الغراش يحترف صناعة الفخار 20 سنة ويرأس الحرفيين في مهرجانات القطيف

أصغر فخاري في القطيف

شبكة أم الحمام ليلى الخميري _ القطيف/ تصوير : نايف الضامن

 

رغم قطرات العرق المتفصدة من جبينه والمبللة رقبته، ينشغل بتطويع طين الفخار اللين بأنامله، مشكلا قطعة الفخار المشغولة بدقة وفن من بين يدي فخاري محترف ، يعمل زكي علي الغراش (33 سنة) باحتراف مهني على إخراج قطع فخارية فنية قد تكاد تكون أثرية لجمالها وعتق تشكيلها، وهو شاب سعودي من محافظة القطيف يرتدي بفخر المئزر الملطخ ببقايا الطين المستخدم في صنع الفخار، ويعتبر الغراش من أصغر صانعي الفخار في القطيف، ومن آخر الأشخاص الذين ما زالوا يمارسون هذه المهنة حتى اليوم ، حتى صار يرأس الحرفيين في مهرجانات القطيف ، لكونه أصغرهم.

 

من الحرف الشعبية اليدوية التي كان يستخدمها الأجداد قديماً صناعة الفخار، و تعدّ صناعة الفخار من أشهر الصناعات التي تتميز بها محافظة القطيف، نظراً لتوفر الموارد الطبيعية في المنطقة ومنها الطين الذي يستخرج من البحر. وقد اشتهرت قرية الخويلدية بـ «الطين الخويلدي» الذي يستخرج منها بكميات كبيرة، ويصدّر للخارج، كما اشتهرت قرية القديح بـ «الطين القديحي» الأبيض الذي كان يستعمل للغسيل قبل الصابون. ونوه الغراش بأن الطين المستخدم في صناعة الفخار «نحصل عليه من قاع الأرض عبر الحفر، خاصة الطين الخويلدي الشهير من منطقة مشهورة بالطين وهو يستعمل لدعك الأجسام أيضاً».

 

برع العديد من أهالي القطيف في صناعة الفخار، يقول الغراش: ورثت صناعة الفخار من أبي الذي توارثها هو الآخر أبا عن جد ، وكانت في البداية مجرد هواية ثم بعد ذلك تحولت إلى حرفة اكسب منها لقمة العيش.

 

ويضيف إن صناعة الفخار تتطلب توفير عدة أشياء أهمها الطين والأداة التي يعتمد عليها في صنع الفخار هي الدولاب الذي يدار بواسطة القدمين، وكذلك مشط خشبي صغير للزخرفة، وفرن لحرق الفخار ، فبعد إحضار الطين الناعم يُخمّر في الماء لمدة يوم واحد ثم يوضع على لوح خشبي لمدة يوم واحد أيضاً حتى يصبح عجيناً حيث يُداس بالقدمين حتى يكتمل عجنه ثم يقطع منه ويوضع على سطح مكتبة دولاب الفخار بعد ذلك تدار بواسطة القدمين وتشكل عجينة الطين بواسطة اليدين خلال دورانها حسب الطلب وتعمل عليها الزخارف بالمشط الخشبي ثم توضع في الشمس حتى تجف، بعد ذلك تحرق في فرن الفخار حتى تصبح قوية ولا تذوب في الماء.

 

ويذكر الغراش من أهم مصنوعات الفخار : الزير، التنور، الجرار، الحصالة ، المباخر ، الأواني المنزلية مضيفا إن الأدوات المنزلية الفخارية المستخدمة لشرب القهوة والشاي وأواني الطهيوالفخار الخاص بحفظ الماء يحافظ على برودته مدة طويلة من الزمن كما يعطيه مذاقا متميزا وهو صحيا بالأصل وتقابله سلعة رخيصة الثمن.

 

وحيث ساهم التطور الذي لحق بصناعة الأدوات المنزلية في القضاء على الحرفة، حيث حلت الأدوات البلاستيكية والمعدنية وغيرهما مكان الفخاريات، وضح أنه يتم تصنيع هذه الأدوات البسيطة لتباع في المهرجانات لمحبي التراث ولتستخدم في الديكور.

 

وعن مدى الاهتمام بالفخار من قبل الناس قال الغراش : هناك اهتمام بالفخار كتراث شعبي قديم لكن ليس للاستخدام الأساسي كما في السابق.

 

وبسبب تهدد مهنة صناعة الفخار بالانقراض زاولها الغراش وظل محافظا على تواجدها ، واحترف بجانب صناعة الفخار صناعة التنور المستخدم لإعداد الخبز في منطقة القطيف .

 

وعن كيفية صناعة التنور يقول في البداية تجمع حصى صغيرة بكميات كبيرة ثم توضع فيالماء لمدة يوم (تنقع) ثم بعد ذلك يتم وطأها حتى يتم فرز الحصى للعمل على صناعة الفخار والتنور وذلك بعمل لمسات من الطين ويطلق عليها قاعدة التنور والمدة التي يتم فيها تجهيز التنور تتراوح بين 10 أيام إلى 25 يوم تقريبا حسب حجم التنور، ويضيف تختلف مدة صلاحية التنور حسب استخدام التنور نفسه لكن المدة الافتراضية 6 سنوات وقد تصل 8 سنوات كحد أقصى وبعد ذلك يتم استبداله.

 

و يعتبر الغراش أصغر صانع فخار  في المنطقة، وعن سيرته الذاتية منذ انخراطه في هذه المهنة قال :ورثت المهنة عن أبي وهو ورثها أباً عن جد، وقد بدأت العمل في صناعة الفخار بعمر 17 سنة وما زلت أمارسها حتى اليوم ، شاركت في عدة مهرجانات على مستوى المملكة ، ففي مهرجان الجنادرية شاركت سبع سنوات متوالية حتى صرت معتمدا لديهم ، وفي مهرجان الهيئة الملكية بالجبيل شاركت ست سنوات ، وفي مهرجانات هيئة السياحة بالدمام شاركت سنتين ، وفي مهرجان الخبر شاركت مرة واحدة ، وفي مهرجانات القطيف فأنا رئيس الحرفيين وشاركت في معظم المهرجانات خلال 12 سنه متواصلة .

 

ويذكر الغراش أن توارث مهنة صناعة الفخار توقف منذ زمن، فأنا آخر من ورث هذه الحرفة عن العائلة ومن بين خمسة أخوة لأبي .

 

وأشار الغراش إلى وجود فكرة لعمل مقر دائم للحرفيين ، حتى لا تندثر الحرف القديمة ، وتكون بمثابة مستقطب سياحي ، إضافة إلى الحد من البطالة بشغل الأيدي العاملة .

 

كذلك العمل على إقامة دورات تعليم الحرف اليدوية ، بتوفير مكان يتناسب لإقامة هكذا دورات ، للحفاظ على بقاء توارث الصناعة اليدوية ، وخوفا عليها من الاندثار.

 

كما يقترح الغراش على المسئولين الاهتمام بزيادة المصنوعات الحرفية الفخارية من خلال عمل دراسة جدوى اقتصادية تحدد الأماكن المتاحة لإحياء هذه الحرفة من اجل تأمين فرص عمل جديدة والحد من نسب البطالة المرتفعة بين القوى العاملة  ، مؤكدا بان تطوير صناعةالفخار يرغب السياح في شرائه واقتناءه .

 

وأكد الغراش على  إن توفير حماية للحرف اليدوية ومنها صناعة الفخار حل لجزء من مشكلة البطالة التي تعاني منها نسبة عالية من القوى القادرة على العمل في السعودية، إلى جانب تخليد الصناعات التراثية السعودية .

 

أصغر فخاري في القطيف