«القتلة لا يمثلون السنة» ضحك على الذقون وتخدير موضعي
في البدء رحم الله شهداءنا الأبرار وأسكنهم الفسيح من جنته وحشرهم في الدرجات العليا مع سيد الشهداء، الدالوه قريةٌ من قرى مدينة الإحساء، تقع في الأطرف الشرقية للمدينة، وهي موازية لجبل القارة المعروف شبه عالمياً على المستوى السياحي، لم تكن تلك القرية المتوسطة الحجم من القرى المعروفة وذات الصيت العالي، ولم نسمع يوم من الأيام باسمها يُتداول على السن الناس، ولم ويُذكر على شاشات التلفاز كعنوان من العناوين الرئيسية قبل ليلة العاشر من المحرم الحرام حيث وقعت فيها مذبحة سمع فيها القريب والبعيد، حدثت تلك الجريمة على يد مجموعة من القتلة المجرمين اللذين ينتمون لتنظيم القاعدة المصنف عالمياً منذُ زمن طويل من المنظمات الإرهابية والمتطرفة مجموعة قادمة من خارج المدينة، أي مدينة الإحساء لتنفيذ جريمتهم النكراء بدم بارد، راح ضحية تلك المذبحة تسعة من الأبرياء
لم تكن تلك الجريمة ذات أبعاد سياسية، كما لم تكن بسبب خلافات قبلية واخذ بالثأر لقتيِل قتلوه، او انتماءات عرقية كما يحدث في بعض الدول، وإنما كانت ذات أبعاد طائفية بحتة من الدرجة الأولى، فالقاتل سني والمقتول شيعي كان يمارس شعائره الدينية كما في كل عام منذ مئات السنين للتو انتهى منها، وكان يهم للعودة إلى بيته قبل أن يصل الليل إلى منتصفه، لكن الرصاص، رصاص الغدر والإجرام سلك به طريق آخر وعرج بروحه إلى السماء العُليا إلى جاور ربه الكريم بدل بيته، لا لشيء فقط لأنه ينتمي للطائفة الشيعية.
وما إن حدثت تلك الجريمة وفرّ الجناة حتى قُبض عليهم من قبل الأجهزة الأمنية وعُرفت انتماءاتهم الدينية حتى بانت أبعاد جريمتهم التي تحمل بعد طائفي، على الفور ظهر علينا من أبناء السنة من هم مبررين ببعض كتاباتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعية أن هؤلاء مجموعة إرهابية لا دين لهم ولا مذهب، وإنهم لا يمثلون أهل السنة، وإنما يمثلون أنفسهم
لقد زعم من قال أنهم لا يمثلون السنة وأنهم يمثلون أنفسهم فقط وفقط، هذا القول مزعوم وضحك على الذقون وتخدير موضعي وقتي، ومبررات واهية، صحيح هم لا يمثلون السنة ككل «حتى نكون منصفين ولا نظلم الجميع ففيهم عقلاء رغم قلتهم»، لكنهم يمثلون الفئة الأكبر حجما والأكثر عددا من أهل السنة اقلها في المملكة، بديل الكم الهائل والكبير من التصريحات والتغريد المؤيدة التي قرأنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي سواء بالأسماء الصريحة التي لا تحمل ذرة من الإنسانية، أو الأسماء المستعارة، البعض من تلك التصريحات كان مؤيدا للجريمة بكل أبعادها، والبعض الآخر كان فرحاً شامتا مستبشرا بالخير وكأن الغيث نزل من السماء، والبعض الآخر كان مصفقا، والبعض ما زال مستمرا في التحريض على تكرار جريمة مماثلة لهذه الجريمة، ومن ينكر كل هذا ما عليه إلا أن يعود فقط لقراءة التعليقات على الخبر الذي نُشر في المواقع الإخبارية والمنتديات، ناهيك عن تويتر الذي ضج ضجيجا بمثل هذه التصريحات، لو لم يمثل القتلة أهل السنة وإنهم فقط يمثلون أنفسهم لما رأينا وقرأنا هذا الكم من التصريحات الطائفية المؤيدة للجريمة، لو لم يمثل القتلة أهل السنة لقرأنا عكس ما رأينا من الفئة الأكبر وليس العكس، وإذا كان القتلة لا يمثلون السنة كما زعم ويزعم البعض إذاً ففي أي الخانة نضع هذه الكم الهائل من المؤيدين والفرحين والمستبشرين بالجريمة، هل نضعه خارج نطاق أهل السنة أيضاً ام هم في الأساس جزء لا يتجزأ منه؟ خبروني بربكم
لم تكون هذه الجريمة هي الأولى من نوعها في المملكة أي استهداف البشر من قبل هذه المنظمة الإرهابية المجرمة، فقد تكررت كثيراً جرائم كهذه واكبر منها عبر التفجيرات أو القتل بالرصاص في المملكة، وآخرها الجريمة التي حدثت في الرياض التي قُتل فيها أمريكي في سيارته قبل مدة ليست بالبعيدة عن مذبحة الدالوة، الانتماء واحد والمنفذ واحد مع اختلاف الوجوه، ولكنها الجريمة الأولى من نوعها التي تستهدف مواطنين شيعية ولأول مرّة من قبل هذه المنظمة الإرهابية، وهذه سابقة خطيرة وجرأة لم يسبق لها مثيل من قبل، وإذا لم تتخذ الأجهزة الأمنية إجراءات صارمة وقوية ضد هذه الفئة ومن يقف خلفها من محرضين وفرحين ومستبشرين فكلهم شركاء في الجريمة «بما ان الحدث ما زال بحرارته وان الدم ما زال دافئا ينزف» لا نستبعد حينها تكرر هذه الجريمة مرة أخرى، وقد يحدث اكبر منها طالما إن هنالك من يحرض على الإرهاب الطائفي واستهداف الشيعة بالاسم والإشارة وان هنالك من هو مستعد لتنفيذ جريمة أخرى وما زال يمارس حياته اليومية بكل حرية وأريحية،
في الوقت الراهن الدب دخل في بياته الشتوي «أي نامت الخلية مؤقتاً» وإذا لم يتم القضاء عليه وهو نائم حتما سيستيقظ جائعا عندما يحل الصيف ليبحث له عن فريسة جديدة كي يفترسها من جديد حينها يصعب القضاء عليها وهو مستيقظ.