التنـفـيـس!
الإنسان نتاج من كومة لحم وكومة مشاعر، وكلاهما مرتبطان ومنصهران ومكملان لبعضهما.
لكل مكون مسبب وجودي، ومغذي ومنفّـس: فكومة اللحم سببها « لقاء حميمي بين الأب والأم »، وغذائها محسوس من الطعام والماء، ومتنفسه خوارج الفضلات الزائدة من الجسم بشتى أنواعها وطرقها، والهدف منها حماية الجسد اللحمي.
أما مكون المشاعـر: فسببه نعمة الله الكبرى، وهو العـقل، وغذائه « التلقيم بالمعطيات »، وبالإنجليزية DATA، وهي مجموعة أفكار وأرقام أثيرية غير محسوسة، ومتنفسه خوارج الضغوط المحيطة بكومة المشاعر، وبشتى أنواعها وطرقها، والهدف منها حماية الروح.
بالحكمة الإلهية وقانون السماء، يتخلص الجسم أوتوماتيكياً من الفضلات الزائدة المحسوسة، من جوامد وسوائل عن طريق الأخراج بالفرض أو بدونه، لكي يتنفس الجسم أو سينضغط وينفجر!
لذا ومن باب الحكمة أن يحصل نفس الشيء مع المكون الثاني «الروح»، وتتـنفس كومة المشاعر من الضغوط، ولكن! مصيرها بيد الإنسان نفسه، فهو من يقرر متى يتنفس، ومتى يرتاح، ومتى يأخذ وقفة، ومتى يكسر الروتين، ومتى لا يبالي.. الخ.. وتلك أرواحكم بين أيديكم.
الضغوط النفسية مرض العصر التي تصيب كل إنسان، لأنها من مكوناته « المشاعر »، ولأننا معرضون يومياً لظروف تبادل الضغوط مع شركائنا البشر، مني وإليك وبالعكس، وكلاً منهما يرمي بمشاكله وهمومه على الأخر، حتى يمتلأ وعاء الذاكرة « الملقم » بالمعطيات الجميلة والبشعة.
الله عادل، ورفع السماء ووضع الميزان، ولا ذرة شك بذلك، لكن نحن من نسبب خلل بدفة العدالة تجاه أنفسنا، ونحن من نغيّر في ميزان الحياة، فنؤثر ونلخبط بالمعادلة، فيصبح خلل بالتنفيس الروحي، فننضغط ونموت قبل أجلنا!
أخي الإنسان: أهتم بنفسك وأرحها من الضغوط اليومية، فالدنيا ذاهبة، والأموال زائلة، والوقت يمضي، والحياة ستواصل بك أو بدونك! فأعطي نفسك حقها كما تعطي غيرها، فأنت أولى بها، وقبل أن يفنى الجسد وتصبح ذكرى « كان هنا ».. قال الأسكندر: أبي خلق مني كومة لحم! أما أستاذي فخلق مني إنسان!