أترك أثرا ً قبل الغياب والرحيل «4»
المحور الثالث: السجايا الخُلقية للمرء:
ثانيا ً: المصافحة:
كما أهتم الإسلام بمسألة السلام، فإنه أهتم أيضاً بالتصافح الذي يكون مع السلام، ففي الحديث عن رسول الله : ”إذا التقيتم فتلاقوا بالتسليم والتصافح وإذا تفرقتم فتفرقوا بالاستغفار“ «1».
ينقل لنا التاريخ الإسلامي قصَّة تبين مدى إهتمامهم بهذه السنَّة العظيمة، فعن عن إسحاق بن عمار قال دخلت على الإمام الصادق ، فنظر إلي بوجه قاطب فقلت: ما الذي غيرك لي؟ قال : ”الذي غيرك لإخوانك، بلغني يا إسحاق أنك أقعدت ببابك بوابا، يردُّ عنك فقراء الشيعة“، فقلت: جعلت فداك إني خفت الشهرة، فقال : أفلا خِفتَ البليَّة، أوما علمت أن المؤمنين إذا التقيا فتصافحا أنزل الله عزَّ وجلَّ الرحمة عليهما فكانت تسعة وتسعين لأشدهما حباً لصاحبه. فإذا توافقا غمرتهما الرحمة فإذا قعدا يتحدثان قال الحفظة بعضها لبعض اعتزلوا بنا فلعل لهما سرا وقد ستر الله عليهما، فقلت أليس الله عز وجل يقول: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ فقال : ”يا إسحاق إن كانت الحفظة لا تسمع فإن عالم السر يسمع ويرى“ وقد جاء في فضل المصافحةِ الكثيرُ من الروايات، منها: ما روي عن الإمام الباقر قال: ”إذا صافح الرجل صاحبه فالذي يلزم التصافح أعظم أجرا ًمن الذي يدع، ألا وإن الذنوب ليتحات فيما بينهم حتى لا يبقى ذنب“ «2».
آثار المصافحة على الفرد والمجتمع:
1 - تطيب النفوس، عن الإمام الصادق قال: ”تصافحوا فإنها تذهب بالسخيمة“ «3»
2 - جلب المودة، عن علي قال قال رسول الله تصافحوا فأن المصافحة تزيد في المودة والهدية تذهب بالغل». «4»
3 - تثقيل الموازين، عن الصادق قال إن في تصافحكم مثل أجور المهاجرين»، وعن الحسن بن محمد الديلمي في الارشاد عن أبي عبد الله قال مصافحة المؤمن بألف حسنة». «5»
كيفية المصافحة: وردت في الروايات الشريفة كيفية خاصة للمصافحة حيث أكدت بعض الروايات على أن لا ينزع المؤمن يده من يد أخيه حتى ينزعها الاخر، وهكذا كان بفعل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، فعن الإمام الصادق قال: ”ما صافح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلاً قط فنزع يده حتى يكون هو الذي ينزع يده منه“ «6»
ثالثا ً: الوداع «التوديع»: -
إن للوداع «التوديع» أدبا ًخاصا ًوهو عبارة عن الدعاء ورد: أن رسول الله كان إذا ودّع المؤمنين قال: ”زودكم الله التقوى، ووجهكم إلى كل خير، وقضى لكم كل حاجة، وسلم لكم دينكم ودنياكم، وردكم إلي سالمين“ «7».
رابعا ً: المعانقة
إن المعانقة تعبير من التعابير العملية التي تدلل على الود والحب بين المؤمنين، وقد ورد في الحث على المعانقة وما تحويه من آثار تترك أثرا ً لا ينسى على مدى الأيام والأعوام، ما روي عن الإمام الباقر والإمام الصادق قالا: ”أيما مؤمن خرج إلى أخيه يزوره عارفا بحقه كتب الله له بكل خطوة حسنة ومحيت عنه سيئة ورفعت له درجة وإذ طرق الباب فتحت له أبواب السماء فإذا التقيا وتصافحا وتعانقا أقبل الله عليهما بوجهه، ثم باهى بهما الملائكة، فيقول انظروا إلى عبدي تزاورا وتحابا في، حق علي ألا أعذبهما بالنار بعد هذا الموقف، فإذا انصرف شيعه الملائكة عدد نفسه وخطاه وكلامه، يحفظونه من بلاء الدنيا وبوائق الاخرة إلى مثل تلك الليلة من قابل فإن مات فيما بينهما اعفي من الحساب“ «8». وللمعانقة أثر على النفس الإنسانية، فهي تزرع الرحمة في القلوب وتحرك العواطف النبيلة، ففي الرواية عن الإمام الصادق قال: ”إن المؤمنين إذا اعتنقا غمرتهما الرحمة، فإذا التزما لا يريدان بذلك إلا وجه الله ولا يريدان غرضا من أغراض الدنيا قيل لهما مغفورا لكما فاستأنفا“ «9».
خامسا ً: حسن البشر
من اللياقات الاجتماعية التي أرشد إليها الإسلام بشكل أكيد حسن البشر، ومعنى حسن البشر أن يلاقي المسلم أخوانه بوجه مبتسم، لا بوجه مكفهر مقطب الحواجب بحيث ينفر الاخرون من ملاقاته، فإن من بيلاقي أخوانه بهذه الطريقة السيئة يضع نفسه في موضع السخط من الله تعالى، ففي الرواية عن الإمام علي : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ”إن الله يبغض المعبس في وجه إخوانه“ «10». ولقد كان حسن البشر من صفات الرسول وحث على هذه الصفة الحميدة، ما روي عن الرسول الأكرم : ”إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فالقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر“ «11».
آثار حسن البشر إن لحسن البشر اثاراً اجتماعية مهمة يعرفها من ديدنه، فمن اثار هذا الصفة الحسنة. 1 - المودة، لأن حسن البشر يحمل في خلفياته نفسا طيبة ودودة، تحب التقرب والآخرين بخلاف التجهم الذي يوحي بالعدوانية، وقد ورد عن الإمام علي : ”البشاشة حبالة المودة“، وعنه «سبب المحبة البشر. «12». 2 - تقوية أواصر الإخاء، عن علي : «حسن اللقاء يزيد في تأكد الإخاء» «13».
3 - إماتت الضغائن، عن علي «دار الناس تستمتع بإخائهم، وألقهم بالبشر تمت أضغانهم»، وعنه «القهم بالبشر، تمت أضغانهم» «14».
4 - غفران الذنوب، عن الإمام علي : ”إذا لقيتم إخوانكم فتصافحوا، وأظهروا لهم البشاشة والبشر، تتفرقوا وما عليكم من الأوزار قد ذهب“ «15». 5 - وجوب الجنة، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله قال: ثلاث من أتى الله بواحدة منهن أوجب الله له الجنة: الانفاق من إقتار والبشر لجميع العالم، والانصاف من نفسه. «16».