كان أملي لمستقبل الإسلام

هكذا دون سابق إنذار؛ رحل آية الله الشهيد السيد محمدرضا الشيرازي قدس سره إلى الرفيق الأعلى، مخلفاً وراءه قلوبٌ تئن، وعيونٌ تذرف الدموع إلى يومنا هذا. ستُ سنواتٍ مرت سريعاً على رحيله، لكن ذكراه لا زال يصدح ليلَ نهار، ولا زال المؤمنون ينهلون من نبعه الطاهر كلما مرت الأيام والسنين.

رحلَ قدس الله تربتهُ وعلى وجهه الرباني ابتسامته المعهودة التي ما كانت تفارقه، وكأنه يقول لقاتله ”لا يهم قبيحَ فعلكم“، ففي أهل البيت أسوة حسنة.

كان سماحته رضوان الله تعالى عليه هادئاً جداً في سلوكه ولا يكاد يسمع له حسيساً، غير أنه عندما غُيِّب عن هذه الدنيا ملأ الدنيا ضجيجاً قل نظيره، ولا أبالغ إن قلتُ أن الأرض تزلزت لفقده، لأنه ببساطة أحبه الجميع حباً جماً، فكان من الواجب أن يضج العالم لرحيله.

لقد ظن قاتله بقتله سيمحي ذكره، ويخفي آثاره، إلا أن ما كان لله ينمو، كيف ولا والسيد الرضا قدس سره قد نذر نفسه لله ولأهل البيت منذ أن كان في المهد صبياً.

إن الشهيد السيد محمدرضا الشيرازي قدس سره قد مثّل سيرة أهل البيت ، لذلك أوصى المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله الشباب أن يتخذوا منه أسوةً وقدوة في الكلمة التي ألقاها بعد رحيله رضوان الله تعالى عليه، ”لقد كان الفقيد السعيد ممّن يمثّلهم، فاتخذوا منه أسوة، واتخذوا منه قدوة؛ لأنه كان يمثّلهم مع فارق العصمة التي اختصّ الله تعالى بها المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين“.

إننا نعيشُ هذه الأيام الذكرى السنوية السادسة لرحيل واستشهاد آية الله السيد محمدرضا الشيرازي - رضوان الله تعالى عليه -؛ والواجب علينا أن نقتدي بأخلاقه التي كانت تجسّدُ أخلاق أهل البيت . ف ”إن الانسان بحاجة إلى التجسيد فهو أحياناً يؤثر أكثر من الأقوال ومن التاريخ“. وكذلك كان الشهيد قدس سره مجسداً لأهل البيت .

وفي الواقع؛ مهما كتبتُ وسطّرتُ الكلمات عن السيد محمدرضا الشيرازي رضوان الله تعالى عليه؛ فلن أبلغَ وأصل إلى كلمات السيد المرجع الصادق الشيرازي دام ظله فيه. كلماتٌ أجهشَ لها الجميعُ بالبكاء والنحيب، كلماتٌ ذات معانٍ عميقة ”لقد كان أملي لمستقبل الإسلام.. كان أملي ليقود المسيرة من بعدي“، ولكن مشيئة الله شاءت غير ذلك، ولا راد لقضاءه.

كان الشهيد الرضا الشيرازي قدس سره أمل السيد المرجع دام ظله وأمل الأمة كلها لمستقبل الإسلام، وإن كان الموتُ غيّبهُ عنا؛ فإن آثاره لا زالت حاضرةً فينا، وصوته الهادئ لا زال يمدنا بالقوة والنشاط. هو حاضرٌ فينا بفكره وقيمه المحمدية الأصيلة، ولا زال ملهماً للشباب المثقفين والمفكرين وكذلك المؤسسات العلمية.

يصف سماحة السيد المرجع الصادق الشيرازي دام ظله الشهيدَ الرضا قدس سره ب ”أخي في العلم، وابن أخي في النسب“، وكان حقاً عالماً مجاهداً تربى على يديه الكثير من الطلبة والعلماء والمشايخ على مدى سنواتٍ طوالٍ خلال تدريسه بالحوزات العلمية.

يقول السيد محمدرضا الشيرازي - أعلى الله مقامه - ”بعد أيام قلائل لا يبقى أيّ منا على قيد الحياة وتذهب كل أموالنا، ولا تبقى منا إلاّ الأعمال الصالحة، فلنبادر إلى الإكثار منها، ومنها المشاركة في مجالس وشعائر أبي عبد الله الحسين“.

لذلك؛ إن أقل واجب يقوم به المؤمنون تجاه العلماء الربانيون؛ هو إحياء ذكراهم ونشر تراثهم ليستفيد العالم من تلك النتاجات الفكرية، ولتكون لهم صدقة جارية لأرواحهم الطاهرة التي بذلوها لنصرة الديني المحمدي الأصيل.