الركود الثقافي وأهمية المنتديات واللقاءات الثقافية في توعية المجتمع

تشكل المنتديات الثقافية في القطيف جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والثقافي المعروف بتاريخه الحضاري في المنطقة. ووجدت لتواكب الحركة الثقافية في القطيف. وتعمل على تنظيمها وتنشيط فعاليتها بعض الشخصيات الثقافية في المنطقة.

وأن من أهداف المنتديات الثقافية والاجتماعية أن تكون ملتقى للمهتمين من أصحاب الاختصاص من العلماء والمثقفين ووجهاء المجتمع، ومن أجل زيادة مستوى الوعي الثقافي إضافة إلى تحقيق الترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع بمختلف فئاته العمرية وشرائحه الاجتماعية.

وإن هذه المنتديات الثقافية تمتاز في الغالب أن معظم روادها ممن يتعارفون شخصياً ويتقاربون فكرياً وثقافياً، فهي قد تجمع بين العالم والمتعلم، والأديب والمتذوق، والوجيه والتاجر، والإعلامي والعامي، والأساتذة والطلاب، وغيرهم من أفراد المجتمع وفئاته المُختلفة.

وإنني لحزين جدا لواقع الحراك الثقافي في القطيف وما يصاحبه من ركود وفراغ غير طبيعي وعزوف الكثير من المثقفين والأقلام الادبية والمفكرين ورجال الدين عن هذه المنتديات والتي كانت تشتعل قبل سنوات حيث كانت القطيف تعيش توهجا في تنوع المنتديات والندوات والحوارات الثقافية والاجتماعية المتنوعة والتي كانت تستقطب الكثير من المثقفين والنشطاء الاجتماعيين والذين كانوا يتمتعون برصيد جماهيري كبير نظرا لرصيدهم الفكري والثقافي والاجتماعي.

أن المنطقة وهي تمر بركود ثقافي يتطلب من كافة الشرائح المثقفة ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية والثقافية وغيرها من المهتمة بالشأن الثقافى دور كبير وجهود متواصلة فى المجالات المختلفة من أجل الرقي والنهوض بثقافة المجتمع بما يمكنه من الخروج برؤية أفضل للتعايش وصناعة مستقبله المشرق والمشرف.

ويعول على الثقافة بشكل كبير في مسيرة الحياة على أنها روح الأمة وروح المجتمع، لأن أمة بدون ثقافة أمة لا حياة فيها ومجتمع بدون ثقافة مجتمع ميت والأزمة التي تعاني منها القطيف الحبيبة اليوم هي أزمة فراغ ثقافي نتيجة عدم قوة هذه المنتديات وانحصارها في مواضيع مستهلكة.

إنني مدرك ومتيقن أن جهود الأخوة القائمين على المنتديات تسعى للأفضل في تنقيح هذا المجتمع المليء بالمتناقضات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية وحيث إنني أرى أن نحاول بسرعة في إنقاذ الحراك الثقافي من خلال منتدياتنا كي لا تصاب بالشلل.

إننا أمام تحدي كبير ونحن نصنع هذا الجيل ونحثه على الحفاظ على الموروث الثقافي للقطيف من واقع مسؤوليتنا كي نهيئه للاستمرار في المحافظة على تراث الاجيال إذا لم يكن لدينا تكافل ثقافي نستطيع من خلاله إيجاد أرضية خصبة.

فالحراك الثقافي لا بد من تجديده حتى يلامس تطلعات الشباب، كما أنه لا بد من التفكير في تطوير أساليب ورقة عمل المنتديات الثقافية لتستقطب الشباب المثقف بعيدا عن الاساليب التقليدية المتبعة خاصة في الآونة الاخيرة.

بالإضافة إلى أن شبابنا اليوم يعيش حالة قلق وفزع وتخوف من المستقبل في ظل تفاقم حدة الوضع الاجتماعي والاقتصادي وغلاء المعيشة جرّاء التقلّبات والأزمات الاقتصادية والماليّة العالمية الذي قد يؤدّي إلى انتشار حالة من الإحباط والاستياء ويبقى السعي إلى لقمة العيش هو الأساس دون التفكير في الانخراط في المساهمة والتأثير على صناعة القرار.

إننا أمام تحدي صعب لهذا الجيل وكيفية استقطابه لهذه المنتديات حتى يتطلع على مشاكل المجتمع التي تطرح من خلال هذه المنتديات.

كثيرا من هذه المسببات أبعدت المثقفين والكتاب والمفكرين المخضرمين منهم والشباب عن هذه المنتديات وأسبابها كثيرة ومن أهمها:

ضعف المواضيع المطروحة للتداول واختيار الشخصية أو العنصر المناسب للحوار. وأن أسباب من الفشل الذي يصاحب بعض المنتديات الثقافية هو سوء الاختيار للموضوع أو المتحدث، حيث يلعب التخصص دوره في تحقيق الشمولية والإشباع لما يطرح من جميع النواحي المطلوبة.

ضعف الإعلام بكل جوانبه في الترويج للمنتدى وحضوره بقوة وأسلوب الترويج له في المجتمع من خلال طرحه للإعلانات.

استهلاك المواضيع المطروحة والتي قد لاتهم الشباب أو المجتمع. والتي عمدت في السنوات الأخيرة، فقرات تكريم شخصيات اجتماعية وثقافية وفكرية وغيرها كي تقدم مادتها وتنجز دورتها، هذا لا يمنع تكريم من يستحق التكريم ومن صنعوا تاريخ لهم في سماء القطيف ولهم رصيد ثقافي اجتماعي وعلمي وفكري ولكن هذا يأتي في نهاية الموسم الثقافي حيث تشكل لجنة من ذلك المنتدى كي تختار الشخصيات التي لها شرف التكريم. والتي كان لها حضورا مميزا في المنطقة على مستوى رفيع من النشاط الثقافي والاجتماعي.

هذه بعض الجوانب المهمة التي تضعف الحضور إلى المنتديات الثقافية.

هذا ونحن بحاجة إلى الحراك الثقافيّ في القطيف خاصة أنها قِبلة لكل المجالات والمهرجانات والملتقيات الثقافية وضروري أن يكون المجال الثقافيّ أكثر حيوية، والأهمّ أن يكون للمثقف دور في تسويق أفكاره والتعبير عن اهتماماته ومبادئه خاصةً لجيل الشباب من الكتّاب والأدباء الذين هم بحاجة إلى تنوع ثقافتهم وإشهار أعمالهم ونشاطاتهم ما يحفزهم أكثر على المعرفة والكتابة. وهناك عدة قضايا ومشاكل تسترعي هموم المفكرين والمثقفين على المستوى العلمي والاجتماعي والاقتصادي.

فعلى القائمين على تلك المنتديات الحرص على تقييم ما يقدمونه في اللقاءات لتحقيق تلك الرؤية والرسالة والأهداف التي من أجلها أنشأت. لأن التنوع في طرح الموضوعات واختيار الشخصيات والاعتدال في عرض الفكرة والمناقشة. إضافة إلى التميز في اختيار المتخصصين في طرح الندوات وإدارتها تساهم في نجاح هذه المنتديات.

وهناك عدة قضايا ومشاكل ومعوقات تعصف بمجتمعنا يجب طرحها للتداول والنقاش بواسطة أكاديميين متخصصين كلا في مجاله وإثراء المنتديات بتجاربهم وخبراتهم وحلحلة تلك المشاكل والقضايا.

وبما أن المنتديات الثقافية مرآة تعكس النشاطات المجتمعية بما فيها الحراك الثقافى والاجتماعي والعلمي وهي الوعاء الذي يجمع الشرائح المختلفة للمجتمع مع اختلافاتها وينضوي تحتها مجموعة مهمة من المجتمع وهي شريحة الشباب.

ومن أهم القضايا التي يجب أن تطرح وتتداول على شكل ندوات او حوارات مفيدة تشعل تلك القاعات نسردها في نقاط.

1 - غلا الاسعار قضية لابد من كبح جماح هذه الظاهرة المتفشية لدى التجار أصحاب المؤسسات والشركات التجارية المعنية بذلك.

استضافة كبار التجار في المنطقة أصحاب الشركات والمؤسسات التجارية مع تواجد اخصائيين اقتصاديين يقومون بتحليل تلك المواجهة بعد عرض تقرير مصور عن الندوة المطروحة ورصد الشارع العام في ذلك التقرير، لأن ارتفاع الاسعار تهدد جيوب الفقراء والطبقة الوسطى التي تشكل معظم شرائح المجتمع القطيفي، الذي تعاني شرائحه من تأكل الدخل وضعف الراتب الشهري.

2 - دور الاسرة في المجتمع وبناء قاعدة من الشباب الواعي المثقف والمبدع. كي نبني ونشيد هذا البلد.

3 - السكن وتجريف الأراضي الزراعية وردم البحر وارتفاع أسعار الأراضي في القطيف مما يشكل أزمة سكنية للشباب في تكوين حياتهم وكارثة بيئية تهدد القطيف وسكانها.

4 - مشاكل البلدية مع المواطنين وتعثر المشاريع وفساد المقاولين وإيجاد الحلول من أجل تقديم أفضل الخدمات وتطوير المنطقة وتسيب العمالة الاجنبية بسبب عدم الرقابة، كذلك الحوادث المرورية من أكثر القضايا التي نرصدها وتشهدها المنطقة وتخلف خسائر بشرية ومادية

ويجب ضرورة إعادة النظر في شبكة الطرقات التي تشارك بوقوع الحوادث المرورية خاصة الطرق الرئيسية الطويلة التي تربط المحافظة ببعضها وكذا الشوارع الضيقة داخل القطيف التي تشهد تصدعات بسبب قدم سفلتتها في بعض المناطق.

5 - - المشاريع الاجتماعية ودورها في تطوير الحركة الثقافية والسياحية. ودور رجال الأعمال والمثقفين والمتطوعين في دعم هذه المشاريع من أجل إبرازها والحفاظ على منظومتها الأساسية بحفظ حقوق المتطوعين من الشباب. التطرق حول التراث ومشاكله وأبرز ما يعانيه في بلد يوصف بأنه من أغنى البلدان حول العالم حضارة وتراثا، ومع أن هذا البلد يمتلك هذه القيمة الحضارية وهذا الثراء إلا أنه في المقابل يفتقر إلى أساليب الحماية والحفاظ لهذا الكنز الحضاري الكبير، وأثار القطيف وحضارتها قضية يجب الالتفات إليها فهو الموروث الأسمى للماضي والحاضر لكل أمة فلا حاضر بدون ماضي.

6 - التعليم ومستقبل أبنائنا

تشخيص واقع التعليم، حقوقنا في إنشاء جامعة في القطيف وتأهيل المدارس المتضررة تطوير المنهج والتوجيه، أولويات يجب أن تتصدر اهتماماتنا من أجل أجيال يعيشون واقع مظلم في مسيرة حياتهم إذا لم نهيئ لهم هذه المرافق التعليمية الكاملة والمريحة.

7 - الأسرة القضية الكبرى في وعي المجتمع.

إنها الخلية الأولى في جسم أي مجتمع، فيها تتحقق الحياة الاجتماعية بكل أبعادها، امتزاج العقول، وتلاقح الأفكار، وتفاعل الأحاسيس وتنوع الوظائف يعطي للحياة الأسرية معنى وهدفًا، يحرص كل فرد في الأسرة على ترجمة المعنى وتحقيق الهدف.

ونحن وسط هذه البراكين الملتهبة في المجتمع ظاهرة العنوسة وتعسف بعض الأسر في تحديد مسار أبنائهم في مسيرة التعليم والزواج وغيرها من القضايا التي تعصف بمجتمعنا الأسري الذي هو نواة لمستقبل واعد للمجتمع، إننا بحاجة لطرح مثل هذه القضايا التي كثرت فيها ظاهرة العنوسة والانفلات الأخلاقي للأبناء.

جميع هذه القضايا هى الطريق لإنقاذ الشباب من مشاكله الهامة التى نراها الآن والتى يمكن أن تتحول إلى قضايا النمو الفكري والعلمي والاقتصادي للحصول على مجتمع راقى بشبابه ولكى يتحقق ذلك فلنا أن نبدأ من خلال هذه المنابر الثقافية الاجتماعية.

فعلى القائمين على تلك المنتديات الحرص على تقييم ما يقدمونه في اللقاءات لتحقيق تلك الرؤية والرسالة والأهداف التي من أجلها أنشأت لأن التنوع في طرح الموضوعات واختيار الشخصيات والاعتدال في عرض الفكرة والمناقشة.

لقد بلينا في هذا الزمن بالعجلة وعدم الصبر والرغبة في تحقيق الأهداف بسرعة دون بذل أي مجهود. فالشباب يحقق النشوة والمتعة السريعة من خلال مشاهدة نشاط رياضي أو المشاركة فيه، أو من خلال مشاهدة مسرحية كوميدية أو نحوها، ولكنهم يصعب عليهم الإحساس بمتعة المعرفة التي قد يحصلون عليها من خلال المشاركة في نشاط ثقافي أو الحضور للمنتديات التي تتناول قضاياهم المصيرية حتى يشعروا بمتعة الفائدة من تلك المنتديات، ولقد تطرقت لهذه القضايا مع بعض الأخوة القائمين على مثل هذه المنتديات من أجل الوقوف على مشاكل المجتمع وقضاياه والتي تهم الشباب أكثر.

وختاماً؛ أتمنى من القائمين على هذه المنتديات، وغيرها من الملتقيات الثقافية الأخرى في مختلف المناطق والمدن أن تحرص على إقامة هذه الملتقيات الثقافية التي تُعد رافداً رئيساً وفاعلاً من روافد مسيرة الثقافة في القطيف والتي لها أثر فاعل في مد جسور التعاون والتواصل الثقافي مع مختلف المؤسسات العلمية، والثقافية، والاجتماعية، والتربوية، ذات الاهتمام بالأنشطة المماثلة في المنطقة وفي نهاية الموسم الثقافي يتم فيه دراسة شاملة للمواضيع والقضايا التي طرحت ومن ثم يتم تكريم الرواد والمبدعين والمتميزين في مختلف المجالات والميادين العلمية والمعرفية.

علي حسن آل ثاني كاتب في الشبكات المواقع والصحف المحلية والخليجية