تأصيل الشعائر الحسينية
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد:
ممّا لا ريب فيه أن القضية الحسينية وشعائر الامام الحسين عليه السلام هي التي أحيت الاسلام المحمدي الحقيقي من زيف بني أمية وبني العباس الذين حاولوا بشتى الطرق والاساليب لطمس الدين الاصيل وسيرة سيد المرسلين النقية .
وثورة الامام الحسين عليه السلام عرّت كل ذلك وفضحت كلمخططاتهم واساليبهم القذرة من النيل من الدين الحنيف ، وهذا أوضح من الشمس في رابعة النهار فلولا ثورة الامام الحسين عليه السلام لتعبدنا بدين بني أمية كما يتعبد بعض من ينسبون للإسلام .
هذا، ومن جهة أخرى أصبحت الشعائر الحسينية مفصلا حقيقيا لكل من يدعي الدخول في حضيرة المذهب الحق مذهب أهل البيت عليهم السلام ، فهي محك الثبات ووسام كل موالي لأهل البيت عليهم السلام ، وكل من يتجرأ ويشكك أو يستهزئ بشعائر الامام الحسين فهي خطوة للخروج من ربقة هذا المذهب المقدس ، وسوف يحرق تاريخه بنيران الخزي والعار كما نوّه بهذا سماحة المرجع الديني الأعلى السيد صادق الحسيني الشيرازي محيي الشعائر المقدسة دام ظله الشريف .
سوف نتناول في هذه الحلقات بعض الشبهات التي تعرض أو يمكن عرضها في قضية شعائر الامام الحسين عليه السلام وطرق علاجها علمياً على ما جرى عليه القوم من نقض وإبرام ، مساهمة منا متواضعة للجم بعض الأفواه التي تشكك في بعض شعائر الامام الحسين عليه السلام ، وسوف نستعين في حديثنا حول تأصيل الشعائر ودفع هذه الشبهات بعض كتب المحققين في هذا المجال إما تقريراً أو توضيحاً أو تعليقاً بما يسعنا من فهم ، ومن الله وأهل بيته النجباء نستمد يد العون والثبات والسداد في القول والعمل يوم تزل فيه الأقدام .
نقول : أول ما يتبادر من الاشكالات التي تسجل على إقامة الشعائر الحسينية هي وقوع النفس في الضرر والتهلكة .
هذا بعد الفراغ من الخوض في غمار البحث عن كون هذه الشعائر التي يقوم بها الموالون لأهل البيت عليهم السلام داخلة تحت عنوان الشعيرة أم لا ، وقد كفانا الخوض في هذا البحث سماحة الاستاذ آية الله الشيخ محمد السند دامت بركاته في بداية كتابه القيم الموسوم بالشعائر الحسينية بين الأصالة والتجديد .
وقضية الضرر وإلقاء النفس في التهلكة أصبحت مثاراللجدل والنقض والابرام في الوسط العامّ دون الخاصّ . . وهو الضرر الذي يحصل بسبب الشعائر الحسينيّة . . وأبرز ذلك في أقسام العزاء . . اللطم ، اللّدم بشدة ، والبكاء والصياح حتّى الإغماء، والضرب بالسلاسل ، والتطبير . . وإلى غير ذلك من الأقسام ، والجامع فيها هو الضرر الحاصل من جرّاء إقامة العزاء .
ولبسط الكلام نقول:
أوّلا : في أنّه هل هو مانع وعائق من إقامة الشعائر الحسينيّة أم لا ؟
ويمكن ذكر عدم منافاته ومعارضته لأقسام العزاء الحسينيّ بثلاثة وجوه ( وهذا بحث مطّرد فيمطلق الضرر ، وليس في خصوص الشعائر الحسينيّة ) .
الوجه الأوّل : قصور دليل عموم ( وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) بمعنى أن هذا العموم للدليل بعدم جواز إلقاء النفس في التهلكة قاصر عن تناول قضية الشعائر الحسينية ، إما لكونها خارجة تخصصاً أو تخصيصاً .
وأيضا قصور دليل عموم حرمة الضرر والإضرار عن تناول إيقاع النفس في معرض الخطر في الموارد التي هي مُمضاة من قِبل الشارع المقدّس . .
وهذه المسألة لم تُبحث بشكل مفصّل في أبواب الفقه . . ولكن لا بأس من الالتفات إليها . .
ولتوضيح المطلب نقول : إنّ عموم حرمة الإلقاء في التهلكة أو الإضرار لا يشمل موارد إلقاء الإنسان نفسه في معرض قد يؤدّي به إلى تلف عضو ، أو قد يؤدّي به إلى الهلكة . . لكن في سبيل فضيلة دينيّة ، أو من أجل السلوكيّة المُمضاة من قِبل الشارع . . وعدم الشمول إمّا قصوراً أو - لو كان شاملا - فهو مخصَّص بهذا المورد . . هذا ملخّص الوجه الأول .
هذا ما أدرنا إدراجه في هذه الحلقة من المقال على أن يوفقنا الباري عزّ وجلّ لإتمام بقية الحلقات .