نخلتان أحسائيتان تتساقطان شعرا في المدينة المنورة

شبكة أم الحمام

تجسيداً للتواصل الثقافي والأدبي بين النوادي الأدبية الرسمية والأهلية، وفي إطار الاحتفالات باليوم الوطني لمملكتنا الغالية، أقام نادي المدينة المنورة الأدبي مساء يوم الأربعاء 2014/9/24م أمسية شعرية للشاعرين علي طاهر البحراني وإبراهيم محمد البوشفيع عضوي ملتقى ابن المقرب الأدبي بالدمام، وذلك في مقر النادي بالمدينة المنورة.

الأمسية التي تشظت شعرا في ثلاث جولات موزعة بين الشاعرين، وأدارها الشاعر أبوالفرج عسيلان، جاءت متنوعه في موضوعاتها وأشكالها الشعرية، حيث برزت قصائد التفعيلة لدى البحراني، وتجلى شعر العمود لدى البوشفيع.

وكان استفتاح الشاعر البحراني بقصيدة عنوانها «أشياء» يتصافح فيها نخل المدينة بنخل الأحساء:

بين المدينة والحسا أشياءُ

كالعاشقٓين هواهما أهواءُ

الله مذ خلق الجمالَ تعانقا

في ذاته فتناثرت آلاءُ

وتشكلا في راحتيه مآذناً

يُدني جواثى في مداه قُباءُ

بجبالها يمتد صوتُ محمد

فترنُ في جرعائنا الأصداءُ

ومن اسطنبولياته يترقرق الغزل، كما في قصيدته «أميرتي في المنفى» التي كتبها من وحي جزيرة الأميرات بتركيا:

يا لشعرك المتمرد كالبحر في وجه الريح

يا لقلبك المتجعد وجعاً كالراية حمراء الخدين

يا لعينيك الثائرتين غضباً من سلطان ذي قلبين

ها أنتِ معي في عرض الريح العاصف حيث يشق الماءُ جدارَ الكون

لا لغةُ البحر كصوتكِ

لا سحرُ التلة كروحكِ

لا لونُ جنان الأرض كسحركِ

ومسك الختام كان بنشيده الوطني الذي رسمه بالكلمات حبا في الوطن وأهله:

وطني رَسُولُ الله يجمعنا

نورا ويفتح أفقنا حرما

عقمت سحائب فكرنا عجبا

وهداه في الأرواح ما عقما

تمتد فيما بيننا لغة

فصحى بعشقك واحداً علما

فانشر على أهدابنا ألقا

وانثر على صحرائنا ديما

وقد علت الدهشة الحضور في مختلف نصوصه التي نثرها على أسماعهم: أشياء - غربة - ريحة هيل - ضجيج الصمت - سلطانتي الأولى - أميرتي في المنفى - انكسارات - متى - واغوثاه - قبسة نور - نشيدي الوطني - كأسي عطشى

أما الشاعر إبراهيم البوشفيع فقد تعددت قصائده بين الغزل والتأمل والوطنية والذاتية، وكانت قصيدته الوطنية «خيمة من وطن» فاتحة قصائده:

وطنٌ أطل الحق من شرفاتهِ

ما زال يشرقُ من سنا مشكاتِهِ

وطنٌ مشى الإيمان في أرجائه

ستردد الأجيال لحن حداته

سيعلم المزمار أغنية الهدى

ويمر صوت الود في نغماته

نقشت خطاه الشمُّ إرث حضارةٍ

حتى غدا التاريخ بعض رواته

ومن قصائده التأملية قرأ من «بئر التأويل»:

يا من تمرون في أرجاء بيدائي

مفخخين بتأويلٍ وإيحاءِ

غضوا بصائركم ما تلكمُ حسكٌ

هذي جراحٌ أغارت فوق أفيائي

وما يمر على أضلاع قافيتي

فذاك حرف يعبُّ الجرح من مائي

لا تتركوا في كهوفي بعض أسئلة

موجوعةٍ تتقصى طيف إيواءِ

لا تقطفوا من ورود النار، ذاك دمي

أشعلته ليشمَ الشِعرَ قرّائي

وختم قصائده بقصيدة «فسيفساء الكون» التي تدعو للتآلف والتعايش والحب:

ماكان لي

سيظل لي

ما كان لك

سيظل لكْ

في الروض نحن كزهرتين تحفنا آلاف ألوان الزهورْ

وفسيفساء اللون أعظم ذكريات نعيم آدمنا القديمة من دهورْ

أرأيتَ لون النخل؟

لا يبدو كلون التين والرمان والعنب الشهيّ

ولا كلون القمح

أو لون الشعيرْ

وهكذا تفاعل الجمهور مع باقي قصائده، والتي منها: نخلة من غزة - كلماتنا الأولى - نبوءة - يأكل الشعر من رأسي - والحب إذا تنفس.

وفي ختام الأمسية أجاب الشاعر علي البحراني على سؤال ورده من الشاعرة مارية الأحمدي حول مدى تأثر الشعر الأحسائي بالشعر الخليجي، قائلاً أن التأثر والتأثير سنة طبيعية في المحيط الواحد، والأحساء ذات علم وثقافة ضاربة في القدم ومقصد لطلاب العلم والأدب لذا فالأولى أن يكون السؤال حول تأثر الشعر الخليجي بشعر الأحساء، وهو ما أوضحه في طيات إجابته.

وفي مداخلة للدكتور عبدالحق الهواس، أستاذ اللغة العربية بجامعة طيبة، أشاد فيها بالتجربة الشعرية للشاعرين مُعتبراً تجربتهما فريدة من نوعها من خلال النصوص التي استمع إليها، وأن تجربتهما الشعرية حقيقة بأن يتم دراستها أكاديميا، مشيرا إلى مهارة البحراني في تطويع الرمز، واستخدام النداءات الداخلية التي تستثير القاريء لاستكناه ما وراء النص، وعن تجربة البوشفيع أشار الدكتور غواص لركوبه القوافي الصعبة بجدارة ودون إقحام مفتعل، وأنه لو عاصر ابن سلام الجمحي لعد قصائده من المقلَّدات.

وفي معرض جواب الشاعر البوشفيع عن سؤال من الشاعر الأستاذ سعيد العواجي حول تجربة شعر الشباب في المنطقة الشرقية، قال بأنها تجربة تبشر بخير، ويكفي لإثبات ذلك الأسماء التي تحصد الجوائز الشعرية طوال العام من جيل الشباب، مع تحفظه على العديد من التجارب التي تعاني كسلاً لغويا.

وأردف كذلك في معرض إجابته عن سؤال حول ارتداد كثير من الشعراء المعاصرين لقصيدة العمود بأن ذلك يعود لطبيعة التحدي الذي يحمله هذا الشكل الشعري الذي يستدعي الاختزال والتركيز مع بث روح الحداثة والإبداع في كيانها، وكذلك استئناس الأذن العربية للإيقاع.

هذا وقد حضر الأمسية مجموعة من الشعراء والأكاديميين والمثقفين والإعلاميين، على رأسهم سعادة الأستاذ الدكتور عبد الله عسيلان رئيس نادي المدينة المنورة الأدبي، ورئيس ملتقى ابن المقرب الأدبي بالدمام الشاعر الأستاذ زكي السالم، والأستاذ نايف فلاح الجهني،. والإعلاميان خالد الطويل وطالب التريكي والشاعر الأستاذ علي جدعان، وآخرون.

وقد أبدى الجميع ارتياحهم وسرورهم لهذه المبادرة الجميلة والتعاون الإيجابي، الذي يزيد من لحمة هذا الوطن وتكاتفه.