حكم السفهاء!

من القصص الطريفة التي ينقلها التاريخ أن الخليفة هارون الرشيد غضب على ثمامة وكان أديباً بارعاً، فقرر أن يلقيه في السجن لفترة من الزمن، ووكل به احد الجلاوزة وكان اسمه سلام الأربش، وأمره أن يضيّق عليه المأكل والمشرب، وفي أحد الأيام كان الأربش يقرأ القرآن حتى وصل الى قوله تعالى «وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ » وكان يقرأ «المكذبين» بفتح الباء.

فقال ثمامة: يا هذا إن ويل هو وادي في جهنم والمكذبين «بالفتح» هم الأنبياء والمكذبين « بالكسر » هم الكفار، وهم المقصودون في هذه الآية بالوعيد في نار جهنم، فقال سلام لثمامة: قد قيل لي بأنك زنديق ولم أكن اصدق، ثم صار يضيق عليه أشد الضيق، وبعد فترة من الزمن رضي هارون الرشيد عن ثمامة واستدعاه في مجلسه وسأله أي شيء كان اشد عليك يا ثمامة، فقال ثمامة اشد شيء ان تكون تحت حكم الجهاّل، فتغير وجه هارون الرشيد ظناً بأن ثمامة يعرّض به، فقال ثمامة مهلاً يا أمير المؤمنين وقص عليه القصة مع ذلك السجان، فضحك هارون الرشيد حتى استلقى على قفاه.

كثيراً ما يجد أحدنا نفسه تحت سلطة جاهل سواءَ في دائرة حكومية او شركة خاصة ويجد ان معاملاته ومصالحة تتعرض للخطر او لضياع وقته في أحسن الأحوال، فهنا يشعر بالغضب والألم والخوف في آن معاً لأنه يقف عاجزاً لا يجد لغة مناسبة يستطيع ان يتحدث بها مع ذلك الموظف الأعلى سلطة منه والذي يستطيع بكلمة وبجرة قلم ان يعطيه او يمنعه، لأن ذلك الموظف لا يعرف القانون أو يطبقه بطريقة انتقائية ومزاجية.

وكما يقال بأن الحق يؤخذ ولا يعطى فعلى الإنسان الواعي أولاً ان يعرف حقوقه التي يكفها النظام ويتحدث بناءً على معرفة بما له وما عليه، ويؤدي التزاماته كاملة ثم يطالب بحقوقه دون خوف او تردد، فالمعرفة بالنظام والقانون في أي بلد تنير لك الطريق وتختصر المسافات للوصول الى حقوقك كما أنها تجعلك موضع الاحترام والتقدير من قبل الآخرين متى ما عرفت حقك وطالبت به بالقانون.