كل طرق الحرية تشير إليك

 كل رسالات الأنبياء كان محورها الحرية. البدايات كانت ( أن لا تعبدوا إلا الله )، إذ طريق التحرر الحق من عبادة الأصنام والأوثان والشهوات والأشخاص والأفكار والأحزاب وكل شيء سوى الله منها يكون، والتوحيد حرية خالصة لا تشوبها شائبة أبدا.
الطريق لم تكن معبدة ولن تكون، " فالناس عبيد الدنيا" من مال وجاه وسلطة ومنصب وجنس " والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت به معايشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون"، وطريق تحرير عبيد الدنيا يحتاج لرجلٍ لا تستطيع الدنيا أن تنال منه طرفة عين وإن تبرجت له بكامل زينتها " اللهم إنك تعلم أنه لم يكن ما كان منا تنافسا في سلطان ولا التماسا من فضول الحطام" ، رجلٍ حدد أهدافه بدقة  " ولكن لنري المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، ويأمن المظلومون من عبادك، ويعمل بفرائضك وسننك وأحكامك" ، رجلٍ لا يرهب الموت بل يوله إليه وله الحمام وأكثر " وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف"، رجلٍ يأبى أن يؤثر " طاعة اللئام على مصارع الكرام".
الحرية والانعتاق من أسار الظالمين ومن العيش المهين كانت هدفك الأسمى، كنت تفتح عيونهم ليبصروا  حقيقة ما هم فيه " فقد نزل بنا من الأمر ما قد ترون، وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها، فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون أن الحق لا يعمل به وأن الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا" ثم كتبتها لافتة خالدة " فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما".
ولأنك لا تريد أن يكون معك إلا الأحرار، فقد تركت للجميع حرية الاختيار في مشهد شبه مستحيل:
" وقد نزل بي ما قد ترون وأنتم في حل من بيعتي ، ليست لي في أعناقكم بيعة ، ولا لي عليكم ذمة ، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا وتفرقوا في سواده فإن القوم إنما يطلبوني ، ولو ظفروا بي لذهلوا عن طلب غيري"
ولأنهم أحرار حقا، فقد أبوا إلا أن يكونوا معك حتى الرمق الأخير، مرتلين سورة الشهادة التي مطلعها: كل طرق الحرية تشير إليك.
التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 7
1
المستقل
[ ام الحمام - القطيف ]: 19 / 12 / 2009م - 11:40 ص
أفرغ فؤادك يا فتى هذا محرم قد أتى
و أندب حسينا باكيا و شعل بقلبك لوعتا

عظم الله أجورنا و أجوركم في مصاب سيد الاحرار نعم لقد جاد الحسين بروحه الطاهره من أجل أصلاح هذه الامه و هذا اغلى ما يمكن أن يجود به أنسان . لقد كان في كربلاء تجليات كثيره كالحريه و التضحيه و الاخلاص و الايثار و سأتناول في مداخلتي هذه الايثار في كربلاء .
الايثار : كلمة يقابلها الانانية.
عندما أعلن الامام خروجه قائلا ( خط الموت على ولد ادم مخط القلادة على جيد الفتاة ) فمن هنا بدأت قصة الايثار حيث أثر الامام بنفسه الشريفه من اجل اصلاح هذه الامه جيلا بعد جيلا . كما هناك مشهد أخر من مشاهد الايثار عندما امتلك العباس ابن علي المشرعه و أراد شرب الماء أبى أن لا يشرب الماء قبل أخيه الحسين فقد أثر على نقسه أن لا يشرب قبل أخيه الحسين رغم حاجته الماسة للشرب . و هناك من المشاهد الكثيرة في كربلاء و لا يمكن لكربلاء أن نحتويها بكتاب أو خطاب . السلام عليكم يأهل بيت النبوة و لا يمكننا أن نقول إلا لبيك ياحسين فجعلنا نحن و إياكم من السائرين على هدى الحسين و عظم الله لنا و لكم الأجر في مصاب سيد الشهداء .
2
فائق المرهون
[ السعودية - ام الحمام ]: 19 / 12 / 2009م - 12:04 م
الأستاذ بدر / وفقه الله
ماأحوجنا إلى الحرية المسؤولة المنظمة , الحرية التي تشعرك ببوجودك في هذا الكون وتعطيك الثقة والإنطلاق كما تبث فيك الإطمئنان والأمن , ولكن ماهو حاصل اليوم نقيض ذلك , فليس كل من ادعى مقارعة الظالمين يكون مثل الحسين !
وليس كل من طالب بالحرية مثل الحسين !
فالحرية المطلوبة هي المتسامية عن امور الدنيا كما أوضح قلمكم الكريم , وهي هنا تبدأ من النفس فلنحررها أولا ثم نعطي الحرية أيضا للآخرين , لأن الحرية لاتتوقف عندي أوعند أحد لأنها فضاء شاسع لاحدود له ولكن بنظام حيوي كما فعل تعالى بالمجرة والأجرام السماوية من حولها .
لقد ضربت بصوابية رائعة في اختيارك للحرية ياأستاذ , فالتوقيت والهدف كان موفقا معك وذلك ليس عليك بغريب .
سلمت أناملك , وهنأنا بفكرك .
3
بدر الشبيب
[ أم الحمام - القطيف ]: 19 / 12 / 2009م - 8:07 م
الأخ العزيز الأستاذ المستقل:
عظم الله أجوركم في المصاب الذي أقرح جفون المعصومين.
المناقبيات الكربلائية لا يمكن بالفعل أن يحتويها مقال أو كتاب.. وأنا أعتبر أن جذر تلك المناقب الحرية، فما أشرتم إليه عن الإيثار لا يصدر إلا عن حر حقيقي، فهناك علاقة طردية بين التحرر والإيثار.
أشكر مداخلتكم، وجعلنا الله وإياكم ممن يهتدي بسيرة الحسين عليه السلام.
4
بدر الشبيب
[ أم الحمام - القطيف ]: 19 / 12 / 2009م - 8:19 م
الأخ الكريم الأستاذ فائق.. زادك المولى عزا..
استوقفتني في مداخلتك نقطتان جديرتان بإضاءة بل إضاءات:
الأولى: ما يجب أن توفره الحرية الحقة من خلطة سرية تجمع بين منح الثقة والانطلاق من جهة والاطمئنان والأمن من جهة أخرى.
الثانية: ربط الحرية بالنظام الكوني العام، وهو ما يفسر معنى الحرية المنظمة.

طابت أفكارك ورؤاك.. ودام قلمك حرا لحر..
5
المستقل
[ ام الحمام - القطيف ]: 20 / 12 / 2009م - 1:00 م
الآخ الاستاذ العزيز : فائق
تعليقا على مداخلتك الكريمه هل بالأمكان أن توضح لنا ما هو مفهومك للحرية المسئولة المنظمه ؟
بالاظافه ياأستاذي العزيز لا يمكن لأي احد كان أن يدعي لنفسه أن يكون مثل الحسن و هم علة الوجود . نحن لا نقول بأن الاحرار هم مثل الحسين هم يتطلعون للسير على نهج و خطى الحسين و كما قال امام المتقين ( اعينونا بورع و اجتهاد و عفة و سداد ) . من السهل أن نجيد فن النقد و لكن من الصعب علينا تحمل المسئوليه و من السهل علينا بالحكم على الاخرين أن ليس لديهم تسامي عن هذه الدنيا الدنيه فلنا في أمنا الراحل اسوة حسنه لقد سار على خط جده الحسين و قارع الظلم و اصبح القائد الاكبر و لكنه خرج من هذه الدنيا لا يمكل شيئا من حطامها . جعلنا الله و اياكم احرارا عملا لا قولا و دمت اخا عزيزا .
6
فائق المرهون
[ السعودية - ام الحمام ]: 21 / 12 / 2009م - 12:20 ص
الأستاذ المستقل / وفقه الله
شكرا لمداخلتك الكريمة الوافية , وماكنت أتمنى أن يكون الحوار بيننا هنا , لأن هذا المقال له سيد وكاتب نجل عمله , وكان من المفترض أن يكون الحوار معه هو وليس لمتواضع مثلنا .
عزيزي / الحرية التي أعني أن تكون بعيدة عن التسييس والمتاجرة بالدين والعصبيات وعبادة الشخصية , الحرية المنظمة التي تنبثق من انطلاق الإنسان نحو اللاحدود , الحرية التي تحترم كرامات البشر بدون أن تجعلهم عبيدا لأحد , الحرية القوية التي ترفض الاستبداد لأي كان , حرية الفكر والمعتقد وليس التضييق وكتم الأفواه .
لاأعتقد أن مفهومي البسيط للحرية ياأستاذ يتعارض مع منهج أهل البيت الذين دعونا للتبصر والتفكر في كل أمور الحياة .
أما بالنسبة للنقد فهو ليس حكرا على أحد , وكم من تحمل مسؤولية هو ليس أهلا لها وشكرالك
7
المستقل
[ ام الحمام - القطيف ]: 21 / 12 / 2009م - 9:06 ص
أخي و عزيزي الأستاذ : فائق المرهون
أتفق معاك فيما اشرت و نحن في ساحة فكريه تكمل بعضها البعض .سيدي المحترم ابتعاد أمثال الخيرين عن الساحه العمليه أعطى لمن سميتهم من وجهة نظرك يفتقدوا للأهليه أن يتحملوها و نقدم لهم شكرنا و أمتننانا لأقدامهم و أحساسهم بالمسئوليه . من الصعب علينا أن نجعل انفسنا في طائره تحلق في أعلى السماء و نأخد مسحا جويا للحركه الاجتماعيه و ننظر هذا اهل لهذا و هذا ليس أهل . شكرا لفكرك الحر و لتفاعلك المستمر جعلنا و اياك على هدى خط الحسين و دمت لنا مثقفا لا تزعزعه الرياح فالشبل من ذاك الأسد .
شاعر وأديب