قميص عثمان!
لا يوجد في التاريخ قضية استغُلت سياسياً بشكل بشع للغاية أعظم من «قميص عثمان» الخليفة الثالث الذي قتل على ايدي مجموعة من الثوار المعارضين لحكمه ولأسلوبه في ادارة الدولة الاسلامية الفتية، ولست في وارد التقييم عن معطيات وملابسات عملية الاغتيال الخطيرة للخليفة الثالث!
فقد استغل معاوية ابن ابي سفيان القضية اعلامياً ووضع قميص عثمان على منبر الشام وصار يطالب بدم الخليفة «المظلوم» ويؤلب الناس على الخليفة الشرعي علي ابن ابي طالب وشنت حروب ثلاث بحجة الاغتيال المذكورة، فكانت حرب الجمل واعقبها صفين وختمت بالنهروان!
اصبحت اليوم الكثير من الدول والحكومات والمجموعات تحتل وتقتل وتنهب بسبب قضايا وهمية في الاساس انما تستغل حدثاً بسيطاً او حتى تفتعله لاستثماره من اجل تصفية الحساب مع مجموعه من الناس اعلامياً وسياسياً وعسكرياً، وتأليب الرأي العام ضد تلك الفئة المسالمة والبريئة في وقت مدروس بسيناريو معد ومخطط له، وكمثال بسيط قامت اسرائيل باحتلال جنوب لبنان في حزيران عام 1982م حتى وصلت الى بيروت بزعم تعرض السفير الاسرائيلي « شلومو أرجوف »في المملكة المتحدة الى محاولة اغتيال على ايدي مجموعة «ابونضال»، واتضح فيما بعد ان العملية كلها مفبركة، وكذلك قامت القوات الامريكية باحتلال العراق في عام 2003م بحجة ان الرئيس العراقي السابق «صدام» كان يمتلك اسلحة الدمار الشامل وانها تشكل خطراً على المنطقة والعالم، واحتلت العراق وهدمت اركان الدولة وقتل الآلاف من الناس واستبيحت الحرمات، وبعد ان انجلى غبار الغزو لم تستطع امريكا ان تثبت للعالم مكان الاسلحة المزعومة او نوعها او حتى دليل على وجودها.
هو الاستغلال البشع لحدث ما أو تكبير حدث صغيراً جداً أو حتى لافتعال الحدث لتنطلق جوقة من الاعلام والسياسة لاستغلاله ضد فئة او دولة او مجموعة من الناس من اجل تصفية الحساب، فتارة تتهم فئة بأنها قتلت شخصاً في منطقتها وتسير جوقة الحاقدين والمنتفعين كالقطيع وتردد ما تقوله وسائل الاعلام دون التحقق! أو حتى السؤال كيف واين ومتى؟؟
ان الحقيقة تحتم علينا ان نبحث عنها فمن اجل وعي ورشد علينا ان نتحقق من كل خبر يتم تداوله في الاعلام خاصة اذا كان اعلام اشتهر بالكذب والنفاق وقلب الحقائق منذ عشرات السنين: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ