الاحتفال بالذكرى تجديداً للقيم والمبادئ


 

قلائل أولئك الذين مروا في تاريخ البشرية وتمكنوا من أن يعبروا الأجيال والأُمَم والحضارات والثقافات والديانات، فكانوا أكبر من الأمم والحضارات ومن تاريخها، ومن هؤلاء شخصية الرسول الاكرم .‏ عندما يتعرض الإنسان إلى شخصية ؛ لابد أن يلاحظ فيها أبرز تلك الصفات التي اختصت بها ، والخصائص التي تتميزت بها ، فكيف به إذ يتعرض لشخصية أفضل خلق الله ، وخاتم الأنبياء والمفضل من قبل ربّ السماء ! ذلك الرجل الذي حارت فيه العقول.

كان محمد صلى الله عليه وآله وسلم نموذجًا للحياة الإنسانية بسيرته وصدق إيمانه ورسوخ عقيدته القويمة، بل مثالاً كاملاً للأمانة والاستقامة وإن تضحياته في سبيل بث رسالته الإلهية خير دليل على سمو ذاته ونبل مقصده وعظمة شخصيته وقدسية نبوته.

ولنا ان نتكلم عن خصائصه ومعجزاته العظمى ،فكل نبي له في حياته معجزة تبرهن لقومه مدى صدق رسالته وترسيخها في عقول البشر.

ولنا أن نتكلم وبشكل مختصر عن خصائصه التكوينية ؛ فخصائصه التكوينية التي دلت على أكمليته هي تلك الصفات التي اختصه الله سبحانه وتعالى ، وفضله بها على سائر الأنبياء والمرسلين وعلى الخلق أجمعين .

وأعطى الله تبارك وتعالى كل نبي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الآيات والمعجزات الدالة على صدقه وصحة ما جاء به عن ربه  فيه كفاية وحجة لقومه الذين بعث إليهم , وهذه المعجزات كانت وقتية ، انقرض زمانها في حياتهم ولم يبق منها إلا الخبر عنها

وأما نبينا (صلى الله عليه وآله) ؛ فكانت معجزته العظمى التي أختص بها دون غيره هي القرآن العظيم ، الحجة المستمرة الدائمة القائمة في زمانه وبعده إلى يوم القيامة ، كتاب خالد لا ينضب معينه ، ولا تنقضي عجائبه ، ولا تنتهي فوائده ، محفوظ بحفظ الله من التغيير والتبديل والتحريف ، وقد بشره الله تعالى بذلك حيث قال : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون

ومما اختص به رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ؛ معجزة الإسراء والمعراج فقد أسري به ببدنه وروحه ، يقظة من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى ، وهو بيت المقدس في جنح الليل , ثم عرج به إلى سدرة المنتهى ، ثم إلى حيث شاء الله عز وجل ورجع مكة من ليلته.

وهكذا تتجدد كل عام ذكرى عطرة وإطلالة بهية على المسلمين في بقاع العالم كافة ألا وهي ذكرى ولادته  وهو سيد الكائنات وخاتم النبيين (صلى الله عليه وآله).

فلقد كانت ولادته (صلى الله عليه وآله) بشارة كبرى للإنسانية وعلامة مضيئة في تاريخ العرب والمسلمين، وذلك لما يحمل ذلك اليوم الخالد من معاني الانطلاقة الجديدة نحو عالم الإيمان والتقوى وخلاص البشرية من العبودية والوثنية، وقد كان ذلك الميلاد المبارك آنذاك إيذاناً بانقلاب اجتماعي وفكري شامل في جميع نواحي الحياة التي كانت قد خيم عليها الظلام قبل مولده وعمت الفوضى واستغلال الإنسان وهدر كرامته فعمل النبي (صلى الله عليه وآله) الطيبون الطاهرون على تغيير الأوضاع الاجتماعية والمعتقدات الضالة بالحكمة والموعظة الحسنة والدعوة إلى عبادة الله وحده وتحرير الناس من العبودية.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين.

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:
(واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) مشيراً في هذه الآية الكريمة إلى حقيقة، وهي أن دعوة الرسول (صلى الله عليه وآله) دعوة حق وأن الوحدة تكون على أساس الحق وليس على الباطل، وفي الحقيقة أن هذه الذكرى هي فرصة حقيقية من الممكن أن تستغل لرص صفوف المؤمنين من خلال فهم رسالة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كما أراد هو وليس كما نريد، فهناك من يريد فهم الرسول (صلى الله عليه وآله) وفهم القرآن الكريم والرسالة المحمدية كما يريد هو وكما يحلو له ووفق هواه الشخصي، عندها يذهب بعقليته ألى لوراء ويقوم بتصدير الآحاديث المغالطة للاسلام والسنة المحمدية عندها يقوم بجمع

الفتاوى والتكفير ويتهم الفرق ألأخرى بأنها اصحاب بدع وظلال ويستدل بأحاديث لم تروى لا عن رسول الله (صلى الله عليه وأله) ولا عن اصحابه ، فهنا يجب فهم الرسول (صلى الله عليه وآله) وفهم رسالته وتحقيق الأهداف المبعوث من أجلها وأن الهدف الأساسي من الرسالة المحمدية هو بناء الإنسان من جميع النواحي (الفكرية، الروحية، الجسدية) فاهتم (صلوت الله عليه) بالإنسان، لأن الإنسان هو صاحب البناء لذا اهتم به (صلوات الله عليه) اهتماماً كبيرا.
وأضاف إن هناك من يقوم على تفرقة وحدة المسلمين وتمزيقها ويدعي بأنه يحمل رسالة ألإسلام والمسلمين و الأهداف من ذلك متعددة فهذه لا تسمى وحدة، الوحدة الحقيقية هي التي جاء بها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وتحت لوائه فالقرآن الكريم يقول: (واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثيرٍ من الأمر لعنتم) وهذا الخطاب ليس موجهاً إلى هؤلاء الناس فحسب، بل موجه أيضاً إلينا، لأن النبي (صلى الله عليه وآله) عندما مات ترك لنا ما نتمسك به فلا نضل من بعده أبداً، الكتاب والعترة (عليهم السلام).فهم النور من بعده والهداية بهم فتح الله وبهم ختم الله لهذا يجب أن تكون ذكرى منقذ البشرية ذكرى نتحلى بها بخلق جميلة في تعاملنا وحفظ كرامة أمتنا ونبذ الخلافات فيما بيننا وترسيخ القيم والمبادئ لأنسانية فينا من آجل خلق امة واحدة قادرة

على اتصدي لكل من يريد ان يفتك بهذه الآمة وتمزيقها وزرع بذور الشر من فتنة هنا وهناك بين المسلمين وحرب ودمار وتشتت والمساعدة على تحريض العنف وتفشي الجريمة والانحطاط الخلقي السائد هذه الايام في شبابنا من أجل ابعاده عن قيمه ومبادئه التي جاء بها سيدنا ومولاانا النبي محمد (صلى الله عليه وآله ) .

ونحن نقول إن الرسالة المحمدية هي رسالة إنسانية شاملة (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) ومن هذا القول فإن نور الرسالة شع على كافة أرجاء المعمورة تأسيساً لقيام نظام عالمي جديد فيه احترام لحقوق الإنسان من حيث اختياره الدين والعقيدة وكانت بحق اللبنة الأساسية لبناء مجتمع حضاري جديد، وكل عنصر من عناصر الإنسانية من ذكر أو أنثى مشمول بهدي هذا الدين العظيم.

وأخيراً: لتكن ذكرى ميلاد الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) حافزاً لنا على العمل لدنيانا كأننا نعيش أبداً والعمل لآخرتنا كأننا نموت غداً، ولنعمل جميعاً على وحدة الصف والكلمة ولتكن مبادئنا وقيمنا من خلق وقيم محمد (صلى الله عليه وآله)لنترك الشر الذي زرعة لنا اعداء النبي محمد(صلى الله عليه وآله) ونقف في وجه المتربص بنا وبوحدة صفوفنا اننا ونحن نحتفل بهذه الذكرى العطرة التي شرف بها الله العالم بأن ارسل الينا رسوله لكي يضيئ لنا طريق العدل والمحبة والخلق الحسن ،والتعامل وان تسود الإنسانية والرقي في المجتمع ونقطع يد كل من يريد السوء بهذه الآمة وبهذا البلذ.

ونحن في هذه الذكرى يجب أن نتخلق بسلاح الآيمان والعقيدة نترك عنا ظاهرة العنف والسلب والظلم لبعضنا بعض وأن نكون في مستوى ومبادئ هذه الذكرة وأن يكون أحتفالنا بمولد الرسول الآعظم (صلى الله عليه وآله) مولد يعبر عن اخلاق الرسول وقيم الرسول محمد .

لقد تحمل صلوات الله عليه وعلى آله اعباء الدعوة من أعدائه من أجل هذه القيم وهذه المبادئ لابد أن نشعر أننا أتباع منقذ البشرية الذي نحتفل بمولده نحبه ونجلة، ونتأسى بقيمه وأخلاقه ومبادئه وبجميع الأمور كلها في صدقه  صلى الله عليه واله وأما نته، وفي خشوعه وقنوته ،وفي تواضعه وسماحته، وفي دعوته وسياسته، وأن نجعل من هذه الذكرى محطة نراجع فيها سلوكنا ومواقفنا وأخلاقنا  في ضوء هديه صلوت الله عليه. لقد كان (صلى الله عليه وآله وسلم) أعظم الناس ، وأكرم الناس، وأجود الناس، وارحم الناس، وأشجع الناس،وأصدق الناس

اداً فلنستشعر عظمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الذكرى جميل صفاته ، وجلال الخلق الذي جاء به، ولنرفع رؤوسنا فخراً بأن هذا النبي وهذا الدين وهذه الرسالة هي عزنا ومجدنا وتراثنا، ولنعاهد الله سبحانه أن نكون من عباده الصالحين المتقين، وأن نقتدي بنبيه ألأمين والذي هو رحمةً للعالمين (صلى الله عليه وآله) . ومنقذ البشرية من الظلم والعبودية. 

وبهذه المناسبة الجليلة والعظيمة أتقدم الى سيدي صاحب العصر والزمان وألى مراجعنا العظام في كل مكان وألى الأمة الاسلامية كافة بهذه ألذ كرة العطرة  وأتمنى ان يسود في عالمنا المحبة ولإالفة بين قلوب المسلمين  وأن يوحد كلمتهم ويبعد الاحقاد عن قلوبهم ويلم شملهم

السلام عليك يارسول الله ، السلام عليك يانبي الله، السلام عليك يا محمد بن عبد الله، السلام عليك يا خاتم النبين أشهد أنك قد بلغت

الرسالة وأقمت الصلاة وأتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر وعبدت الله مخلصاً حتى أتاك اليقين فصلوات الله عليك

وعلى أهل بيتك الطيبين الطاهرين.

علي حسن آل ثاني كاتب في الشبكات المواقع والصحف المحلية والخليجية