قراءة في ما وراء نبش قبر حجر بن عدي
تبدوالأحداث في الشرق الأوسط و بالخصوص في سوريا تتسارع نحو أزمة مفتعلة ذات صبغة دينية بعد ما كانت أزمة سياسية خالصة تماما, و يأتي حادث نبش قبر الصحابي الجليل رضوان الله تعالى عليه حجر بن عدي شاهد على حجم التحول المقصود.
حتى ساعة كتابة هده المقال لم يتم التعرف على الجهة التي قامت بهذا الفعل المخالف لكل القيم الإنسانية النبيلة التي تؤكد على حرمة الأموات. ولكن أصابع الأتهام تشير إلى تورط جهات متطرفة دخلت سوريا تحت عنوان الثورة على النظام السوري.
توالت الرودو في وسائل الإتصال الأجتماعية مستنكرة بشدة هذا الفعل من قبل الكثير من المسلمين على إختلاف مذاهبهم مما يؤكد الرفض القاطع لنبشر قبر حجر بن عدي رضوان الله تعالى عليه, و في تغريده للكاتبحسن آل حمادة " يدعون الدفاع عن الصحابة ثم يمتعضون حين يرون من يندد بجريمة نبشر قبر الصحابي حجر بن عدي فأين دفاعهم المزعوم؟!" و يكمل في تغريدة له " من يتجرأو ينبش قبر الصحابي حجر بن عدي هل يؤتمن على الدماء و الأعراض لو حكم في بقعة صغيرة؟ هؤلاء هم خوراج العصر الذين ينتهكون الحرمات . و يؤكد الكاتب أنس زاهد في تغريدة ساخرة " يبدوأنأهداف (الثورةالمجيدة) تحولتمنإسقاطالنظامإلىنبشالقبورتطورنوعيملفت " في إشارة إلى نبش قبر الصحابي الجليل حجر بن عدي رضوان الله تعالى عليه. , في المقابل أكد الشيخ أحمد العاملي في صفحته في الفيسبوك إن جثمان الصحابي حجر بن عدي لم ينقل و إن ما يشاع غير دقيق " إخترعو كذبة نقل جثمانه الشريف و دفنه في مكان مجهول , تغظية على فشلهم و خيبتهم " .
القارئ و المتابع لسلوك و منهج الحركات المتطرفة في تاريخ العالم الإسلامي المعاصر منذ القرن التاسع عشر يدرك تماما إن كل هذه التنظيمات التي إتخدت من العنف و الأقصاء ثقافة تمارسها في الحياة الخاصة والعامة هي ذات أديلوجية واحدة و إن إختلفت المواقع الجغرافية و على سبيل المثال لا الحصر نماذج الجماعات المتطرفة ( تنظيم القاعدة , جماعة أبو سياف, طالبان, مجموعة أبو مصعب الزرقاوي).
حادث نبش القبر يحمل بعدين , الأول مكانة الصحابي الجليل عند الكثير من المسلمين على إختلاف مذاهبهم., الثاني الغاية من وراء نبشر القبر , و بعتبار إن البعد الثاني هو الأكثر أهمية و يشغل الرأي العام سوف أتناوله في الأسطر القادمة.
جاء خطاب السيد حسن نصر الله قبل يومين بشكل غير إعتيادي كما يؤكد الإعلامي غسان بن جدو عبر قناة الميادين " هذه المرة تفادى العموميات و تفادى حتى المقدمات التي كان دائما يتميز بها وتفادى حتى الفهرس المنهجي الذي كان يحرص عليه "و يكمل في تحليله نقلا عن خطاب السيد حسن نصر الله لن يسمحو لسوريا أن تسقط في يد أمريكا و إسرائيل و الجماعات التكفيرية , و يؤكد بن جدو ما قاله السيد حسن نصر الله في ختام تحليله " الرجل قال بوضوح اليوم ( هناك الجيش السوري و اللجان الشعبية و نحن نقدم المساعدة ) إذا هناك قوى الآن و لسنا ندري عن الأعداد الكبرى ولكن بلا شك و واضح من كلام السيد حسن نصر الله أن هناك عناصر من حزب الله تقاتل من أجل الدفاع عن اللبنانين في القصير بالأضافة إلى السيدة زينب"
يبدو إن ردة الفعل كانت أسرع من المتوقع فماكن من هذه التنظيمات المتطرفة إلا البحث عن فعل يخلط الأوراق السياسية بالدينية من أجل إشغال الرأي العام من جهة و من جهة ثانية محاولة لخلق فتنة دينية ذات بعد طائفي.
لو حجزنا تذكرة لرحلة في ذاكرة التاريخ سوف نرى إن هذا الفعل والتهديدات التي تصطحبها أعمال العنف ضد كل ماهو مقدس بدء من حياة الإنسان و إلى مقامات الأموات المسلمين المقدسة بل حتى الدينية و الثقافية لم يكن وليد اليوم , من يذكر تفجير تمثال بوذا من قبل حركة طالبان و هو الذي يعتبر معلم حضاري و إنساني! تم تدمير هذا المعلم بسبب الأديلوجية التي يحملها طالبان. المشهد في العراق ليس بعيدا أيضا حينما تم تفجير المرقدين العسكريين , و محاولة الاغتيال التي تمت بالقرب من مقام الإمام علي عليه السلام و راح ضحيتها المرجع الديني و مؤسس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق السيد محمد باقر الحكيم مع مجموعة من المؤمنين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وكان ذلك في عام 2003.
في باكستان و أفغانستان ما يقارب كل بداية سنة هجرية عربية مع ذكر موسم عاشوراء الحسين عليه السلام يكون هناك ضحايا أبرياء, في ليبيا إنتشر فيدو لجماعة متطرفة تهدم قبور المسيحين كما تم الإشارة في الفيدو الموجود على اليويتوب..
و لو أردنا أن نوغل في التاريخ القديم و نفتح الجراح و ننثر الملح عليها سوف أكتب عن ما جرى من هدم قبور أئمة البقيع عليهم السلام في المدينة المنورة عام 1877 - 1878م الموافق للتاريخ الهجري الثامن من شوّال عام 1344ﻫ ولكن سوف أدعك أخي القارئ تبحث بين ثنايا هذا التاريخ المظلم لعلك تتعرف على المنبع الأصيل لمثل هذه الأديلوجية..
الآنعزيزي القارئ بعد هذا الرحلة التاريخية في مختلف بقاع العالم الإسلامي هل نحن أمام أديلوجيات متعددة أم هي واحدة لا شريك لها!, فمن هو المسؤل الحقيقي وراء هذ الفكر الذي يحصد الكثير من أرواح الأبرياء و يساهم في تشويه صورة الدين الإسلامي القائم على التعددية و المحبة و التسامح و الرحمة.!
إن حادثة نبش القبر الصحابي الجليل حجر بن عدي رضوان الله تعالى عليه لن تكون الأخيرة مادام منبع الأديلوجية العمياء التي لا تعرف سوى لغة الموت والجنس .هذه الثنائية التي لا تجانس فيها و إستطاعوا أتباعها مع سبق الأصرار على جمعها.
رغم فداحة الفعل و غياب الفاعل إلا إن كل الدلائل التاريخة تشير إلى شخصية الفاعل! , مهلا عزيزي القارئ لا تنسى إن أقدس المقدسات حياة إنسان و مع ذلك لم يسلم حتى الأموات من إعادة قتلهم من جديد !