حاضرة حين اللقاء حتى لا تغيب مفرداتها مع نسيان الصداقة، واجمل الصداقة هي ان الشعور بهم بحاجاتهم، نهتم بقضاياهم ونعيش اهتماماتهم بشكل متبادل، وان نمحي الأنانية الهادمة لبناء الصداقة، فالحياة هي المشاركة بانفاس واريج ينثر عبقه بين الأصدقاء، ومن غير العدل ان ننتظر الأخذ دون ان نعطي حتى لو لم نسأل العطاء، فالمعادن النقية تبادر دون انتظار السؤال.

ولنقرر ان نجعل كل المناسبات الأجتماعية التي تمر بحياتنا هي للتواصل مع الأصدقاء الذين انشغلنا عنهم، ولنأخذ قرارا برد كل لمساتهم الجميلة في حياتنا ولكل من اعطانا من وقته ومن مشاعره، وان نتذكر انهم يوما ما كانوا حولنا كحدائق غناء تجمل حياتنا، علينا ان نعيد الذكريات الجميلة معهم وان نحسسهم بمحبتنا لهم، وبتقديرنا لوجودهم بقربنا، لنسمعهم لغة الحب بالقول لهم كم نحن محظوظون انكم في حياتنا كورود تنثر اريجها بالحياة.

لنتيقن ان الأصدقاء الأوفياء هم الرصيد الحقيقي لزرع الفرح في القلوب، هم رسم الوفاء، هم الاطار الجميل الذي يجمل صور الحياة هم البهاء.