عزم الرجال وهمم الأجيال

مما لا شكَّ فيه أنه لا أجود ولا أفضل ولا أجدى من المبادرة بل والمسارعة والمسابقة في الالتحاق بركب السائرين تجاه الطريق المؤدية لهدي العلم ونور البصيرة واتّباع الرشد والتحلي بالمبادئ ومعانقة القيم؛ وبالتالي الانتقال بذواتنا إلى مكان آخر نكون فيه بقالب يرتضيه لنا الخالقُ - سبحانه وتعالى - هذه واحدة، أما الثانية: فهي إقناع أنفسنا وضمائرنا من خلال ما نتخذه من مواقف ومناحي سليمة وقويمة تجاه المسار الصحيح، وفي الدرجة الثالثة: أنْ يرانا الآخرون مِن حولنا بمشاعر مليئة بالتفاؤل والأمل، وبنظرة يكسوها التقدير والاحترام؛ وبناءً عليه سنصبح أشخاصا ذوي قيمة عالية حتى نغدو أفرادا صالحين فاعلين ومؤثرين في منظومتنا الاجتماعية؛ لنسهم بعدها وبشكل إيجابي وملائم لبناء وإحياء المعتقدات النبيلة والمفاهيم السامية وكل ما تعنيه تلك الدلائل القيمة.

أضف إلى ذلك: السمات الأصيلة والجليلة وما يحيطها من رموز أخلاقية وإنسانية حميدة وكريمة تحوي بين جنباتها كل المعاني النزيهة والصالحة كالرحمة والمودة وكل ما يندرج تحت مسمى النية السليمة والالتزام الصادق والعمل المتواصل والدؤوب، وهذا لن يتسنى تحقيقه في واقع الأمر إلا من خلال التأكيد والانطلاق نحو الاهتمام والتأهيل العلمي والفكري وتذليل كل الصعاب لأشبالنا ونجومنا الصاعدين لاكتساب ما يمكن اكتسابه من التحصيل المعرفي بشتى صنوفه المتعددة لنصل بعدها لما نسعى مع هؤلاء الناشئة لما هو مقصود وغاية المطلوب.

لذلك تُعد العملية التعليمية والتربوية وما يرتبط بها حقا مشروعا لكل فرد من أفراد الوطن وهذا مما لاشك فيه هو العامل الأساس لتعمير البلاد وإتمام التنمية الشاملة والمستدامة، كما يسهم التعليم في توثيق وتقوية الأشخاص وصقل معارفهم ونمو قدراتهم وتعزيز الفرص الحقيقية للوصول بعد الإنجاز لوضع اجتماعي بارز ومرموق، نستمتع فيه براحة البال والسكينة والاطمئنان، بالإضافة إلى تفعيل المشاركة الفاعلة في خضمّ مجتمعنا المحيط وما يلزمه من متطلباتٍ وضروريات ملحة لمجابهة كل التحديات التي ربما تكون حجر عثرة أمام ما خطط له من استكمال وإحرازٍ للمسيرة، والتي قد تبطئ وتُحد من تقدمنا وطموحاتنا وتطلعاتنا المنشودة على جميع المستويات والأصعدة.

لهذا تتجلى الغاية هنا بأنّ العزيمةَ وطلب العلم هما العاملان الأساس في بناء وازدهار حضارة الإنسان والبلدان، وما إنْ يتوافر هذان العنصران في وجدان أي أمة ستكون حتما أمةً تمتازُ وتتمتعُ بقلوب نابضة ومستبشرة وبطموحات نيرة ومشرقة تتصف بالصلابة والمتانة وبجذور ثابتة وراسخة وإرادة عميقة.

إذًا مما تقدم آنفا مِن سردٍ وإيضاح وشرح وإبراز فقد اتضح وبان ما هو مرغوب ومفروض لدى العاملين الصادقين والمخلصين والجديرين بالثقة من الرجال والنساء تجاه تكاتف الجهود والمثابرة وتقارب الأفئدة والميول وتضافر المساعي بين ولاة أمرنا الأسخياء وبين الرعية من شعبنا الوفي والمقدام لنرى ونشهد بعدها سفينة أحلامنا على شواطئ بلادنا ترسو بين جمال بحارها وعظيم جبالها من شمالها حتى شرقها مرورا بجنوبها إلى غربها.

وبعد أن اقتربنا من إسدال الستار يتوجب علينا في نهاية المطاف أنْ نلخصَ ما جاء في هذا المقال وما احتواه بين سطوره وما تضمنته الكلمات والتي في باطنها مواقف جمة لمنهج دولة وقيادة ورجال. والمتتبع لما يحصل في دارنا دار العز والإباء من تطور ونمو ونجاح وما تشهده بلادنا المقدسة من قفزة عملاقة سبقت كل معايير التقدم في الزمان والمكان بل وفاقت من حيث ما تحقق من عجائب مدهشة حيرت العقول والأفكار حتى باتت مملكتنا الشامخة مضربا للأمثال وقيمة عالية يشار لها بالبنان وينظر لها نظرة زاخرة وثرية بالتبجيل والوقار.

عزيزي القارئ: نحن - في المملكة العربية السعودية - أكاد أجزم أننا مؤهلون لما أشار له عنوان هذه المخطوطة، ولما نحظى به أيضا كشعب سعودي من اهتمام وافر من قبل حكومتنا الحكيمة، ولما تمتلكه البلاد من إمكانات هائلة وقدرات فائقة وعزيمة لا متناهية تعانق في جموحها وتطلعاتها عنان السماء. مِن هنا نؤكد أن حكومة مليكنا المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله وسدد للخير خطاه - لا تدخرُ جهدا في تقديم كل أنواع الدعم والمساندة الحقيقية في سبيل الظفر بنتائج من شأنها وضع المواطن بالدرجة الأولى في راحة وسكينة وكذلك في بحبوحة من الرغد والعيش الكريم.

وبعد أن جاءت الرؤية الطموحة والمباركة من عرَّابها سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان آل سعود - حفظه الله وأمده بعونه وتوفيقه - والتي أتت أكلها بشكل واضح وجلي، وهي بمجملها وخصوصيتها شحذٌ للهم حيث بشرت بأولويات عدة منها: تمكين المواطنين للرقي والتقدم والمضي قدما لنحقق حياة كريمة ومستوى معيشي يليق بشخوصنا وبأبنائنا وكذلك تعدد موارد الاقتصاد وتعميق قيادة المملكة على الساحة الإقليمية والعالمية بهدف بناء مجتمع حيوي وقوي تكون فيه بلادنا أكثر نشاطا وازدهارا وانتعاشا وأعلى مكانة ونماءً.

ولكي يكتمل المشهد بشكله المرسوم والمخطط له يجب الإشارة في هذا المقام للعنصر الأكثر أهمية للارتقاء بالوطن لما نطمح أن نصل إليه من ثورة علمية واقتصادية وثقافية وفي سائر المجالات ذات الصلة بتطور البلاد ومما لاريب فيه أن بيت القصيد هنا هو جيلنا الصاعد فأشبالنا هم الاستثمار الأمثل للوصول لجميع التطلعات والآمال، ومن ثم البلوغ للنهضة الشاملة التي يسعى إليها الجميع حكومةً وشعبًا، وذلك من خلال التهيئة العملية تجاه ما ينبغي فعله لهذه الفئة العمرية من الفتية والفتيات مِن فلذات الأكباد فيتحقق ذلك من خلال التشجيع المستمر وصقل العقول واستغلال المواهب والتدريب الدائم والمثمر. فقيادتنا حماها الله سخرت كل ما هو مطلوب لنحقق جميعا ما نتطلع له ونرجوه، ونسعد وننعم مع بعضنا بعضا بحصاد ما زرعه أصحاب الإصرار والبأس والعزيمة والهمم.

السيد جهاد الهاشم كاتب ومعلم، حاصل على درجة الماجستير في الإعلام من كلية الآداب بجامعة الملك سعود بالرياض، يجمع بين الخبرة الأكاديمية والممارسة العملية في مجال الإعلام والتعليم.