دائرة الحياة

كثيرا ما يشتكي الأفراد من أنهم على الرغم من الجهد المبذول والمشقة في تصاريف الحياة إلا أن المنتج لا يكاد يظهر للعيان وأن النتيجة الوحيدة التي يحصلون عليها مجرد إرهاق جسدي ونفسي وشعور بأنهم تحولوا إلى مجرد آلات إلكترونية.

هذه النقطة تؤثر سلبا على حياة الفرد، فالإنسان الآلة يعمل دون أن يتذوق طعما لعمله وهو في سباق دائم مع عجلة الزمن ولكثرة الأعمال المرتبطة به. يشعر أحيانا كأنه وقع في شبكة عنكبوت لا يعرف كيف يخرج منها.

الحقيقة أن الفرد يعيش ضمن منظومة متكاملة من الأفراد يرتبط معهم بعلاقات اجتماعية متعددة، هذه العلاقات تدخله في دائرة الحقوق والواجبات وإذا لم يحسن الفرد إدارة حياته وترتيب أولوياته فلن يحصل إلا على التعب والجهد وسيفقد اللذة في الحياة وتعم أيامه الفوضى.

لكي يتمكن الفرد من إدارة حياته عليه أن يتخيل نفسه مركزاً لدائرة تحيط به، هذه الدائرة هي نفسها وتحيط به دوائر عدة يتسع قطرها كلما ابتعدنا عن المركز.

إن أحسن التعامل مع هذه الدوائر دون أن تتداخل في بعضها ستكون حياته منظمة مفعمة بالهدوء، أما إن تنقل متخبطا دون نظام من دائرة لأخرى فلن يجدي عمله نفعا. كيف يكون ذلك؟

عندما يقوم بترتيب الدوائر حوله بحسب الأولوية تدريجيا وينظم عمله سيكون عمله منتجا أكثر. فالأولوية لدائرة الذات التي يجب ألاَّ يهملها أحد يعطي ذاته حقها من جميع الجوانب المادية والمعنوية، ومن ثم ينتقل للدائرة التي تليها قد تكون الأبناء أو الأم والأب أو العمل ثم الأصدقاء ثم المعارف …الخ. وهكذا ينتقل بنظام وترتيب من دائرة لأخرى كلما انتهى من دائرة انتقل للتالية بسهولة.

الخطأ الكبير الذي يعيق تقدم مسيرة عديد وتطورهم، إهمال مركز الدائرة - الذات - والميل إلى قفز الحواجز حسب المزاج ينتقلون من دائرة لأخرى ينشأ عن ذلك التورط بعديد من الالتزامات في دوائر أبعد ما تكون عن مصالحهم الشخصية بل ربما تعود عليهم بالضرر.

وعندما يعود الفرد لنفسه يجد أنه مفلس معنويا ضاع وقته دون فائدة تذكر غير التعب الجسدي والإرهاق النفسي.

كلمة أخيرة.

إن تنظيم الحياة للفرد مهم جدا لزيادة فاعليته وإنتاجيته، ولكي يتم هذا التنظيم يجب العناية برسم الدائرة المركزية والدوائر التي تليها حسب القرب والبعد من مصلحة الفرد لا مصلحة الآخر.