لا تكتب بالطريقة الحيزبونية

 

حسن، يا صغيري الجميل!

حين تكتب شيئًا، فحاذر من الكتابة بالطريقة الحيزبونية ذات الوجه الذميم أو الصياغة العقيمة التي لا تعيها الأذهان الراجحة، فضلاً عن الناشئة! واعلم أن الكاتب القدير بمقدوره أن يُقَدِّم أعمق الأفكار وأجملها، بقالبٍ جميل (حسن) يخطف الأعين، ويأسر الألباب! تمامًا، كضرس جدّتك الذهبي الذي ابتاعته في العراق، ولم يبقَ لها غيره -يا صلاة النبي!- ولا تحسب أنك ستصبح كاتبًا مميّزًا حين تكتب بلغة حيزبونية مصطنعة، لا نَميزُ أولها من آخرها، وللأسف، قد لا تعيها حتى أنت! مع احترامي لتسريحة شعرك الجميلة!

لا تفهم من قولي هذا أني أدعوك للكتابة كيفما اتفق، بل عليك أن تتصيّد أجمل الكلمات المُبَيِّنة للمعاني التي تريد إيصالها للمتلقي، فالجمال مطلب العقلاء. ولعلّك تتذكر المقولة السابقة لجدّتك الهاشمية، حين قالت لك: "يا بني، إن الحلي والأساور، تعطي للعروس جمالاً آخر". لكن، إذا كانت العروس قبيحة من الأساس، فهل سيتغير حالها، وإن أضفنا عليها طن من الأصباغ أيضًا؟

لذلك، أنصحك نصيحة عجوز فاتنة، -ليست من القواعد، وليس لها أية علاقة بالحيزبونات الذميمات اللائي يصرعن الأطفال رعبًا وهلعًا- أن تهتم بجوهر أفكارك أولاً، وثق أن من يمتلك الفكرة الجميلة، سيوفّق لتقديمها في أجمل قالب، إن استمر في الكتابة الجادة.

نعم، يا بني! لك أن تستعمل، حزمة من المصطلحات؛ لبثِّها بين السطور. لكن، بشرط أن تضعها في موضعها المناسب بعيدًا عن التكلّف -ولك أن تشرحها لغير المتخصصين-، وعليك بالابتعاد -ما استطعت- عن الكلمات النافرة أو الوحشية، التي ليس لها محل من الإعراب أو الذائقة!

وفي الختام، أضع بين يديك مقتطفات من قصيدة صفي الدين الحِلِّي، التي كتبها بعد أن قيل له إنك تكتب القصائد التي تتسم بالسهولة والبساطة، فقال:

إنّما الحَيزَبونُ والدّردَبيسُ،

والطَّخَا والنُّقاخُ والعَطلَبيسُ

والسّبَنتَي، والحَقصُ، والهِيقُ،

والهجرسُ والطرقسانُ والعسطوسُ

لغة ٌ تنفرُ المسامعُ منها

حينَ تُروى وتَشمَئزّ النّفوسُ

وقبيحٌ أن يذكرَ النافرُ الوحـ

ـشيءّ منها ويتركَ المأنوسُ

أينَ قَولي هذا كثيبٌ قَديمٌ،

ومَقالي عَقَنقَلٌ قَدمُوسُ

لم نجدْ شادياً يغني قفا نبـ

ـكِ على العُودِ، إذ تُدارُ الكؤوسُ

أتُراني إن قُلتُ للحِبّ يا عِلْـ

ـقٌ درَى أنهُ العزيزُ النفيسُ

أو إذا قلتُ للقِيامِ جُلوسٌ،

علمَ الناسُ ما يكونُ الجلوسُ

إنّما هذِهِ القُلوبُ حَديدٌ،

ولَذيذُ الألفاظِ مِغناطيسُ

كاتب سعودي «القطيف».
عنوان مدونة الكاتب: http://www.elaphblog.com/hahamadah