الرَّضَّاعة الخاوية !!

 

 

 

 

أعتقدُ أنَّ ثُلَّةً منكم إنْ لم يكن الأغلب يوافقونني على أنَّنا عشنا و ترعرعنا في أوساط مجتمعٍ فقيرٍ ، واظَبَ على إرضاعنا عن طريق رَضَّاعةٍ فارغةٍ حتى تجوَّفت بطوننا و تبعتها عقولنا ، و عندما كبرنا ، انتفخت تلك البطون المُجوَّفة جَرّاء قلَّة الحركة و النوم بعد الأكل مباشرةً و جَرّاء ضغوط الحياة التي تسبَّبت لنا بالأمراض المزمنة و أمراض الجهاز الهضميّ ، و تحجَّرَت تلك العقول و أصبحت تعاني صعوبة التغيير لأن الأساس لم يكن جيّداً.

أقنَعَنَا مجتمعنا أنَّ إفشاء اسم الأم أو الأخت أشدُّ حُرمَةً من ترك صلاة الفجر ، و أقنَعَنَا أيضاً أنه يجب علينا الذهاب للمسجد للصلاة ، و لكن ما الضير في أنْ ننتشل نعالاً في حال خروجنا منه و لم نجد نعالنا ؟! و أقنعنا أيضاً أنه لا إشكال في أنْ نخرج من البيت حُفاة و نعود إليه شُعثٌ غُبرٌ ، و أقنَعَنَا أيضاً أنَّ الحياة مليئةٌ بالألوان ، لكن لا يحقُ لنا إلَّا استخدام لونين ، الأبيض للرجال ، و الأسود للنساء ، و هذا يعطينا انطباعاً بأن حياتنا إما أبيضٌ و إما أسودٌ و لا تقبل أنصاف الحلول .

و أقنَعَنَا هذا المجتمع أيضاً بحُرمَة عمل المرأة حتى لو كانت تَخيط  ملابس الأطفال أو تحيك معاطف الصوف كي تبيعها و تقتات منها هي و أطفالها الأيتام ، و أباح لنا ذات المجتمع أن يبيع وافدٌ أجنبي الملابس الداخلية للنساء ، و يأخذ قياساتهن بعينيه بعد تحديقه في تفاصيلهن و قبل حتى أن يُبلغنه بها - أي القياسات - !! و أقنَعَنَا أيضاً أن وجه المرأة شيءٌ لا يمكن أن تراه إلَّا في الحج ، كما أقنَعَنَا أيضاً أنّ استلام أو تسليم أيّ شيءٍ باليد اليسار خطأ فادح ، لكن الكذب و الغيبة و النميمة و الغيبة و الإخلاف لا تصنيف لهم.

أقنَعَنَا مجتمعنا أنّ من يأخذ شيئاً بسيطاً لسَدّ حاجته و حاجة عياله سارق حتى لو لَم يُبطن نيَّة السرقة ، لكن مَنْ يُرابي الأموال بالحرام و مَنْ يختلس الملايين و مَنْ يسطو على المال العام هو رجلٌ يستحق التقدير و الإجلال بقَدَر ما سرقه و اختلسه مِنْ مال !!

أقنَعَنَا مجتمعنا أنَّنا أهل الدين و أنَّ الإسلام جاء خصيصاً لنا و أننا كلنا دُعاة و فقهاء و يحق لأيٍّ منَّا الحديث في الدين ، و أنَّ بقية الشعوب ضعيفي إيمان و لا يعرفون الله كما نعرفه نحن !! كما أقنَعَنَا هذا المجتمع بأن للدين مداخل و مخارج كثيرة ، قابلة للتأويل و الاستغلال من قبل البعض لتسيير مصالحهم الشخصية !!

أقنعنا مجتمعنا أن الإنجاز ليس في التفوّق الدراسي و التحصيل العلمي أو نيل براءات الاختراع أو النجاح في التجارة أو في نورانية الفكر ، بل الإنجاز في اختراق النظام و مخالفة الأعراف و تخطّي الأسوار و إزعاج الآخرين ، الإنجاز في التفحيط و الإساءة للمُعلم أمام الطلبة و نكل العامل الفقير و الرقص عند الإشارات الضوئية  ، و تعلَّمنا أن روح التحدي ليست في المنافسة الشريفة من أجل الوصول للهدف ، بل روح التحدي تكمن في الخروج للأماكن بالفانيلة و السروال ، و رفع صوت الأغاني الصاخبة في نهار رمضان و التحرّش بالفتيات جهاراً نهاراً ، و أقنَعَنَا مجتمعنا أنَّ الرجولة ليست مواقف و أفعال و مبادئ و قيَم ، بل الرجولة في الجَسَد و طاقته ، الرجولة في اقتطاع جزء من المصروف لعلبة السجائر منذ سنوات العمر الأولى ، الرجولة في الصراخ و الجعجعة ، الرجولة في ضرب الإناث و الأطفال ، الرجولة في أن نمشي في المقدمة و نجعل أهلينا يسيرون خلفنا في الأسواق .

مجتمعنا الفاضل : شكراً لهباتك التي أغدقتنا بها منذ نعومة أظفارنا ، نحن مدينون لك فعلاً.


تاريخ الميلاد
09 مايو، 1981
السيرة الذاتية
المؤهلات العلمية:
- حاصل على دبلوم المحاسبة التجارية من معهد الإدارة العامة بالرياض عام 2008.
- أدرس حالياً إدارة الأعمال في جامعة الملك فيصل .

الخبرات الوظيفية:
-موظف حكومي في المديرية العامة للشئون الصحية بالرياض من عام 2004 إلى 2008 .
-موظف أهلي في البنك السعودي البريطاني "ساب" بالرياض منذ 2008 و لا زلت على رأس العمل.

مشواري الكتابي:
-كتبت ما يفوق الأربعين مقالة ، و كان معظمها في جريدة "الرياضي" السعودية عندما كان مقرها في المنطقة الشرقية ، كما نشرت أيضاً بعض المقالات في جريدة "الجزيرة" و "اليوم".
-اتجهت للكتابة في المنتديات الثقافية ، و كان من ضمنها "منتدى أزاهير الثقافي".
-اتجهت للنشر على صفحتي الشخصية على الـfacebook و النشر في الصحف الإلكترونية في نفس الوقت ، و على رأسها : شبكة الأحساء الإخبارية ، صحيفة الأحساء الإلكترونية ، مشهد الفكر الأحسائي .
الجنس
ذكر
المعلومات الشخصية
كاتب يرسم صورته في عيون الآخرين من خلال قلمه .. .

بطاقته الشخصية :

الاسم : رائد علي البغلي
تاريخ الميلاد: 05-07-1401هـ الموافق 09-05-1981مـ
مكان الميلاد: الأحساء
ترتيبه بين أخوته : الأكبر
سماته : الطموح ، الصبر ، الكفاح ، الأمل
الاهتمامات الشخصية
الكتابة بأنواعها ، و المطالعة ، و تصفح الإنترنت ، و متابعة كرة القدم .
البريد الإلكتروني
raed.sabb@hotmail.com
الموقع الإلكتروني
http://raedalbaghli.blogspot.com/