رحلة الخلود
لستُ كأي #العاشقين ، ومعشوقي أيضاً لا مثيل له، إنها #رحلة #الخلود التي بدأت من #لحظة قال الله تعالى لكل شيء كن فيكون من نوره الطاهر، ومنذ لاح ذلك النور خرّ كل شيء له ساجداً حباً له وطاعة.. إلا مَن مشيئة الله حتّمت أن يكون مِن حطب جهنم، لاشك أنكم تعرفون عمّن أتحدث فإني أراكم مثلي عاشقين والهين تتسابقون معي في بذل كل غالي من أجل مصباح الهدى ونور الله الأعظم، ونحن مذ تبعنا ذلك النور أصبحنا به خالدين وكل ما بذلنا وما سنقدمه في ماتبقى لنا من عمر من دمع ودم وحتى من مال وبنون وجهد لإحياء ثورته ونشر فكره ومبادئه لن يوفي من حقه قطرة..
نحن مَن تتقطع أرواحنا حسرة على روحه وما جرى على ريحانة المصطفى، نحن مَن في حركاتنا وسكناتنا تلهج به وبإسمه، مَن لم نكن من الذين اختارهم الله للشهادة بين يديه، أو حتى أن نكون مع ركب سباياه لحكمة اقتضاها، نحن مَن قال عنّا رسول الله عندما سألته الزهراء روحي فداها وقالت: ” أبه في أي زمن يقتل ولدي الحسين.؟ قال: في زمن خالي مني ومنك ومن أبيه وأخيه. وقالت: أبه من الذي سوف يدفن الحسين ومن يبكي على الحسين؟
قال رسول الله أخبرني جبرائيل عن اللـه: خلق الى الحسين شيعه ومحبين يدفنون الحسين وينصبون ماتم الحسين ويبكون على الحسين…”
نحمد الله عز وجل بأن خصنا لنكون من الباكين على الإمام الحسين وممن ينصبون له المآتم في كل حين، يرانا الغير ويندهش لم كل هذا الحزن، لم كل هذا البكاء، لم كل هذا الجزع واسترخاص الدماء على قتيل كان شهيداً في سبيل الله، وهم لايعلمون أننا خلقنا لهدف عظيم واختارنا له الباري الجليل، نحن فُطرنا على البكاء والجزع على الإمام الحسين وماجرى على أهله وعياله وأنصاره، ونحن عندما نذكر البكاء هو أقل مايمكن أن يعبر عنه أي شخص متألم لمصيبه، فالبكاء هو البوابه التي ننطلق منها لكل الشعائر الحسينية وبها نرتقي سلم الجزع والهلع على عظم الفجيعة والمصاب على سيد الشهداء متأسيين بذلك بأئمتنا الذين هم قدوتنا في كل سلوك ومنهج نتبعه.
تخيلوا لو لم يكن هناك ناعٍ يرثي لنا تلك المصيبة، لو لم تتساقط دموع عيني أمنا على يدينا الصغيرتين ونحن في حجرها، لو لم تلبسنا ثياب الرضيع وتنوح على حال الرباب، لو لم توقد لنا شمعة القاسم وتدعو الله بأن يحفظ الشباب، لو لم يصطحبنا والدنا إلى مجالس العزاء واللطم، لو لم يحمّر صدرنا، ولم نَر عيني والدنا متورمه من السهر والبكاء على الحسين، لو لم يقرأ لنا والدنا بعضاُ من قصص الملحمة، لو لم نَر خوفه علينا ونحن نقترب من النيران الموقدة تحت الجدور لمراسم الطباخ للمأتم، لو لم يُمسك بأيدينا ويساعدنا على تقليب الرز، لو لم نَر دماءه تسيل من رأسه في صبيحة العاشر ومن غير شعور نردد معه حيدر حيدر، لو لم نستمع إلى الأحاديث التي كان يرددها الخطيب على المنبر عن الإمام الصادق والامام الرضا حول البكاء والعزاء وحضور الزهراء لهذه المجالس.
لو لم نشارك في مجالس الخدمة الحسينية ولم نساهم في كل هذه الشعائر الحسينية، لما أدركنا حقيقة مصاب الإمام الحسين ، ولما عرفنا تلك الثورة والأهداف السماوية الإلهية الخالدة.. ولما سمعنا «أني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً لكنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي…» ولما كان الإصلاح هو سبيلنا ومنهجنا، بأن نجتهد لاصلاح ذواتنا وأن تقترب من الحسين أكثر، ونكون شعلة لمن هم حولنا أيضا ونصبح خير قدوة حسينية، تحمل الحسين حباً في قلبها وعملاً ظاهراً في سلوكها، لاتساوم على مبادئه وتحافظ على شعائره وتدافع عنها بروحها وكل ماتملك، فالشعائر هي بوابة الدخول في مراسم العزاء وهي التي تنقل هذا الموروث الحسيني العاشورائي جيلاً بعد الجيل، وهي التي تحمل أهداف الخلود والبقاء والتعاطف، لأنها تجمع الفكر والمنطق وتجسده بروح العاطفة الجياشة، لتعبر عن هذا النور الإلهي وتشارك الأملاك في مصابه، ومصباح العاشر من المحرم من كل عام هو موعد الذروة وهي الساعة الموعودة بالمواساة والتي تظهر بأجل صورها وبأسمى آيات البذل فيها بالدماء وبتطبير الهامات.
يا أهل العالم اخلعوا ثياب الصبر فقد قُتل سبط رسولكم … قد حان ميعاد الجزع
دائماً أدعو الله لي ولكم بأن يجعلنا من الموفقين للإخلاص في خدمة الإمام الحسين وإحياء كافة شعائره وتعظيمها.