ماراثون من أجل الصحة !!

 

رداً على الفتاوى التي تحرم وتجرم المسيرات السلمية للتعبير عن الرأي، نقول : لو كان النبي بيننا لتظاهر معنا !، وهذا ليس من وحي الخيال أو التخرص، بل هي حياته العظيمة تعلمنا أنه حليف الضعفاء والمحرومين والطبقة المسحوقة في أيّ بقعة في العالم وفي أيّ برهة من هذا الزمن الممتد للأبد، فطي عنق النصوص الشرعية ولي معاني الآيات الكريمة وتحويلها إلى " رصاص " وإرهاب على الشعوب المحرومة والمسحوقة هو " التبدع " الذي يجب أن نقف جميعنا ضده، وكما ورد (... فعلى العالم أن يظهر علمه وإلا فعليه لعنة الله )!، أولم يصرح المصطفى : (فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا...) رواه البخاري، والعجب كيف تقابل الورود البريئة السلمية بطلقات نار هوجاء صماء لا رحمة فيها ولا رأفة؟!، أين الإنسانية التي يتشدق بها البعض؟!، هذه المدرعات والترسانات المسلحة والطائرات التي تجوب الفضاء هي الإرهاب بعينه !!

والضحية هم شباب الأمة الكريمة المتطلعة للنهوض الإصلاح، ولكن المؤسف هو أن الشباب دائماً ما يوضعون أمام فوهة المدفع، أما الآخرون فيقفون في الخلف أو للفرجة، من قال أن المبادرات السلمية والنزول للشارع من أولويات الشباب؟!، نحن نقول : كلا، فالمسئول الأول هم العلماء (العلماء قادة)، ومتى يكون القائد الملهم جليس الدار وحبيس الجدار؟!، الأمة اليوم لا تعترف بالعالم الرعديد، فالخطب الرنانة والمقالات المزوقة والكلمات الفاقعة لا ترضي الجماهير إذا ما خلت من روح التطبيق على أرض الواقع فهي كزبد البحر الذي لا ينفع الناس، ولن تكون عوضاً عن المشاركة والحضور الفاعل، هل موجة الإصلاح وسنامي التغيير الذي يمكث في الأرض على عاتق الشباب فقط أم أنّ للعالم دور أكبر؟!، هذا سؤال نضعه لنرى الإجابة على أرض الواقع، وإلا فإن المقنعة المقاومة – على حد التعبير – هي أكثر شرفاً وعزاً من العمامة الحائرة الخائفة التي تنزوي عن مقارعة الخصوم، أما كان أولياء الله يتلقون الجراحات في وجوههم وصدورهم العارية؟!؛ لكونهم هم الطلائع لا الأذناب !، فنحن نفخر بالعلماء القادة الذين يقفون في الصف الأول رغم رشق الرصاص !!

نحن نرفض العالم الواجهة، والواجهة العلمائية المفرغة من المحتوى، ونشيد بالعالم العامل المتحرك - "من علم عمل " – الذي يترفع أن يبقى شكلاً وديكوراً ليس إلا ..

ولنا هنا همسة شفافة إذا كانت الحكومات تمقت التغيير فإن الشباب هم الخصم؛ لكونهم دعاة التغيير، بل هو فطرة أودعها الله في عروقهم ودمائهم، فلماذا لا يفتح الحكام قلوبهم لشباب الأمة؟!، أوليس الشباب هم الأمل والمستقبل الذي تكتحل بهم العيون وتأنس لملقاهم النفوس؟!، لماذا لا يدعون البروج العاجية لمقابلة الشباب والاستماع لمطالبهم المشروعة؟! فلو اتسعت الصدور لوجدوا أن الشباب أرق أفئدة وأطوع للمرونة والتقبل، أم أنّ الحوار الوطني لا يخص شريحة الشباب المتعطش لإبداء رأيه ولو بكسر القوانين التي تمنع المظاهرات التعبيرية والسلمية؟!، لكننا نخشى أن يوضع هذا الحل في مرحلة متأخرة حينها لن يؤتي ثماره، بل لن يُقبل كما هو الحال في دول الجوار !!

لن يتعب الشباب " فتية وفتيات " من المطالبة، فالمسيرات لهم بمثابة المشيء من أجل الصحة، فالجلوس يسبب لهم الأمراض ويزيد من ارتفاع السمنة والبدانة التي تتكدس على شكل كروش وهضاب مقيتة ومتعملقة لا تنسجم مع روح الشباب الرياضي الرشيق، فهذه المسيرات في نظرهم  لون من ألوان الرياضة وتحقيق الذات والطموح، هم اجتماعيون ويأنسون بخوض المغامرات وملاقاة الأحبة في خروج مهيب يغري نهمهم وتمردهم وعزفهم الجماهيري الرخيم، فنجد الواحد منهم يقدم لصديقه وصفة رجيم فاعلة في خوض هذه المسيرات، بل هم يتخيرون أوقاتهم بعناية لتحلوا لهم هذه الرياضة المجنونة !!

الشباب هم رهان الأمة، وهم قلبها النابض، فإذا استخدمت الإبادة العسكرية لتصفيتهم فإن الوطن سيأكل نفسه، وسيُقرأ السلام على أمتنا !!
رحمك الله يا أمة محمد، على هذه الأوضاع السيئة التي يندى لها الجبين ..

رحمك الله يا أمة محمد، فالشباب يُسحقون ويطلق في وجوههم الرصاص؛ لمجرد رفع زهور يطالبون بها انتزاع الحيف والظلم العميم !
كل ذنبهم أنهم يسعون لحياة كريمة يلبون احتياجاتهم الملحة !!

لا ريب أن من يرفض التغيير هم أصحاب الثراء الباذخ، والملك الفاحش العضوض الذي يخشى على نفسه وثرائه من أقل هبة ريح تلقيه في مكان سحيق، إلا أننا نطمئنهم أن لا تخافوا، فالشباب لا يطمحون إلا في الكرامة وأخذ الحقوق كاملة غير منقوصة !