بمنتهى الإستهتار !!

كم من الناس : من يسرف ، أو يسيء ، أو لا يُحسن على أقل تقدير إستخدام الأشياء التي هي ملك للغير ، سواء أكان هذا الغير من ذوي القربى ، أو سواهم ، أو الدولة ، في النهاية هو مال لا يعنيه من قريب أو من بعيد ، وبالتالي لا يهمه ان يبدده أو يستخدمه ويستغله بطريقة إستهتارية بعيدة كل البعد عن الشعور بالإمتنان والمسؤولية !!

ولستُ معنياً هنا أن أنقل مشاهداتي المباشرة لتصرفات من يؤمنون حرفياً بتلك المقولة البائسة التي تتعارض مع كل القيم الدينية ، والإنسانية ، والإجتماعية ، والإقتصادية وتؤسس في ذات الوقت لنشر ثقافة اللامبالاة ، وتُرسّخ لمفهومٍ إستهلاكي بغيض يتسبب في إستمرار النزيف القيمي الحاد من حولنا . 

الأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة ، سواء في المنزل ، أو في بيئة العمل ، أو في الحفلات والمناسبات العامة ، أو في الشارع ، أو في النادي ، أو في الجمعية ، أو في المشفى ، وغيرها من محاضن التجمعات البشرية ، فلا يحتاج أي مراقب أن يبذل جهداً مُضنياً ليتعرف على أصحاب ومناصري تلك المقولة المسمومة ، فحيث شطّرت وجهك ستشاهد بوضوح تام ، وبنظام ( HD3D ) كل تلك الممارسات التي تدعوا للشفقة والرأفة على تلك الممتلكات المهدورة عمداً ، وبسبق الإصرار والترصد " وبشطارة متناهية "  . 

البعض ينظر الى الأمر على أنه استفادة وفرصة يجب إستثمارها اليوم قبل الغد    وكأنه يقول بصلافة تامة  : " شعره من جلد الخنزير فائدة  "  حيث يعتبر نفسه أحق من غيره بها ، وهكذا تعوّد ، وهذا ما يراه من سلوك باقي الناس من حوله ، حيث يستنزف هؤلاء البعض بشكل ملفت كل ما أُتيح لهم ، وهذا الأمر يجري في كل مكان . فحينما تبدد الزوجة مال زوجها حتى لا يجلب لها ضرة ، أو حتى لا يسافر إلى هنا أو هناك مع إفتراض سوء النية منها ،  لا يهمها أنها تهدر تعبه.. ، وحينما يستنزف الموظف ممتلكات بيئة العمل لا يهمه ذلك لأنه ليس الذي دفع قيمتها ، وحينما يسرف أفراد الأسرة في الأمور الإستهلاكية والكماليات ويحولونها إلى أولويات لا يمكن الإستغئناء عنها ، يُساهمون في  إفقار عائلهم ، وتكدير صفو حياته ، والتسبب في شعوره بالتوتر والعصبية ، والهروب من المنزل . 

 إن ما أشير إليه هنا يعتبره البعض أمراً بسيطاً قد لا يلقي له بالاً ، لكنه في الواقع خطير جداً لأنه استغلال سيئ لمال من المفترض ان نكون مؤتمنين عليه ، ويتحتم علينا صيانته والمحافظة عليه بشتى السبل .

إذا كنت في نعمة فارعها             فإن المعاصي تزيل النعمْ

قد يتساءل أحدهم مستنكراً ومستغرباً : هل عدم رعاية النعمة يعتبر معصية ؟ إنني أترك الإجابة لكم يا ذوي الألباب ،  تحياتي .

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
فائق المرهون
[ القطيف - ام الحمام ]: 26 / 5 / 2010م - 11:27 م
الأستاذ ابراهيم / وفقه الله
لقد أضحت صفة الإستهتار وتوابعها شائعة إلى درجة ألف المجتمع عليها وتساكن معها , وهي ضاربة جذورها ببالغ الأسف من القمة إلى القاعدة والعكس , فكم من قائد مستهتر يدخل شعبه في أتون معارك خاسرة , ويبدد ثروات بلاده !
وكم من مسؤول أؤتتمن على مال أو سلطة فأساء استخدامها لصالح بطانته وأشياعه !
وكم من معلم أساء الأمانة في أشرف مهنة ولم يقدم لطلابه شيئا , إن لم يقدم سوءا وحسرة !
هل نحتاج لقوانين منظمة وصارمة لردع هذا الإستهتار ؟
أم نبدأ بقوانين داخلية جديدة نعيد فيها النظر بتربيتنا وأساليب تنشئتنا ؟
عزيزي / موضوعك اليوم تكمن أهميته وخطورته في تسييره حياة البشر اليومية , فلك كل تقدير وثناء ودعم.
حماك الخالق من كل مستهتر .
2
ابراهيم بن علي الشيخ
27 / 5 / 2010م - 1:13 م
الأستاذ الحاذق : فائق المرهون
دعوتك إلى الإنقلاب على قافة الإستهتار من المؤكد أننا بحاجة إليها اليوم قبل حلول الغد ، ونماذجك التي صببت قوالبها في سياق مداخلتك سددت جوانب القصور عند الكاتب . دام يراعك في سلام وشعور بالمسؤولية كما عهدته . تحياتي
إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية