وهن البيوت!

انغماسنا في كومة من الخيوط المتشابكة يجعلنا قي حالة من الفراغ اللا متناه مما يعنى عدم الحركة الجسدية في الموقع المكاني بينما الأفكار وتصول وتجول، القوة الجاذبة التي تبقينا في مركز نشأة تلك الخيوط وبدأيتها مما يوهمنا أننا نمسك بطرف الخيط حتى لا نتوهه وسط تلك الخيوط المتشاكة في حين هناك قوة طاردة تخرجنا من مسارات الحركة وتبعدنا عن نطاقات المركز الذاتي فنعلق في وسط خيوط تشابكت تلتف حول أعناقنا؛ وكلما تسارعت حركتنا كلما زاد الخناق.

فالمحصلة النهاية نفوس واهنة ووهن على وهن جذب إلى مستنقع الرذيلة: شيطان”وطرد من الرحمة وتجرد من العواطف الإنسانية ”وحوش ضارية”بدايتها بيوت عنكبوت نُسجت ونفوس هجرت النور وعشعش فيها الظلام وتراكم فيها الغبار وسكنتها الشياطين وفاحت منها الرائحة النتنه، كبرت الشجرة وتفرعت منها الغصون وأينعت الثمار.

الشجرة تحتضن غصونها المتشابكة حولها تلوذ بها في أقسى الظروف لا تفراقها فالجذور قوية متينة غائرة في الأرض تتحمل العناء من أجل توفير الماء والغذاء للغصون، لكي تبقى في حالة التشابك والإلتفاف حولها، فهي تخاف أن تتعرى من أغصانها المورقة، فإخضرار الأوراق يعطيها حيوية وبهاء، الشجرة سعيدة طلما ترى تلك الغصون غضة طرية وتستمد قوتها من قوة صلابة جذع الشجرة وجذورها، تراها تتعانق في فرح وتتراقص على ألحان تغريدات الطيور الزاهية الألوان التي تعتليها، فتتعالى منها ضحكات تملأ الفضاء بهجة، اشتدت الغصون قوة وأخذت البراعم الصغيرة تتفرع منها لتنتج غصون جديدة.

فجأة قصد ت الشجرة جماعة من العناكب السوداء السامة لتسكنها وتنسج شباكها بين أغصانها، قاومت الشجرة احتلال العناكب وحاولت طردها بيعدًا عن أغصانها حتى لا تفسدها نجحت الشجرة في ذلك لكن أحد أغصانها انجذب إلى إغراء تلك العناكب حيث نجحت في تسميمه وإبعاده عن الشجرة الأم، انفصل الغصن عن الشجرة فسحبته العناكب معها بعيدًا عن الأصل، بقيت الشجرة تدرف الدموع على ذاك الفرع المقطوع طويلاً، وتتألم لابتعاده عن بقيت الفروع.

لم تنس العناكب تلك الشجرة التي طردتها عاودت التطفل عليها ومحاربتها بواسطة الفرع المقطوع الذي شرب سم العناكب ونسي الأصل وأصبح شوكة حادة سامة مؤدية، اقترب من الشجرة محاولاً أن يغرس اشواكه السامة في جذعها ليقصم ظهرها ويضعف قواها.

الشجرة ظلت في حالة ذهول فرع من فروعي، انحنت الشجرة في حالة اعياء وتعبت بدأت قواها تضعف وأغصانها تتفرق والأوراق تتساقط حيث وصل السم إلى الجذور، مما أفقدها القدرة على امتصاص الماء والغذاء يبست الأغصان وتساقت على الأرض وتحولت الشجرة إلى أعجاز نخل خاوية تسكنها العناكب تنسج عليها بيوت واهنة ومصيدة للحشرات وينخرها الظلام.

ماتت الشجرة وهي تنوح على الفرع الذي قتلها بسم العناكب وبكى الفرع بعد انقضاء المهمة نعم بكى على الأصل، سالت دموعهما تحت التراب لتحفر لكلاً منهما قبرًا بالقرب من بعض الجذور المتبقية  تعطي حياة جديدة لبراعم تشق طريقها نحو ضوء الشمس وتبدأ الحياة من جديدة.