حوار شبابي مع المجلس البلدي

أكثر من أربعين شابًا قدموا من مختلف مدن وقرى القطيف للقاء نائب رئيس المجلس البلدي بمحافظة القطيف المهندس نبيه عبد المحسن البراهيم ومحاورته بمنزله المكرم ببلدة العوامية ليلة الإثنين 5 رمضان 1431هـ. اللقاء الحواري الذي استمر لأكثر من ثلاث ساعات متواصلة وحضره رئيس المجلس البلدي المهندس جعفر الشايب، كان وبامتياز لقاء شفافًا وصريحًا للغاية، تناول في جنباته تقييم الدورة الأولى للمجلس والتي شارفت على الإنتهاء، كما تناول هموم المواطنين وآمالهم من المجلس في الدورات القادمة.
لقد كان لي شرف حضور هذا اللقاء الرمضاني المتميز والمشاركة فيه، ونزولاً عند طلب بعض الأخوة المشاركين، أقدم ملخصًا لأبرز النقاط التي تم التعرض لها في ذلك اللقاء لتعميم الفائدة وليطلع المواطنون ولا سيما الناخبون على ما دار فيه.

بداية تجربة المجالس البلدية

بدأت تجربة العمل البلدي في المملكة قبل أكثر من 70 عامًا، ولكنها توقفت في التسعينات الهجرية، لتعود من جديد عام 1426هـ. جاءت استعادة تجربة المجالس البلدية سريعة، وكشفت الشهور التالية أن جوانب قصور عديدة لازمتها وأدت إلى بدء عملها في السنة الثانية، إذ كانت مستندة إلى قانون العمل البلدي لسنة 1397هـ بآلياته ومواده التي واكبت تلك المراحلة وأخفقت في مواكبة هذه المرحلة الجديدة، وهو ما حاولت تداركه وزارة الشؤون البلدية بالعمل على إعداد لائحة المجالس البلدية والتي لا زال العمل على إقرارها قائمًا حتى هذه اللحظة. وبهذا كانت التجربة متعثرة منذ البداية، إلا أن بدايتها في حد ذاتها أعطت دَفعة كبيرة لآمال المواطنين في تسريع الإجراءات البلدية وتحسن مصداقية القائمين عليها.

تقييم التجربة

"بنينا أحلامًا وردية ثم اصطدمنا بالواقع"، هكذا قيَّم المهندس البراهيم بداية تجربته في المجلس، إلا أنه ذكر أن خيار البقاء في المجلس كان أفضل من الاستقالة من ناحية المصلحة العامة، "فالاستقالة ليست عملاً صعباً، ولكن جميع أعضاء المجلس يرون أن البقاء والمتابعة يمكن أن يقدما حلولاً أكثر نفعًا من الاستقالة".

المهندس الشايب صرَّح بدوره بأن مشاكلاً نظامية وقانونية تقف وراء عدم تبوء المجلس لدور أكبر، وهو ما سبب إحباطات واستقالات لأعضاء مجالس عدد من المناطق في البلاد. وأشار أيضًا إلى أن الكثيرين "يخلطون في مهام ومسؤوليات المجلس مما يسبب تضخم التوقعات"، وبيَّن أن عمل المجلس يختص فقط بالمهام البلدية مثل التخطيط، السياحة، الزراعة، والمياه وما أشبه، والتنسيق مع الوزارات المعنية في هذا الشأن. كما أن من صلاحيات المجلس أن يمارس الرقابة على أعمال البلدية، إضافة للبعد التشريعي في استحداث قوانين وأنظمة جديدة أو مراجعة القديم منها، "فنظريًا الصلاحيات كبيرة وواسعة، ولكن عمليًا هي غامضة وتوجد مشاكل وثغرات كثيرة".

 تحديات وعوائق

لعل أكبر تحدٍّ للتجربة الحالية كان اللائحة التنفيذية القديمة، "فالمفهوم السياسي والاجتماعي تغير كثيرًا خلال 30 عاما"، حسب البراهيم. آلية العمل البطيئة جدًا والتي لا تواكب طموحات أعضاء المجلس ولا المواطن تأتي في المرتبة الثانية هنا حيث أن "أسرع مشروع قد يستغرق 6 سنوات، وهي فترة أطول من فترة دورة المجلس البلدي"! ويواصل البراهيم قائلاً بأن أغلب ما غرسه أعضاء المجلس الحالي من مشاريع، ستحصد نتائجه في الدورات القادمة لا الحالية.

ومن العوائق المهمة أيضًا، عدم توفير الفنيين بالصورة الكافية لتسيير الأعمال بحِرَفيّة، فكل مجلس مخصص له 7 موظفين فنيين، ولكن هذه الوظائف لا تزال شاغرة في أكثر المجالس البلدية.

وما يثير التعجب هنا هو أن يكون عدم تفرغ الأعضاء لأعمال المجلس أحد التحديات التي واجهها المجلس، كما ذكر البراهيم!

[t]"المطبات" العشوائية في الطرقات

أبدى البراهيم موافقته التامة لآراء الحضور في عشوائية المطبات المتوزعة بكثرة في الشوارع والطرقات، فأكثرها ناشيء عن قرارات فورية تبنى في كثير من الأحيان على شكاوى من قبل بعض المواطنين، وتترك الحرية للعامل الأجنبي المنفذ في تحديد الطول والارتفاع والسُمْك والموقع كذلك. وعند مراجعة المواطنين، لا تتم الاستجابة بسرعة لصعوبة متابعة هذه الكمية الهائلة من المطبات.
وما تجدر الإشارة له هنا، هو اعتماد بلدي القطيف لخطوة أكثر عملية من الإجراءات الرسمية المتبعة في مثل هذه الحالات عبر تعيينه لمنسق يتلقى المكالمات ويجري جولات ميدانية مع أي مواطن يتصل لمراجعة المطبات في موقع معين.

إنجازات وطموحات

كان الفصل المالي لبلدية القطيف عن أمانة الدمام الإنجاز الأبرز لبلدي القطيف، "فمنذ عام 1407هـ وبلدية القطيف لا توجد لديها إمكانيات إدارية وفنية لتولي مسؤولية إدارة شؤونها" على حد تعبير البراهيم. كما تم تقليص المدة التي يمكن أن تعترض فيها البلدية على القرارات، وأصبح من الممكن الآن "إلزامها" بالتنفيذ.
 
ومما يذكر في هذا الصدد أيضًا، تحويل الدوائر المفتوحة لدوائر مغلقة، ورفع نسبة الأعضاء المنتخَبين من 50% في الانتخابات الماضية إلى 70% في الانتخابات القادمة، وهذا ما علّق عليه الشايب بقوله: "رفعنا توصيات بأن يكون المجلس منتخَبًا 100%، كما رُفعت توصيات بخصوص مشاركة المرأة".

وأضاف بأن المجلس القادم –كما يبدو- سوف يكون ذو صلاحيات أوسع حسب مسودة الإصلاحات المقدمة للوزارة، ولكن لم يصدر أي قرار رسمي بهذا الشأن حتى الآن.

وفي معرض إجابته على أسئلة الحضور، قال الشايب بأن بلدي القطيف بذل جهودًا جيدة في التواصل مع المواطنين في مدنهم وقراهم، كما كان أول مجلس في المملكة يفتتح موقعًا إلكترونيًا، وأن هناك تواصلاً وتعاونًا مع الأخوة في الأحساء للإستفادة من خبرتهم في السعي نحو "البلدية الإلكترونية". إضافة إلى ذلك فإن المجلس بصدد طباعة كتاب يحوي جميع قراراته لتقدم للمواطن بكل شفافية وصراحة.

بلدي القطيف عمد إلى الإستفادة القصوى من الصلاحيات المتاحة، كما تمكن من التملُّص من الكثير من القيود، وما حل مشكلة مياه الصرف الصحي بسيهات، ومشكلة تحديد بناء القبو بـ 50% في المنازل، وتغطية مياه الصروف، ومشروع النفايات الزراعية إلا أمثلة بسيطة على ذلك.

وأشار الشايب لتكوين "مجالس الأحياء" للمساعدة في تنظيم وتسريع عمل المجلس، وليكون للأهالي دور في تفعيل قضاياهم، وأشاد بمجالس الأحياء الفاعلة في كل من التوبي، الربيعية، وسنابس.

المناطق المركزية (القديمة)

ضمن إجابته على سؤال حول جهود تطوير المناطق القديمة في المدن والبلدات، اعتبر البراهيم ما تحقق في مدينة صفوى نموذجًا ناجحًا في هذا المجال، حيث يتم تغيير بنية فوقية وتحتية بالكامل، كما أن هنالك فكرة إنشاء منطقة سكنية بمعايير حديثة تخدم فئة الشباب، وتجربة صفوى تخضع الآن للدراسة التفصيلية لتعميمها على بقية المناطق. كما أشاد بالمشاريع المتميزة في كل من التوبي، سوق مياس، والخويلدية.

كما ذكر أن هناك مشروعًا جديدًا لتطوير جزيرة تاروت سياحيًا والمحافظة على آثارها، موضحًا أنه سوف يتم اتباع معايير منظمة اليونيسكو العالمية.
 
وفي نهاية اللقاء، وصفه الشايب بأنه كان إيجابيًا، ودعى الشباب للترشح للمجالس القادمة لخدمة القطيف فهي "قطيفنا جميعًا" وللانطلاق برؤية حديثة للعالم.

كان هذا ملخصًا لتفاصيل أهم ما دار في اللقاء الحواري الذي نافَ على الثلاث ساعات كما ذكرت، فشكرًا لعضوي المجلس على رحابة صدريهما وعلى الشفافية الكبيرة، وشكرًا للمشاركين في هذا اللقاء على إثرائهم إياه بأسئلتهم وملاحظاتهم واقتراحاتهم القيِّمة والمركزة للغاية والتي لولاها لما خرج اللقاء بهذه الصورة المتميزة.

هذه السطور هي مجرد ملخص وهي لا تعبِّر بالضرورة عن رأي كاتبها.