تأسيس مكتبة منزلية
قد يحتار أحدنا عندما يريد تأسيس مكتبة منزلية في ظل العزوف عن القراءة ووجود المغريات السهلة أمام الجيل الجديد، ما يجعلهم بعيدين عنها. لكن حسن اختيار مكان وديكور المكتبة، والكتب التي تتضمنها، قد يكون عاملًا جاذبًا، ويمكن أن تكون المكانَ المفضلَ لهم والملاذَ الشخصيَّ لهم بعيدًا عن صخب العالم الرقمي وما يكتنفه من مشكلات ومناكفات لا تكاد تتوقف.
فرغم وجود الخيارات الرقمية، ومنها الكتب الرقمية، تبقى للكتب الورقية مكانة خاصة باعتبار أن الكتب ليست مجرد نصوص مسطرة؛ ورقية كانت أو رقمية. صحيح أن النوعين يمكن أن يكونا - نظريًّا على الأقل - وعاءً لحفظ المعلومات وإيصالها للقارئ، لكن هناك خصوصية في الكتاب الورقي تكمن في التجربة الحسية التي يعيشها القارئ بالشكل الخارجي للكتاب وملمسه ورائحته وصوت تقليب صفحاته، تجعل التعلق به مسألة وقت لا يلبث أن يقع فيها القارئ ثم لا يستطيع منها فكاكًا.
في البداية يجب اختيار مكان مناسب، وإن لم يكن كبيرًا، وتخصيصه ليكون مكتبة، وليس من الضروري أن يكون غرفة مستقلة، بل يمكن أن يكون إما في أحد أركان البيت أو في الصالة أو في غرفة ألعاب الأطفال أو حتى أرفف موزعة في أنحاء البيت، مع توفير أثاث جيد ومريح وإضاءة مناسبة. ومن أجل إضفاء جو من الحيوية عليها يمكن وضع بعض النباتات الخضراء الجميلة والمجسمات الفنية. كما أن من عوامل الجذب فيها أن يتوفر فيها جهاز حاسب يمكن استخدامه إما لتصفح بعض المواقع أو البحث عن معلومة ما مع طابعة.
أما عن الكتب فينبغي أن تكون متنوعة في اتجاهاتها في مختلف العلوم، فينبغي أن تتضمن موسوعات حديثة وملونة بحيث يمكن أن يرجع إليها من يحتاج إلى معلومة في مدرسته أو في عمله. وهناك العديد من الخيارات من هذه الموسوعات وبأسعار متفاوتة. كما ينبغي توفير عدد من الكتب الدينية التي تؤسس لفهم ديني شامل ومعتدل، وأن تناسب مختلف الأعمار، حيث يمكن توفير كتب مرجعية لكبار السن، مع توفير كتب دينية حديثة من النوع السهل المضمون التي تجذب عنصر الشباب. ويجب ألا تخلو المكتبة من كتب خاصة بالأطفال من مختلف الأعمار؛ من عمر الرضاعة إلى المرحلة الابتدائية، مع توفر عنصر الجذب والألوان فيها حتى يقبلوا عليها. وهناك الكتب العلمية التي تناسب مختلف الأعمار، والتي تشرح وتوضح الإنجازات العلمية التي حققها البشر منذ بدء التاريخ وحتى اليوم، وتوضح طريقة عمل بعض الأجهزة الحديثة. وهناك أيضًا كتب اللغة والشعر وصنوف الأدب، التي تؤسس لعلاقة وثيقة باللغة العربية، إضافة إلى كتب متعددة في العلوم المتنوعة مثل تطوير الذات، مع الكتب التي تجذب بعض الفتيات، ككتب الطبخ وغيرها. المهم أن يُحدد في البداية مؤسس المكتبة بوصلة الاختيار، مع الحرص على الغَرف من كل منهل في العلوم الإنسانية. ومن المستحسن أن يكون في المكتبة بعض الكتب التأسيسية لمختلف العلوم يمكن أن تكون عناوينها من قبيل «مقدمة عن..، مدخل إلى..»، مع عدم الاهتمام بعدد الكتب بقدر الاهتمام بنوعياتها.
وفي الختام؛ ينبغي أن نضع نواة لمكتبة إلكترونية يستطيع أي شخص أن يضيف عليها ما يعجبه من كتب جنبًا إلى جنب وجود تطبيقات تشجع على قراءة الكتب الرقمية أو استعراض ملخصاتها.
*البيت بدون مكتبة هو جسد بدون روح. الفيلسوف الروماني شيشرون