إحياء الانتصار لا الهزيمة!!
كلمتان، كل واحدة منهما لها معنى معاكس للأخرى، ولا يمكن لهما الاجتماع أبدا، فهما ضدّان، والضدان كما هو معلوم لا يمكن أن يجتمعا أو يرتفعا معاً، واحدة من هاتين الكلمتين قد ذُكرت في القرآن الكريم، أكثر من 120 آية بتصاريف متعددة، «هي كلمة الانتصار»، بينما الأخرى وعلى كثر آياته والتي يبلغ عددها 6236 آية، ذُكرت ثلاث مرات فقط!! وهي «كلمة الهزيمة» فقد جاء فيه:
1/ « فهزموهم بإذن الله وقتل داوود جالوت » البقرة 251
2/ « سيهزم الجمع ويولون الدبر » القمر 45
وقد نفهم سرّ ذكره للهزيمة ثلاث مرات أن الأصل في الإنسان أن يكون منتصراً لا مهزوماً، فقد زوّده الله سبحانه بكافة الإمكانات التي تجعله منتصرا لامهزوما. وإن انهزم، فالهزيمة سواء كانت على مستوى فردي، أو كانت على مستوى جماعي، ماهي إلا عارض يعود لأسباب ذاتية أو خارجية، يستطيع الإنسان بالتوكل على الله والثقة بعطائه، وبتهيئة الأسباب وعدم التواكل وبالجدّ والسعي الدؤوب وبالتذكّر دائما بأنه يملك عناصر القوة التي تخوّله للانتصار في ساحته الداخلية على مستوى قوى الشر في ذاته، أو في ساحته الخارجية، المتعددة المظاهر.
3/ « جند ماهنالك مهزوم من الأحزاب » ص 11
وهاهي إحدى عناصر القوّة تعود من جديد ويعود معها تسطير الانتصار الساحق الذي جرى في الملحمة الكبرى المتمثلة بعاشوراء الحسين « ع» والتي يزداد وهجها كل عام فتمنحنا العطاء الذي لاينفد والنبع الذي لايجف عبر كرور الأيام والدهور، هي كربلاء الانتصارات لا الهزائم، الشمس المتوهجة التي تمدّ بضيائها ودفئها من يُحييها شعيرة وشعاراً ومحتوى ومضمونا، فلايقتصر على واحد دون الآخر، فهما متلازمان، وإحياء أحدهما دون الآخر هو هزيمة، واحياؤهما متلازمين شعيرة ومحتوى أحد أسباب الانتصار، وهذ من أهم دروس كربلاء الحياتية أن نحييها شعيرة ومحتوى، شعارا ومضمونا فنجعلها مصدرا نستلهم منه مانفهم به حاضرنا، لنستشرف ونبني مستقبلنا، فهي هويتنا وانتماؤنا ومتنفّسنا وامتداد قضايانا