ندوة التّناصّ والتَّفَلُّت من القصاص «بحث في السرقات الأدبية وأساليب السراق»

شبكة أم الحمام

أسْتهلَّ مُنتدى القطيف الثقافيّ نشاطه السنوي بمحاضرة للاستاذ الاديب السيد عدنان العوامي بعنوان: التّناصّ والتَّفَلُّت من القصاص «بحث في السرقات الأدبية وأساليب السراق» مساء الاربعاء ليلة الخميس في مجلس المهندس عباس الشماسي.

وادار الاديب أيمن الجشي الندوة وتعرّضَ الأستاذ العوامي في محاضرتِهِ لمصْطلَحِ «التّناصّ» أو «التداخل النّصّي» «المُسْتَحْدَثِ من النُّقّادِ الغربيين في أواخر الستينيات من القرن الماضي ومستحدثتُهُ هي أستاذة اللسانيات البلغارية جوليا كريستيڤا وهو ترجمةٌ للمصطلح الإنجليزي Intertextuality ويُقْصَدُ بهِ التداخُل والعلاقات بين النصوص والذي كانَ مَثارَ عِنايةِ الكَثيرِ مِنَ النُّقّادِ الغربيين والعربِ المُعاصرين»

وبين علاقتِهِ بما اصْطُلِحَ علَيْهِ قديمًا بِـ «السّرقة الأدبية» «التي عرّفَها النُّقّادُ القُدماءُ بأنّها انْتِحالُ معنًى أو أو فكرةٍ أو رأيٍ ابْتَكَرَهُ شخصٌ ونِسْبَتُهُ إلى المُنْتَحِل».

وأوضح المعاييرَ التي وضعها النقد القديم للتَمْييزِ بين السرقة وغيرِها، وأشارَ إلى بعضِ المبادئ التي تَعْتَمِدُها المدرسة النقدية الحديثة في النّظرِ إلى التّداخُلِ والتَّواشُجِ بين النّصوص المعروف بالتناصّ.

واستعراضٍ بعض النّماذِجِ القديمة والحديثة العربية والغربية لِنُصوصٍ يُمْكِنُ أنْ يُتَّهَمَ أصْحابُها «أو مُنْتَحِلوها» بالسّرقةِ الأدبيّة. وبين نماذج السرقات ونصوص منها وأنواعها ووسائل السراق وأساليبهم حيث تطرق الى أن للقدماء معايير تميز بها السرقة من غير السرقة كذلك تعريفات وتسميات تعارفوا عليها لتصنيف انواع السرقات فسموا أخذ المعنى كما هو بلفظه مصالته فان أخذ المعنى وغير بعض الالفاظ فذلك هو السلخ والسلخ عند آخرين ابدال كلمات البيت بأخرى مرادفة لها دون تغيير المعنى كقول بعضهم

دع المآثر لا تظعن لمطلبها واجلس فانك أنت الآكل اللابس

فهو مؤلف من كلمات مرادفة لكلمات بيت الحطيئة الشهير في هجو الزبرقان بن بدر:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فانك أنت الطاعم الكاسي

ثم أجاب الأستاذ العوامي في محاضرته عن عدّة تساؤلات يَطْرَحُها طارِقوا هذا الباب مثل: متى ظَهَرَتْ السّرقةُ الأدبيّة؟

ما هِيَ الأُسُسُ والمَعاييرُ التي نتمكّنُ مِنْ خِلالِها مِنَ الحُكْمِ على نَصٍّ بالسرقة الأدبية؟

وهلْ يُمْكِنُ وَصْفُ الشّروطِ التي وَضَعَها القدماءُ لِتَمْييزِ السّرقة الأدبية بالعدْلِ والإنْصافِ والواقعيّة؟

هلْ النَّصُّ هُوَ امْتِصاصٌ وتحويلٌ لِنصوصٍ أخْرى كثيرة؟ مُفَصِّلًا في نظرية التّناصّ والتداخل بين النّصوص مِنْ حيثُ الشّكل والمعنى

ولَقِيَ الموضوعُ تفاعُلًا بارزًا من الحضور؛ حيثُ كان هُناكَ العديدُ من المداخلاتِ القيّمة شاركَ بها كلٌّ مِنَ الأستاذ محمد رضا نصرالله والذي أشارَ إلى دورِ النُّقّاد في تطويرِ ما اصْطُلِحَ عليه بالتّناص وأشار لِنماذِجٍ مِنْ النّظريّاتِ القديمة في قضيّة تداوُلِ المَعاني، كما شاركَ الشاعر الاستاذ محمد الشماسي بمُداخَلةٍ حولَ دوْرِ الوَرّاقين في تزْييفِ بَعْضِ النُّصوص، وأشارَ المهندس فؤاد الجشي إلى الإرْهاصاتِ التي سَبَقَتْ ولادة مُصْطَلَحِ التَّناصّ وانتِقالِهِ إلى اللغة العربية.

وتساءل الكاتب الاستاذ جهاد الخنيزي عن رأي المحاضر عن ماتقوم عليه التجارب العلمية الحديثة من اعادة التجربة التي قام بها علماء سابقون ويستخدمون نفس الادوات والفروض ومتغيرات التجربة وتقدر من قبل المنهج العلمي وتنشر في المجلات العلمية المحكمة، وهل يعتبرها من التناص او السرقات. كما أشار الى أن مايقارب من تسعين بالمائة من مادة بعض الكتابات هي منقولات ممن سبقهم ويستخدمونها ولم يقل أحد أنهم سراق وتساءل بتفسير الفروق بين الحالتين.

وتحدّثَ الأستاذ عصام الشماسي عنْ دوْرِ المُحْدِثين وصِراعِهِم مع التّقليديّين عبْرَ التاريخِ، وشارك الأديب عبدالله ال محمد حسين والاستاذ صالح الخنيزي وآخرينَ غيرهم بمُداخلاتٍ قيّمة أثرت الموضوع.