هل غابت ثقافة الشكر والامتنان؟
وحتى لا أقع في فخاخ التعريفات والمصطلحات التي لا تنتهي، بل ولا يمكن حتى الإمساك بها، سأقفز مباشرة إلى الكتابة عن ممارسة إيجابية نحتاجها كثيراً في حياتنا المعاصرة والتي تزدحم بالمرارة والجحود والخذلان والقسوة والغدر والنكران والكثير الكثير من السلوكيات السلبية التي أصابت إنسانيتنا المنشودة في مقتل، تلك الممارسة المقصودة هي ثقافة الشكر والامتنان.
لن أقف عند مصطلح الثقافة كما ذكرت، ولكنني فقط أشير إلى أن الثقافة يمكن فهمها وتحديدها من خلال العديد من المكونات أهمها العادات والتقاليد والأعراف والممارسات والسلوكيات، وثقافة الشكر والتقدير والامتنان واحدة من تلك المكونات والمنتجات التي تُشكّل جوهر الثقافة.
المقصود بثقافة الشكر والامتنان، هو الأسلوب الإيجابي الذي يُمارسه البعض للتعبير عن شكرهم ورضاهم وتقديرهم لمن أسدى لهم معروفاً أو قدم لهم خدمة، وقد تصل هذه الثقافة/العادة في بعض الأحيان إلى حالة متقدمة من الشكر والامتنان تجاه بعض التفاصيل البسيطة التي لا يُلتفت إليها، كأن يتذكر طالب بكل حب وتقدير موقفاً إيجابياً لمعلم تجاهه طيلة حياته أو يُهدي شخص بعض المال لعامل بسيط أنقذ قطة عالقة بعمود كهرباء. بكل صراحة، لا أعرف نسبة تواجد هذه الثقافة/العادة في مجتمعنا، فهي تحتاج لمراكز معلوماتية وبحثية، ولكنها كما يبدو ليست نسبة كبيرة، وهدف هذا المقال هو تعزيزها وتكثيفها.
فالشكر والتقدير والعرفان والامتنان، حزمة مضيئة من الإيجابية والتكاملية المجتمعية، وثقافة أصيلة تعكس مستوى الوعي الاجتماعي، ولكنها أيضاً علاقة بينية رائعة تتطلب تعليماً وتدريباً وتحتاج لمهارة وفن.
حينما نشكر من أسدى لنا معروفاً أو قدم لنا خدمة، نحن لا نسعده ونشجعه على الاستمرار في مساعدة وخدمة الناس فقط، ولكننا سنشعر بالسعادة كذلك لأننا سنفخر بذواتنا وإنسانيتنا، والأهم من كل ذلك هو صنع بيئة صحية وسوية في المجتمع. وحينما نكتب رسالة أو تغريدة لجهة ما قامت بجهود قيمة أو ساهمت في حل مشكلة معينة، سيشعر المسؤولون والمنتسبون لتلك الجهة بالفرح الممزوج بالفخر، الأمر الذي سيزيد من منسوب انتمائهم ويحملهم مسؤولية المحافظة على الصورة الجميلة التي رسمها المجتمع لهم.
ثقافة الشكر والامتنان، أشبه بلقاح آمن هدفه الأول مكافحة فيروس الجحود والنكران.