النحات عصام جميل: أتبنى الحجر، وأصقله حتى يصبح فكرة وحدث في هذا الفراغ

شبكة أم الحمام الخُبر - زهراء الفرج

«سمبوزيوم نقوش الخبر» احدى مبادرات نقوش الشرقية، بتنظيم من مجلس المسؤولية الإجتماعية وبلدية الخبر وجمعية الثقافة والفنون في الدمام، حيث يقوم عشرة نحاتون من مختلف مناطق المملكة في محاولة لتأثيث وتجميل الخبر بكتل الجمال، وإنشاء أعمال إبداعية وجمالية تمثل البيئة التاريخية والثقافية للمنطقة، والمتواجدين في كورنيش الخبر حتى 24 فبراير 2018م.

النحات عصام جميل:

الحجر كالمتسول قد يمر عليه آلاف الناس

دون أن يلفت أنتباههم، وحده النحات يستطيع أن يستشعر

استدعاء الدهشة فيه.

إنه استنطاق للمواد لتشهد على حالات الإنسان وانعطافاته واخطاءه أحياناً، هو ينبوع متدفق من الدهشة والسحر، سير طويل نحو فهم الكائنات البشرية والحياة، إنه محاولة لإنقاذ الفراغ وإسقاط محاولات التنكر للجمال. هو النحت الذي يسيل بكثافة غباره وأصوات آلاته متنقلاً من حالة الجمود إلى الحركة التي تصنعها الفكرة.

يقول عصام جميل أحد صُنّاع الأفكار ومحاربي الفراغ عندما سأل: بعد تجربتك في النحت على العديد من الصخور السعودية والعالمية، كيف تُصنف جودة الصخور السعودية في أعمال النحت، وهل هناك شعور مختلف عندما تتعامل مع الصخور المحلية؟

بحكم عملي كموظف في وزارة البترول فرع الطاقة والثروة المعدنية، حيث تعنى الأخيرة بالصخور. أستطيع أن أقول بأن المملكة زاخرة بأنواع عديدة ومتنوعة من الصخور كالجرانيت والرخام، وأحجار كالذهب والفضة.

وهذا الأمر جعلني أفكر في مشاركة الناس ما تراه عيناي من جمال متخفي في الصخور، بطرح مقترح على المسئولين لعمل معرض تقدم فيه الصخور في مراحل متعددة تنكشف فيه جماليات تكوينيه، في ملمسه وتعرقاته وتدرج ألوانه.

أما شعوري عندما أستخدم الصخر السعودي، فأنا لا أنظر إلى الصخر إلا كمادة طبيعية تعيش على هذا الكوكب، مخلوق إلهي على رعايته ومنحه شيء من كبريائي حتى يستطيع أن ينمو في ذاكرة المتلقي.

عصام الذي يبدد الغبار بالضحك ويتحدث معك كأنه يحتضن كلماته ليخرجها دافئة وكاملة، كان يروي لنا عن الطبيعة المخادعة للصخور التي إما أن تقنعها أو تقنعك، يقول:

الصخور التي توحي بأشكال تقريبية كما يفعل الغيم، ويستجيب لها النحات، أجد أنها انتصرت في إحياء فكرتها، بينما على النحات أحياناً أن يضحي بالحالة الشعورية الجاهزة التي يأخذها من الحجر في سبيل أن يطبع وثائقه الخاصة التي ستتحدث عنه وتمثله لاحقاً.

«ثم ينتقل بك إلى مشهد خارجي يومي، عند إشارات المرور، وفي ساحات الأسواق. عندما تصادف المتسول وتمضي دون أن تلتفت له» يقول:

الحجر كالمتسول الذي ينتظر أن تمنحه شيء، وقد يمر عليه آلاف الناس دون أن يلفت أنتباههم، وحده النحات يستطيع أن يستشعر استدعاء الدهشة فيه ليمنحه شيء من تجربته واهتمامه. أنا أتبنى هذا الحجر الأصم، أربيه وأصقله حتى يصبح فكرة وحدث موجود في هذا الفراغ، وأعتبر أن تألقه هو رد الجميل لمربيه.

«حينما تنحت فأنك تعيد ترتيب المكان تماماً كما يفعل المطر الذي يغسل الأرض ويمنح الوجود صوتاً ملكوتياً » ولعله لهذا السبب اختار النحات عصام فكرته.

يسأل وهو يربت على كتلة كبيرة من الصخر، ماذا تشاهدين؟

- هل سنتبادل الأدوار؟

«يُشعل ضحكة طويلة» ثم يقول هذه المرة فقط.

أجبته بأني أرى شكلاً هندسياً، أو ربما حوضاً..

أنه «كمان»، وشيء اخر سيكون مفاجأة عندما أنتهي منه.

- ألمح جرح في أصبعك، هل هو بسبب الكمان؟

- نعم

- هل مؤلم جداً؟

- نعم، لكنه مهم وضروري، إن إصابات النحت تشبه جروح الولادة.

أخيراً.. يودعني كما استقبلني بابتسامته

«أنا أعول كثيراً على النساء في دعم الجمال والفنون كما تفعل سمو الأميرة عبير بنت فيصل بن تركي حرم سمو أمير المنطقة الشرقية التي جعلت من هذا السمبوزيوم، إثراء جمالي للمكان ولنا كنحاتين، عندما نلتقي ونعمل في مكان واحد ونكون مشهد يؤسس للفن في ذهن المتلقي».

«عصام جميل».. نحات سعودي من مواليد المنطقة الشرقية اقام المعرض الشخصي الأول بشركة ارامكو السعودية - بيقيق 2016م، شارك بالعديد من المحافل الدولية للنحت منها في الصين والأردن والرياض والولايات المتحدة الأمريكية ومصر والمغرب والنيبال، شارك في سمبوزيوم النحت الأول بالدوادمي 2012م.