قائِدتُنا مَرْيَم وَ أَلَم الْفِرَاق

حَمْلٍ ثَقِيلٍ ، لَا يَكَادُ يفارقنا ، نغلبه أحيانًا ، ويغلبنا أُخْرَى ، قَد يضعفنا تَارَة ، وَلَعَلَّه يقوينا تَارَةً أُخْرَى ، ننساه ، أَو نتناساه ، لَا يَرَى فِيهِ بَعْضُنَا إلَّا نقصًا وتنغيصًا وَمَرَارَة ، وَيَرَى آخَرُون فِيه امتحانًا وَاصْطِفَاء ، بَل يُخْبِرُنَا بَعْضُهُمْ عَنْ حَلَاوَة مُخَبَّأَة تَحْتَ تِلْكَ الْمَرَارَة ، أَنَّه الْأَلَم ، قَرِين الْحَيَاة ، الَّذِي نَعْرِف وننكر ، وَمَنْ ذَا الَّذِي لَمْ يَذُقْهُ ويكتوِ بِنارِه ؟ ؟


سنَشْتاق إِلَيها . . . وَلَكن يَعْزُّ  عَلِيّنا هٰذا البُعْد . . . إِنَّها أُبْعَد مِمّا نَظُن ، وَأَقْرَبُ إلَى قُلُوبِنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَظُنّ لَكِن قُرْبُها الْفِعْلِيّ بِآت شيْئاً  مُسْتَبْعَداً ، أَفْلَتت أَيْدِينا فِيَّ عِزِّ  تُعَلقنا بِهَا . . .   فِيَّ مُنْتَصَف طَرِيقنا المُؤَدِّي إِلَى السَعادَة ، غادَرَتنا بعَد آخِر اجْتِمَاع و كانَ الوَداع بِقُرْبِ ضِفاف الأَمَل . . . غادَرَتنا وَبَقِينا نَحْنُ هُناكَ نُلَمْلِم أَشْلائنا المُبَعْثَرَة ، كانَ آنكساراً عَظِيماً لَم نَتَوَقعهُ يَوْماً ، ندبهُ لَا تشْفَى مَهْما حَيِينَا . . .

بداخلي شُعُور يُشْبِه الضَّيَاع .
شُعُور يُشْبِه وَكَأَنَّك تَبْحَث
عَنْ أَحَدِهِمْ ،
أَوْ عَنْ شيءٍ ضَاع مِنْك ،
وَمَا إنْ تَدْخُلَ إلَى مكانٍ مَا
تفتشُ عَنْه بِعَيْنَيْك ،
وَبِكُلّ حَوَاسَّك
بحثاً عَنْه
وَلَكِنَّك لَا تَجِدُهُ ؛
لِأَنَّكَ لَا تُعْرَفُ مَاذَا فُقِدَت بالأساس !
وَكُلّ ماتعرفه أَنَّ هُنَاكَ شُعُور غَرِيبٌ
يلاحقك ،
ملازمٌ لَك ،
يَجْعَلَك تُفَتِّش فِي كُلِّ مَكَان ،
فِي كُلِّ الْوُجُوه 

حِينَمَا رحلْتَ ، ظننتُ أنَ كلَّ شيْءٌ سيرحلُ معْها حتمًا . . .
و بقيتُ عَلَى هَذَا الْأَمَل لِفَتْرَة ، إلَى حِينِ رأيتُها بَيْن سطورُ الْكُتُب . . . فِي وُجُوهِ الْمَارَّة . . . تتحرك حَوْلِي أَيْنَمَا كُنْت . . .
كأنّ غيابها كوجودِها ، تَأْبَى الِانْسِحَاب ، تعاود الظُّهُور . . .
زائرًة مِن الأمسِ الْبَعِيد . . .
أبتسمُ . . . لمشاعرٍ لَا قدرةَ لِي عَلَى تَفْسِيرِهَا . . .
أَهَذِه سطوةُ الذّكريات ؟!

لملمت شذى حُزْنِي الدامي بأطرافٍ قصيدةٍ كَتَبْتُهَا وَالدّمْع يَجْرِي عُنوةً مِن مقلتايَ تَحْكِي عَن ألمِ فراقٍ لَيْس كمثلهِ ألمُ . مِنْ كُلِّ شطرٍ تسردُ روايةً مِن عمقِ الجرحِ وبلاغةِ الْكَلَام . تبِعها شهيقٌ كَادَت الرُّوح تخرجُ بَعْدَهُ إلَّا أَنَّهَا أَبَت وَأَرَادَت تَعْذِيب الْجَسَد لِأَنّ شخصاً آخَرُ قَدْ امتلكها . وَبَات الدَّمْع حارقاً كألسنةِ لَهَب جَهَنَّمَ لَا يَرْحَمُ وَلَا يَرْأَف بحالِ الْعَيْنَيْن اللوزيتين المتورمتين . .

مَاذَا لَو أنّ كُلّ راحلٍ عنّا اسْتَأْذَن قُلُوبِنَا عِنْد رَحِيلِه ووفر عَلَيْهَا وعثاءَ الشوقِ وطُول الْحِرْمَان ، مَاذَا لَو تَجْمَعُنَا الْأَقْدَار بطيفهم فنلتمس مِنْهُم عَنَاقٌ الألفِ عَامٍ أَوْ نُمْلَك مَفَاتِح السِّنِين فَنَعُود حَيْث كُنَّا فِي صُمْت وهدُوء . . أَلَسْنَا أَحَقّ إلَّا يتشتتوا ويذهبوا دُون وَدَاع ، أَلَسْنَا أَحَقّ بقُربهم ؟

رحم الله من يقرأ للشابة مَرْيَم امغيزل قائدة فريق همّه التطوعي وللمؤمنين والمؤمنات سورة الفاتحة