القوى الناعمة السعودية
قبل عدة أيام، رحل عن عمر ناهز ال88 عامًا، المفكر والسياسي الأميركي الشهير جوزيف ناي، صاحب نظرية/ مفهوم ”القوّة الناعمة“ والتي صاغها في كتابه الشهير ”ملزمون بالقيادة: الطبيعة المتغيرة للقوة الأميركية“ وذلك في عام 1990، والتي تحوّلت إلى منهج يُدرّس في الجامعات والمعاهد العلمية والدبلوماسية، بل وأصبحت ممارسة ثقافية وفكرية وسياسية شكّلت وصاغت أفكار ورؤى الكثير من صنّاع السياسة وقادة الفكر، خاصة في مجال العلاقات الدولية.
وخبر وفاة هذا المفكر الذي صاغ مفهوم القوّة الناعمة التي تتركز في ثلاثة مصادر: الثقافة والقيم السياسية والدبلوماسية الخارجية، حرّض الكثير في كل العالم للكتابة عن القوى الناعمة في بلدانهم وفي دول العالم على وجه العموم. بالنسبة لي، كتبت كثيراً عن القوى الناعمة السعودية التي تزدحم في قائمة طويلة ومتنوعة للقوى الناعمة السعودية التي تستحق أن تُفرد لها المقالات والدراسات، بل جاء الوقت لتكون العنوان الأبرز والأهم للكثير من الكتب والمؤلفات.
وحول أهمية وضرورة الاهتمام والعناية بالقوى الناعمة في السعودية، لم أجد أروع من فكر وتحليل الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود أمير منطقة القصيم، وهو يكتب عن تفرد وتميز القوى الناعمة السعودية: ”إن المملكة العربية السعودية تمتلك قوى ناعمة في جميع المجالات مرتكزة على مكانتها الإسلامية والتاريخية والاقتصادية التي انطلقت منها الرؤية الطموحة رؤية السعودية 2030 بفكر ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد، لتكون المملكة جاذبة ومؤثرة عالمياً، إضافة إلى أن مشاريع وبرامج رؤية السعودية 2030، أصبحت انموذجاً عالمياً ناجحاً للقوة الناعمة، تمثلت في إطلاق العديد من المبادرات على المستوى العالمي وكان لها تأثيراً كبيراً في دعم القوة الناعمة للمملكة العربية السعودية، ولعل من أهم عناصر القوة الناعمة السعودية الاستخدام الأمثل للرياضة في استقطاب اللاعبين العالميين مما يلفت أنظار العالم إلى التميز الرياضي السعودي، وكذلك الجانب الإنساني والطبي وفي مقدمتها فصل التوائم السياميين وكذلك الأعمال الإغاثية من خلال إسهامات مركز الملك سلمان للإغاثة إقليمياً ودولياً، والكثير الكثير من المبادرات والإسهامات التي تعتبر من أهم مقومات القوة الناعمة السعودية“.
ما يحدث من تحوّل وتطور كبير ومذهل في المملكة والذي طال كل القطاعات والمجالات، يحتاج إلى تركيز وتكثيف في القوى الناعمة السعودية التي لا مثيل لها في كل العالم، فهي العنوان الباذخ والجاذب لتفرد وتميز هذا الوطن الملهم بكل تاريخه وحضارته، والذي يستحق أن يكون في صدارة الفخر وفي قمة المجد.