أبي .. مثلما تريدني الأفضل ، أنا أريدك كذلك !!
البعض لديه طموحٌ شاهق الإرتفاع ، و البعض لديه طموحٌ منخفضٌ سهل المنال ، و البعض الآخر لا يعرف ما معنى مُفرَدَة "طموح" ، لكن في النهاية نجد وراء كل طموحٍ دافع قويّ ، و وراء كل تخاذل و تراجع مثبطات لا تقل قوة ، و أرى أنّ من الأسباب القوية التي هي بمثابة الوقود الذي يدفعنا بقوة لنيل المكانات العالية و تحقيق الطموحات الشاهقة هم "أطفالنا.. فلذات أكبادنا" ، و السبب يا أحبتي أن الطفل شديد التباهي بذويه بين أقرانه ، و شديد التباهي بأبيه على وجه الخصوص ، و نرى أنَّ هُناك علاقةٌ طرديةٌ بين وضع الوالدين العلمي و العملي و الإجتماعي و بين نفسية الطفل ، فنجد أن الكثير من الأطفال يعانون الإنزواء و الإنطواء بسبب عدم التكافؤ الإجتماعي بينهم و بين أقرانهم ، فينعكس ذلك على دورهم الإجتماعي و على الكثير من رغباتهم الحياتية ، و يتقلَّص تواجدهم في المناسبات الإجتماعية بسبب الإحباط الذي يكتسيهم ، و تمتدّ حبال التأثير كي تطال مستواهم الدراسي و تحصيلهم الفصلي ، فحضور الآباء و الأمهات للمجالس الدورية التي تقيمها المدارس له عظيم الأثر في نفسياتهم و الذي بدوره ينعكس على أدائهم الدراسي ، و عندما أذكر حضورهم للمجالس التي تقيمها المدارس لكلا الجنسين لا أقصد الحضور بالجسد ، لا أقصد الحضور لتأدية واجب الحضور ، لا أقصد الحضور لملأ الفراغ بشكلٍ مادّيٍ غير مؤثّر، بل أقصد الحضور المادي المتكامل مع الحضور المعنوي الثريّ المبني على وضع الأب أو الأم الإجتماعي و الفكري و الثقافي ، و الذي سينعكس على هذا التواجد إيجاباً ، فما فائدة حضور الأب أو الأم دون أيّ إضافة يقدّمانها و دون أيّ إستفادة يجنيانها ؟!
حتى لو كنتُ شخصاً غير طموحٍ ، ألّا يستحق طفلي أن أكون كذلك كي يتباهى بي ؟!.. أم يحق لي أن أُملي عليه الأوامر و الطلبات بذريعة أنني أريد مصلحته و أريد أن أراه في أعلى المقامات كي أتباهى به ، و هو لا يحق له أن يراني فيما أنا أود أن أراه فيه ؟!
مَنْ يرى أن وقت التطوير الذاتي و الركض في طريق الطموح البعيد قد أزِف ، أقول له : أنت مخطأ مع حفاظي على كامل تقديرك و إحترامك ، فما دمتَ على قيد الحياة ، فأنت إذاً على قيد الطموح.
لاشك أن شعور الفرد أنه مصدر فخرٍ و إعتزازٍ لمجتمعه لهو جميلٌ جداً ، و الأجمل و الأروع أن يشعر بأنه كذلك لمجتمعه الصغير ، أي أسرته ، زوجته و أطفاله الذين هم الأقرب له.
صلاحية شهادة الثانوية لدينا خمس سنوات إن لم تجِدُّ جدائد في هذا الأمر، و ما بعد ذلك تكون غير صالحة للقبول في أيّ جامعة حكومية بنظام الإنتظام ، و حتى إن التحق ذلك الشخص الذي فقد أهلية الدراسة بسبب تقادم شهادته بجامعة على حسابه الخاص ، سنجده يتوارى خلف بعض الخجل ، بينما في أوروبا نجد ستّيني و سبعيني يجلس في أحد صفوف القاعات الدراسية ، و يقوم بتلخيص الدرس و تدوين الملاحظات و طرح الأسئلة و المشاركة بفعالية دون حرجٍ أو استحياء ، و طموحه يدفعه ليس للدراسة و حسب ، بل للتفوّق و التميُّز.
يجب أن نتخلَّص من هذا الفكر إذا أردنا أن نكون الأفضل ، فلا يُغيّر اللهُ ما بقومٍ حتى يُغيّروا ما بأنفسهم.