إرفع راسك عن كرياسك

 

 

 

أنت تعلم يقيناً بأنّ مجرد وجودك في هذه الحياة هي من أكبر نِعمْ الباري عزّ وجل عليك، لأن الله اختارك لتصنع حياتك بنفسك وتتمتع بالوجود من حولك، فالحياة سياحة فاجعلها راحة، ولا تحولها إلى نكدٍ، وهمٍ، وغمٍ، وهي على كل حال عبارة عن رحلة قصيرة، ومهما طالت فانت راحل عنها لا مُحالة، فاستمتع بكل آيات الجمال الربانية التي أوجدها الخالق جلّ شأنه فيها من أجلك أنت.

إنني هنا لا أحدثك عن الحياة التي لا تساوي شيئاً، ولكنني أحدثك عن حياتك أنت التي تساوي الدنيا بأكملها، ومن هنا عليك أن تستثمر حياتك، وأن تُحسن إستغلال القدرات الضخمة الكامنة واللامحدودة التي أودعها الخالق عز وجل في أعماق ذاتك، فكل المخلوقات في الكون مسيّرة، إلاّ أنت، لأنك المخلوق الوحيد الذي أعطاه الله حرية الإختيار، وإمكانية اتخاذ القرار، فأما أن تصنع قرارك الواعي والمسئول بنفسك، أو أن تتحمّل نتائج ما تصنعه لك تيارات الحياة الجارفة من قرارات قد لا تناسبك على الإطلاق، بل ولربما ترمي بك إلى حيث لا تريد. 

وعندما أقول حياتك أنت فإنني أعنيك بالفعل، ولستُ أعني الدنيا من حولك، وبناءً عليه فإنّ من الصواب أن تستثمر الدنيا وجميع مكوناتها من أجل حياتك، لا أن تضيِّع حياتك وتحولها إلى أزمات زاحفة من أجل الدنيا، لأن عناصر توجيه حياتك هي موجودة بوفرة في هذه الدنيا من حولك وما عليك إلاّ أن تنقِّب عنها وتكتشفها ومن ثم تقوم بتوظيفها لتحقيق غاياتك السامية والنبيلة في كافة الإتجاهات.

وأنت تعلم علم اليقين بأن الله سبحانه وتعالى جلّت قدرته يخلق من عدم، أمّا أنت فتَصنع من وجود، فكل شيء موجود حولك من أجل تسهيل حياتك وتحقيق تطلعاتك وأمنياتك، وما عليك إلاّ أن تبحث وتكتشف وتربط العلاقات لتصنع منها عناصر الحياة، والشواهد على ذلك كثيرة ومتعددة وإلاّ لما وُجدت هذه الإختراعات التكنولوجية الباهرة في كافة مناحي الحياة.  

صدقني - يا عزيزي - بأنّ علو سقف توقعاتك في حياتك يقود إلى علو سقف دوافعك وإصرارك وقدرتك على استثمار مكونات البيئة المحيطة بك من أجل تحقيق السعادة لك وللآخرين من حولك، وإنّ عالمك ومحيطك الشخصي هو من صناعة ذهنك أنت ولا أحد سواك، ولا تنسى بأنّ نفسك عالية فلا ترضى لها المكان المُتدني.

إرفع رأسك ترى دوافعك، اخفض رأسك ينحصر واقعك، واعلم جيداً بأنّ التخيل هو أفضل وسيلة للبرمجة العقلية الإيجابية التي تخزِّن وتستدعي الصور الذهنية المحفِّزة لترسيخ القدرة على التحكم في السلوك الإيجابي، وإنّ تفعيل هذه الصور بصورة متكررة في أحلك الظروف وأصعبها يساعدك للوصول إلى مستويات أعلى من السلوك الواقعي الفعّال الذي يخنق الأزمات بإذن الله.

إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية