الرحيل


 

الرحيل سنة من سنن الكون فكل شئ راحلا . فالصباح يرحل ويأتي الليل , ويرحل الليل ويأتي النهار , وترحل الفصول الأربعة , الطيور , الفراشات , ويرحل الإنسان تارك خلفه الألم ومر الفراق , وأي مر نتجرعه . كلا بكى الفراق . يوما بعد يوم حبيب وصديق , وقريب . بالأمس البعيد رحلوا الكثير من الأحباب , واليوم رحلت الحبيبة الغالية ( فايزة ام احمد بدر ) حقا فايزة بخدمة أهل البيت والبلد الحبيب فازت بأذنه تعالى بالأجر والثواب . عذرا حبيبتي لم استطع تقديم التعازي بادئ الرحيل .ولاارثيك .
 
 بجوار الحبيب المصطفى ) وأنا أقرأ ماتيسر من القرآن هدية مني إلى الغالية مر بخيالي وأنا أقف على قبر الحبية , لم أصدق أبدا بأني أسامرها وهي تحت الثرى . أخبرتها كم أحببتك , وأعتذرت منها بأني لم أزرها وهي على فراش المرض . لم أعلم بأن لك زيارة كونك في العناية يا صديقتي . لقد هزني فراقك وطريقة مغادرتك لهذه الحياة , فقدك كان مصيبة والدمع سال ومازال ولانهايه للدموع . 
 
 كيف لا أبكي ؟ أبكي العشرة الطيبة والتي أمتدت لأعوام وأعوام زانت بالنجمتين ( بتول وفاطمة ) ابكي تلك النظرات التي كانت تكفينا لتترجم مافهمناه واتفقنا عليه من الغير الحاجة إلى الكلام  . وأنا عند بيتها الجديد أخبرتها بأني كنت أحمل لها الكثير من القصص والحكايات الجميلة والمضحكة حال خروجها من المستشفى , كم كنت أشعر بالسعادة وقتها حين كانت تتعالى ضحكاتنا , واسعد عندما  نهم بالتعليق الساخر كلا منا على الأخرى .
 
وهاأنا اليوم أقف على قبرك أدرف الدمع تتعالى صرخاتي يصوت مخنوق لا يسمعه غيري . آه آه منك ياموت تأتي فجأة تقبض أرواحنا بهدوء يجعلنا نتوقف عن الحياة .غابت الشمس معلنة عن وقت صلاة المغرب ودعتها وقلبي يعتصر ألما ودعتها لأني أعلم أن ( فايزة ) تكره تأخير الصلاة حرصا فضيلة وقت الفريضة .اختك ام بتول لم تستطيع تحمل رحيلك . فما حال قيس ( ابو أحمد ) آه على وجدك ياأخي وهنا أقول لك بأن النجوم لا تغيب إنما تسافر لتسعد أناس آخرين بوجودها , بجمالها , بلمعانها , لقد حفظت الأمانة وراعيتها , أحطتها بحبك ودلالك  . فقد كنت الزوج , الحبيب , الصديق , الطبيب , المعلم , والمربي الصالح . نادرا ما نجد هكذا زيجات . هنيئا لك لحفظ الوديعة جعلتها بين روحك , أهديتها قلبك وسنين عمرك , وكانت بالمثل حيث أغدقت عليك بالهدايا فأهدتك( قمرا  وأربع نجمات ) في غاية الجمال جمال العقل والروح والأدب . كنتم مثالا للزواج الناجح ولكن إرادة الله تعالى شاءت أن تكون العشرة بينكم إلى هنا وندعوه تعالى أن نكون من المسلمين راضيين بقضائه . 
 
 يا أجمل النجمات وأغلاها نحن في الأرض ندرف الدمع وهي في السماء قد تشفق بحالنا لإنها بأذنه سعيدة خادمة لأهل البيت ورحيلها يوم رحيل ( كريم أهل البيت ) هنيئا لك حبيبتي هذه السعادة , وهذا الشرف . حبيباتي أن الفراق مؤلم لنا الأحياء , وأيضا للذين أصبحوا في جوار ربهم فالرحيل قد يكون فيه السعادة لإنهم وجدوا حياة أفضل من حياة الدنيا . فاليوم نبكي الأحباب وغدا تبكي علينا , لذا لا يجب أن نستسلم للحزن أبدا . لابد أن نتتطلع للأمل برحمة ( أرحم الراحمين ) فنحن مازلنا ننتظر الصباح , وشروق الشمس , ونتلهف لرؤية ازهار الربيع , وهطول المطر , وابتسامة الرضا . وندعوا بارئنا عند رحيلنا أن نكون بجوار أئمتنا الأطهار ومع من رحلوا من دار الزوال والفناء إلى دار السعادة والبقاء

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
بدر الشبيب
[ أم الحمام ]: 13 / 2 / 2012م - 5:27 م
أختي الفاضلة
نعم، تستحق منك الفائزة الدموع الغزيرة، والكلمات الحارقة..
أشكرك على هذا المقال الجميل الذي كان بودي أن أضيفه للكتيب الذي صدر: الفائزة في مدادهم.
لك مني خالص الدعاء.
2
بتول الساده
18 / 2 / 2012م - 6:53 م
امي الحبيبه ما اروع مشاعرك الصادقه لخالة و أم غاليه رحلت و لكنها كانت و ما زالت و ستظل دائما في قلوبنا .. ارجو من الله ان يلهم اهلها و محبيها الصبر و لنا في أم المصائب السيده زينب عليها السلام أسوه.
الفراق صعب .. فلابد من الألم و لكن لا بد من الصبر و الأمل.