فلنبن أفضل مدرسة في العالم

 

أحاول تحجيم أفكاري وطموحاتي وآمالي وأحلامي الكبيرة كمواطن - أحياناً - كثيراً، لتصبح قريبة جداً من الواقع، ومما يمكن لنا تنفيذه ببساطة وتحقيقه. وأنا هنا، لن أحاول أن أطرح أية فكرة ضخمة، أو بعيدة المنال، أو غير قابلة للتنفيذ والتطبيق فوق أرض الواقع. وهذا طبعاً، إذا كانت الأمة، أو المسؤول، أو المقتدرين في الأمة، يريدون ذلك.

والفكرة البسيطة التي أحاول إثارة الحديث حولها وطرحها هنا اليوم، واضحة من العنوان. وهي فكرة "بناء مدرسة واحدة فقط لا غير" في كل المملكة الحبيبة الواسعة، تكون هي أفضل مدرسة في هذا العالم. وهذا الحلم بالطبع في المنال. والرسالة هنا مفتوحة للجميع بالطبع، وموجهة في نفس الوقت لمن يهمه الأمر.

والكلام هنا مختلف كثيراً عن الحديث عن ترشيح أي من مدارس المملكة، لجائزة أفضل مدرسة في المملكة طبعاً. وهي الجائزة التي تم تدشينها من قبل الأمانة العامة لجائزة وزارة التربية والتعليم للتميز، في بدايات هذا العام 1432 هـ، لتحفيز العملية التعليمية في المملكة. والكلام هنا لا يتعارض بالتأكيد مع تلك الجائزة، ولا مع أهدافها بلا شك بتاتاً، بل يمكن أن يتكامل معها.

وطبعاً، فهذه الفكرة كما أسلفنا واقعية وممكنة، وذلك تؤيده شواهد كثيرة. وقبل الشروع في كتابة هذه المقالة القصيرة، كنت قد طالعت خبراً لافتاً نشره أحد الأصدقاء على صفحته في الفيس بوك،  وذلك الخبر يقول: (حائل توسع شارع طوله 12 كلم بتكلفه 3.5 مليار)، وطبعاً أنا لا أستكثر ذلك على حائل العزيزة، ولا على أي منطقة في هذا الوطن الحبيب، لكنني أريد أن أقول هنا، أن المبالغ اللازمة لبناء أفضل مدرسة في هذا العالم، بلا شك موجودة، وهي أقل من ذلك الذي قد ينفق على بعض تلك المشاريع الأقل أهمية، التي تقام هنا أو هناك، بلا شك بكثير. وإذا كانت المبالغ موجودة فعلاً وليست عائقاً، فلا شك عندي عندئذٍ، أن بناء وتجهيز أفضل مبنى مدرسي، ودعمه بأفضل المعدات والصالات والأدوات والطاقات التعليمية، حينئذٍ، بلا شك أمر واقعي ممكن ومهم وجدير بالاهتمام وجدير بالمتابعة، وليس هامشياً أو ضرباً من ضروب الخيال، وهو في أقل الحالات مساوق في قيمته وأهميته لابتعاث بعض طلابنا الأعزاء للدراسات العلمية في الخارج، والذين تنفق عليهم بلادنا الكثير، سعياً منها طبعاً لرفعة هذا الوطن، وهو في النهاية جهد يصب بقوة في ميدان خطير جداً، هو ميدان صناعة الإنسان في مراحله الأولى، وهو كما أحسب أهم ميادين هذه الحياة.

 وإذا كان البعض سيستشكل على عدالة أن يميز بعض أبناء المملكة بمدرسة هي أفضل مدارس العالم، في حين أن بعض طلاب مملكتنا الحبيبة لازالوا يدرسون في بيوت مستأجرة أو متهالكة، فيمكنني هنا الهروب من هذا الإشكال باقتراح تحويلها لمدرسة موهوبين خاصة جداً، لا يقبل فيها إلا من يجتاز اختبارات مهارات عالية مميزة، كتلك التي تجري في مدارسنا للاختيار لبرامج الموهوبين - التي أعلم طبعاً أنها مما ينخر فيها الفساد ، وتأكلها بعض المحسوبيات المريضة، تحت غطاء السرية -، أو بمقارنتي لذلك القبول للدراسة في تلك المدرسة بالقبول في الحصول على منح الإبتعاث للدراسة في الخارج وبتكلفة عالية، لا يحصل عليها بالطبع من يدرس في الداخل، والقضية في النهاية هنا هي قضية رفعة وتقدم هذا الوطن الغالي على قلوبنا جميعاً، وقضية الدفع به للأمام وللصدارة، وهذا مما ينبغي أن يكون محل تقدير واهتمام ورعاية جميع أبناء الوطن، لأن ذلك في النهاية سيخدم الجميع.

 ومن جهة أخرى، فإنني أحب أن أؤكد، أن بناء أفضل مدرسة في العالم (ولتكن مدرسة متعددة المراحل: ابتدائية - متوسطة - ثانوية، وذلك كي نضمن تأثيراً أكثر جودة وفاعلية وقدرة على الديمومة والاستمرار)، أفضل عندي - إذا تمكن ذلك من إشباع روح الطلاب بالنهم العلمي والرغبة في الإنجاز - من كثيرٍ من تلك الأعمال والمشاريع التي يسرنا أن نتباها بها دائماً أو في كثيرٍ من الأحيان وبين الفينة والأخرى أمام العالم أجمع، سواء كان ذلك الإنجاز واقعٌ في الأرض القريبة أو في السماء. كأن يكون افتتاح أفضل مطار في العالم، أو أكبر مجمع تجاري، أو أفضل حديقة حيوان، وكذا أفضل من تصدير أكثر كمية من الأزهار لأفضل وأعظم دول العالم المتحضر ازدهاراً أو أزهاراً ... الخ، وهكذا.

 وفي النهاية، فقبل أن أختم هذه المقالة القصيرة التي أتمنى أن تكون ذات قيمة وتأثير، فأحب أن أشير هنا إلى أن هناك مقطع فيديو جميل يتحدث عن أفضل نظام تعليم في العالم، وهو مأخوذ من تقرير لقناة (NBC) الأمريكية، يتحدث عن نظام التعليم في فنلندا، وهو منشور تحت عنوان: (Education Finland has best education system in the world NBC NightlyNews_09292010) أتمنى أن يمتعكم بالمشاهدة ... وهو ربما مما يهم (نشطاء التنمية ) في البلد - إن كان لدينا شيء فعلاً في عالمنا العربي والإسلامي اسمه نشطاء تنمية، وأتمنى ذلك - ... والشكر في الختام هنا موصول للأستاذ الفاضل/ سعيد الخباز ... ملهم التفكير في التنمية في قطيفنا الغالية أو على الأقل أحد السائرين في هذا الدرب ... وهذا والسلام مسك الختام.