ثلاثة ريالات لا تكفي !!
وقفَ الشابُّ بسيارته أمام أحد المطاعم الشهيرة بالأكلات الشعبية ، فدخل كي يشتري عشاءً ، اتجه لاستقبال الطلبات و كان هناكَ رجلٌ يقفُ قبله ، و بينما هو ينتظر أن يُنهي ذلك الرجل طلبه ، و إذا بصوتٍ منخفضٍ قادم من الخلف يداعب مسامعه ، فإلتفتَ ، و إذا برجلٍ طاعنٍ في السِنّ يسأل لحاجته بإنكسارٍ و يقول : أبي عشاء .. جوعان ، مافي جيبي إلَّا ثلاثة ريالات.
تألَّم الشابُ لحال هذا الفقير المُسِنّ ، فإلتفتَ إلى موظف الإستقبال و قال له : هذا الرجل فقيرٌ و جائعٌ ، هل بالإمكان أن تجودوا عليه بما تيسَّر من طعام مطعمكم ؟
فرَدَّ الموظَّف : لا أستطيعُ إخراج أيّ شيءٍ من المطبخ إلّا بفاتورة ، لكن تستطيع أن تدخل على مدير المطعم في مكتبه و تعرض عليه الموضوع .
فلم يتوانَ الشاب في الدخول على مدير المطعم ممسكاً بيد ذلك الفقير ، فسلّم عليه و رحَّبَ ثم قال : معي رجلٌ فقير ، و في انتظاره أطفالٌ جياع ، هلَّا جُدتم عليه بما تيسَّر من طعامكم و إلّا سأشتري له عشائه ؟ ، و ما نَقَصَ مالٌ من صدقة ، لكن للأسف ، لم يكن ردّه بأفضل مِن سابقه ، فعاد الشاب مع الرجل المُعتاز إلى استقبال المطعم و قال له : اطلب ما يكفيك و يكفي عيالك ، و ما أنْ نطق الشاب بهذه الجُملة إلا و طأطأ المُعتاز رأسه و أومأ بعينيه و انهمرت دموعه من عينيه و التي حاول إخفائها بطرف غترته دون جدوى ، إلى أن خضَّبت شيبته ، و ملأ أرجاء المكان بالدعاء لذلك الشاب : الله يرحم والديك ، الله يفتحها عليك ، الله يستر عليك دنيا و آخرة ، و يوسّع في رزقك.
ردَّ هذا الشاب على الرجل المُسِنّ : امسح دموعك يا عم ، و ارفع راسك ، و اللي خلقك ما نساك ، و أي شيء تحتاجه لا يردّك إلا لسانك.
موقف يعكس عدَّة حالات ، جسَّد أقسى أنواع الفقر ، و جسَّد أروع المشاهد الإنسانية ، و جسَّد الأنانية و عدم الإكتراث لأوجاع الآخرين.