عساك السعادة!

كانت جدتي رحمها الله دائما ما تدعو لي قائلة: «عساك السعادة» ما يعني، رزقك الله السعادة وهو حقا من أجمل الأدعية على الإطلاق لأن السعادة لا تقدر بثمن. يسألني الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي والذين يرونني مبتسمة ومتفائلة دائما، هل أنت سعيدة؟ تساءلت كثيرا عن معنى السعادة وما الذي من شأنه أن يسعد الإنسان؟ هل هو المال والجاه؟ أم السلطة؟ أم الإنجاز والنجاح؟ أم ماذا؟ يصادف اليوم 20 مارس، يوم السعادة العالمي والذي سيحتفل به العالم أجمع، لكن، ما هو يوم السعادة وهل هو يوم واحد يجب أن نشعر فيه بالسعادة؟

قام الناشط والفيلسوف والمستشار الخاص للأمم المتحدة، جيمي ليان بطرح فكرة يوم السعادة العالمي لإلهام الناس بالاحتفال بالسعادة وحددت الأمم المتحدة يوم 20 مارس يوما للاحتفال بالسعادة تأكيدا على أهمية السعادة بوصفها حقا أساسيا للجميع وقيمة يتطلع لها البشر في جميع أنحاء العالم، وتحفيزا للعالم أجمع على خلق وتتبع نهج أكثر فعالية في الإنصاف والمساواة بين البشر، والقضاء على الفقر، والحث على التنمية المستدامة. ولم يتم اختيار يوم 20 مارس بالتحديد من كل سنة للاحتفال بالسعادة اعتباطا بل لأنه يصادف اعتدال الطقس وبدء موسم الربيع الرائع.

في رأيي، السعادة هي شعور بالراحة والرضا يجتاح النفس البشرية بسبب حدث أو مجموعة من الأحداث تتوافق ومفهوم السعادة عند تلك النفس أو ذلك الشخص. ويختلف مفهوم السعادة من شخص لآخر. فمفهوم السعادة عند البعض هو الاكتفاء المادي والحصول على دخل كاف يلبي حاجات الفرد الأساسية أو يزيد عليها، أو وجود الدعم المعنوي من الأهل والأصحاب والتقدير من الرؤساء، أو الصحة واللياقة النفسية والجسدية، أو تحقيق الأهداف والإنجازات والنجاحات المتتالية. يرى البعض أيضا أن مفهوم السعادة يكمن في العطاء ومساعدة الناس بقدر المستطاع.

عرف أرسطو السعادة على أنها هبة من الله وقسمها لخمسة أبعاد وهي: الصحة البدنية، الحصول على الثروة وحسن استثمارها، تحقيق الأهداف، سلامة العقل والعقيدة وأخيرا نيل السمعة الحسنة في المجتمع والسيرة الطيبة بين الناس. بينما رأى أفلاطون السعادة على أنها فضائل الأخلاق كالحكمة والشجاعة والعدالة. جميلة هي كل تلك المعاني لكن من أجمل معاني السعادة التي قرأتها هي وصول الإنسان لحالة من التوازن بين متطلبات الجسد والروح، وبين متطلبات الدنيا والآخرة، وبين متطلباته الشخصية ومتطلبات مجتمعه.

وهنالك نوعان من السعادة، قصيرة المدى تحدث نتيجة حدث معين وتستمر لوقت معين ثم تتلاشى وطويلة المدى وأنا أراها تراكمية تحدث نتيجة الكثير من الأحداث والمواقف وتعتمد على مدى تصالح الإنسان مع نفسه ومع الحياة ومدى تقبله لصعوباتها وكيفية تعامله مع تلك الصعوبات. ويعبر الإنسان عن سعادته بأشكال مختلفة، فإما أن يفرح ويبتهج ويضحك أو يغني ويرقص أو يقوم بتوزيع الحلوى أو يحظى بنوم ليلة هانئ أو ربما يبكي من فرط السعادة والسرور وتنعكس سعادة البعض على تعامله مع من حوله فيدعوهم لمشاركته لحظاته السعيدة التي يعيشها بسبب زواجه أو حصوله على ترقية أو تحقيقه لهدف ما أو قدوم طفل جديد وغيره.

وفي الختام أقول، مهما كان معنى السعادة ومهما كانت أسبابها، أتمنى سعادة لا توصف لي ولكل من يقرأ مقالي هذا. «عساكم السعادة» في يوم السعادة العالمي وفي باقي أيام السنة ال 364.

 

كاتبة صحفية