كي يدوم الحب «2»

كل من الزوجين يطمح في علاقة دائمة متوهجة بالحب مع شريكه الآخر. ولكن ذلك لا يتحقق بمجرد التمني، فالشراكة القوية تحتاج إلى أسس متينة من التفاهم المشترك والتخطيط بعيد المدى.

بعض الناس يعتقد أنه لا يحتاج لتعلم أي شيء عن إدارة الحياة الزوجية، وأنه يمكنه من خلال ما لديه من معلومات وخبرات شفوية تلقاها من هنا وهناك أن يقود أسرته، غافلا عن المعطيات الحديثة للعلوم الإنسانية المختلفة، والتي تمد الإنسان بالمزيد من البصيرة والفهم لمعرفة الأسلوب الأمثل لإدارة بيت الزوجية. نحن نحتاج في الواقع أن نقرأ أكثر وأكثر عن أهم مؤسسة في الحياة حتى نكون أقدر على تنميتها وإدامتها في جو بعيد عن المشاكسة والصراع. فليس من الصحيح أن تكون بيئة الأسرة مشحونة بالخلافات المستمرة التي تعقد العيش المشترك، وتجعل كل واحد من الشريكين يفكر في الهروب مما يفترض أن يكون موطنا للسكينة والوئام، وملجأ من نكد الحياة الخارجية ومنغصاتها. فالغاية المبتغاة من الزواج أساسا هي تحقيق الاستقرار النفسي والسكينة الروحية، كما قال تعالى «لِتَسْكُنُوا إِلَيْها».

من البرامج الجيدة التي انتشرت مؤخرا برنامج رخصة قيادة الأسرة، وهو برنامج تدريبي يستهدف تدريب المقبلين والمقبلات على الزواج على إدارة الحياة الزوجية بصورة تكفل لها الاستقرار والاستمرار، من خلال التعريف ببعض الجوانب الشرعية والنفسية والصحية والجمالية والاجتماعية والإدارية والتربوية الضرورية لحياة سعيدة، وكذلك من خلال إتقان بعض المهارات الأساسية مثل إدارة المشكلات الزوجية والحوار الأسري والتعامل بين الزوجين والإدارة المالية المنزلية.

إن هذا البرنامج وأمثاله يساهم بلا شك في رفع مستوى الوعي لدى الجنسين، مما يسهل التفاهم بين الشريكين، والذي هو مفتاح العلاقة السليمة.

لا نستطيع في مقال واحد أن نشير إلى كل العناصر الهامة التي تلعب دورا رئيسيا في إدامة الحب بين الزوجين، ولكننا سنذكر في عجالة بعض أهم تلك العناصر:

الفهم المشترك: ونعني به فهم كل واحد من الشريكين لحاجيات الآخر. فكما ذكرنا غير مرة أن للأنثى طبيعتها وللذكر طبيعته المختلفة. ومن السذاجة أن يعيش الشريكان فترة طويلة دون أن يفهما هذه الحقيقة البسيطة المعقدة. وقد كتبنا حول ذلك مقالين تحت عنوان: «افهمها تحبك وافهميه يحبك»، ويمكن لمن أراد الرجوع لهما.

ترك العناد: فالشراكة لا تستمر بصورة سليمة إذا تمسك كل شريك برأيه، ولم يكن مستعدا لتقديم التنازلات. فالحياة المشتركة تحتاج لقدر كبير من المرونة والتوافق.

الرغبة الصادقة من كلا الطرفين في إسعاد الآخر، والعمل على تخطي العقبات وحل المشكلات بطريقة الكسب المشترك، لا بطريقة الغالب والمغلوب.

إظهار الاهتمام بالآخر في كل الظروف والحالات وبمختلف لغات الحب، ومراقبة الخزان العاطفي لديه بشكل دائم.

العمل على تحقيق التقارب بين الشريكين في كافة الأبعاد حسا وعاطفة وعقلا وروحا. فلا يكفي التقارب في بعد واحد، فالانسجام يأتي عن طريق التكامل بين الاثنين.

الاهتمام بالمظهر الخارجي والتجمل، لما فيه من أثر كبير على نفس المتجمِّل والمتجمَّل له.

التوسعة المادية قدر الإمكان من قبل الزوج، وتقدير ومراعاة ظروف الزوج من قبل زوجته. يقول تعالى: «لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها».

هناك عناصر أخرى دون شك ربما نستوعبها لاحقا.

دمتم بحب.. جمعة مباركة.. أحبكم جميعا.

شاعر وأديب