من سيربي أبناءنا بالمستقبل؟
ربما سيختلف معي البعض، لكن هي الحقيقة والقراءة الصحيحة للواقع القادم، فلقد تغيرت المعادلة واستبدلت المهمات، فالأم لن تعد أماً، والأب لم يعد أباً، وستقتصر مهماتهما على التربية الإلكترونية!
كانت الأم العظيمة تحمل العبء الأكبر في مشروع الأبناء وبناء المستقبل، فهي من يغرس ويزرع ويغسل ويطبخ، ويذاكر، ويداوي، ويأوي، وربما تعمل بنفس الوقت، أما الأب الشجاع، فكان يؤمن السكن ولقمة العيش، والعلاقات الخارجية مع العائلة، كالتعليم والمشافي والمشاوير وغيرها، وأحيانا يشارك الأم ببعض المهام المنزلية، إذا الأم تزرع والأب يحصد، وهذا مشروع جميل متناغم بين الرجل والمرأة.
لكن الجيل القادم سيختلف جداً! وستتغير كل المهمات الأسرية، وستتبدل أشياء كثيرة بعصر العالم الجديد، بعصر السرعة والإعلام المفتوح، بعصر الزحمة والركض وراء المعيشة الضنكة، وسيصبح ثمانون بالمائة من الأمهات الخليجيات موظفات حسب إحصائيات رسمية، والنتائج الأن بتصاعد، وسنبدأ من حيث أنتهى الخواجات « الغرب »، وستزداد لدينا أعداد المربيات ودور الحضانة.
أتصلت ببعض مسؤولي التراخيص عن دور الحضانة وبيوت التربية الخاصة بدول الخليج العربي، وأخبروني أن طلب افتتاح مدارس ورياض خاصة للأطفال الصغار وحتى « الرضع » بازدياد مضطرد، مما توقع بعضهم أن بعد عشر سنوات ستصبح دول الخليج مكتظة بمدارس التربية والحضانة بشكل ملحوظ، وستستلم مهمة تربية أبناءنا، جنباً الي جنب مع المربية المنزلية، والسبب انشغال الأم بالوظيفة، وهذا حتمي وضروري من أجل لقمة العيش بالعصر الجديد.
صحيح توجد استثناءات ببعض البيوت، ولازالت أمهات يقمن بالدور القديم المنوط بهن، لكن هذا هو الواقع القادم، فنحن نساير الحياة الجديدة، ويجب أن نتكيف معها، ويجب أن نلوي عنق العادات والتقاليد كي نواكب شعوب العالم بعصر العولمة المعلوماتية، وستصبح العلاقات الأسرية والاجتماعية بالنظام الإلكتروني، وهاهي بدأت منذ سنوات وتواصل الانتشار، وأصبح كل شيء برسالة الكترونية بالواتساب وغيره، كتربية الأبناء، والسلام على الوالدين، وعلاقات الأزواج، ودعوات الأفراح والأتراح، والمعايدة وصلة الرحم، والكثير من مظاهر التواصل الاجتماعي الإنساني، فلقد سلبها العالم الإلكتروني العصري ورمى بواقعها وجمالها الواقعي، وأستبدلها بثوب من الخيال الرقمي.