هربت الخادمة .. يا وزير نريد حلاً !

 

 

 

 

ما إن قلـبّت جواز سفر الخادمة الأفريقية بين يديّ ، حتى لمحت به ختماً لسفارة بلادي يقول ( الإعدام عقوبة تهريب المخدرات ) ، أي إن بلادنا ستعاقب بالإعدام كل من تسول له نفسه تهريب أي مخدرات إلينا ، وهذا عمل يشكر عليه المسؤولين لحماية شبابنا من المخدرات ، لكن تمنيت أن يوضع ختم آخر بجانبه ، ويكتب فيه ( السجن عقوبة الهاربين والشاردين )  .

يصرف معظم السعوديون ( الطبقة الكادحة ) ماورائهم وأمامهم من أجل الحصول على مدبرة منزل ( خادمة ) ، وخاصة العوائل التي لديها ضروف صعبة ، سواء إجتماعية أو صحية أو ضروف عمل .. فنوقع إستمارة عقد العمل مع المكتب المنسق بإن الخادمة ستكون موظفة منزل ، أو مديرة منزل ، وإنها ستعامل كعضو من العائلة ، وإنها ستأكل مما نأكل ، وتسكن معنا ببيت واحد ، وتركب سيارة العائلة .

وبعد جهد جهيد ، وفتح جيب جديد ، تصل الخادمة وتمضي ثلاثة أشهر من التدريب والتكسير ، ثم يقع المواطن بين أمرين كلاهما مُـر .. فأما ترفض العمل بأي حجة أو تهرب وكأنها فص ملح وذاب كما يقال ! .. فجل الخادمات يعرفن تاريخ اليوم الميلادي بالدقة الذي يحق لهن فيه رفض العمل ، أو البكاء والتحايل على الكفيل بأنها تريد العودة لأبناءها ،  وهو نفاذ ضمان الثلاثة أشهر ، فتنفذن معظمهن الخطة ، وتطبق ماخطط له مسبقاً مع عصابة الخادمات بوطنها ، فتسفر، وتعود لبلادها ، ويرجع لها المبلغ الذي سلمته لمكتب الخادمات بدولتهم كضمان صبرها لثلاثة أشهر ، فتحصل على العمولة ، وبجيـبها ثلاثة رواتب ، بالإضافة إلي ماسرقته من ذهب وحاجيات مهمة من عائلة كفيلها المغبون .. أما بحالة الهروب ، فماعليك أيها المواطن إلا أن تبلغ مكتب الخادمات الهاربات الحكومي ، وأرجع نام في بيتكم وأضرب يد بيد، وكأنك فقدت قطة شيرازية ! وربما القطة أعظم.

من سيعوض خسارتنا المادية التي جمعناها بالحبة وضاعت بالدبة ؟ ومن سيساعد الأم العجوز ، أو الزوجة المريضة المضطرة ، أو يجلس مع أبناء الزوجة الموظفة ؟ ومن الكثير من علامات الإستفهام  التي تطرق بيوتنا وعقولنا ، والمصيبة إن بعض البيوت تتفاجئ بعد فترة زمنية بإتصال مفاجئ من الخادمة ، وكأنها رسالة شماتة الإنتصار ، بأنها وصلت بلادها أو إنها تعمل لدى عائلة أخرى ، وأضرب راسك بالحيط إذا موعاجبك !

رجاء كل الرجاء من المسؤولين وأصحاب القرار ، نريد عقوبات رادعة تضبط النظام مع الخادمات الشاردات والهاربات ، فمن أمن العقاب أساء الأدب ، وبصراحة لقد بلغت قلة أدب الخادمات معنا حد الزبى ! ، وليبدأ العقاب من الخادمة نفسها بوضعها أمام نص القانون قبل أن تنتهكه ، ولنعمل بقانون البصمة الإلكترونية في كل مكان ، ولتعرف إنها لو هربت ومسكت ستوضع بالسجن لمدة سنة مثلاً مع الغرامة المادية ، وكذلك عقوبة كل مواطن ومقيم يأوي أويتستر على خادمة هاربة أو شاردة ، أو يستغلها في قضايا تجارية أو إباحية ، وإنه سيلقى جزاءه بالسجن والغرامة المادية والتسفير والحرمان من تأشيرة خادمة مستقبلاً ، ولا ننسى تمديد ضمان الإستبدال إلي ستة أشهر بدلاً من ثلاثة .

مع الأسف إن الأخبار تقول ، إن بكل مدينة سعودية كثير من المواطنات المخالفات يأوين مجموعة من الخادمات في بيوتهن وأوكارهن ، ومعظمهن هاربات وشاردات، ويتم التجارة بهن بالساعة للعمل بالبيوت ، وخاصة في شهر رمضان ، والإجازة الإسبوعية ، أو ربما التجارة بلحومهن ، ولو تم الإمساك بإحداهن ستنكر ذلك ، بأنه لادليل على المخالفة ،  وستدعي المخالفة إن الخادمة هاربة وطرقت الباب .. وعلى فكرة ، يتم إعطاء الخادمات الجدد أرقام أتصال لتلك العصابات الموجودة بالسعودية ، وقد أعطيت فكرة عن الوضع وماهي ردة فعل القانون هنا ، وإن السعوديين شعب طيب وخلوق ومسالم ، فأجمعي ماشئت من الأموال ، وإذا قبضوا عليك ، فقط توقيف لمدة شهر بمبنى جميل فندقي، وأشرس ماسيعملون هو إنهم سيستبدلون كبسة الغداء الرز بخاري ببرياني حار ، ويتم تسفيرك بطائرة مريحة مع وجبة ومنديل معطر .. والنهاية المواطن المسكين هو الخاسر .. وكأني بلسان حال الخادمة وهي عائدة لوطنها يقول : الحسابة بتحسب وماحد حايشك بأرض النفط !

 

روائي وباحث اجتماعي