المكفوفين بين الحلم والواقع
يعتبر مركز رعاية المكفوفين بالقطيف التابع لجمعية مضر الخيرية بالقديح أول مركز يخدم المكفوفين في محافظة القطيف تأسس عام 1428هـ.
ويخدم كلا الجنسين «المكفوفين وضعاف البصر»، ويبلغ عدد المشتركين 125من الذكور - و65من الاناث ومن خدماته للمكفوفين برامج الرعاية الصحية، التثقيف الصحي، وبرامج الحاسب الآلي والمعلومات، الدورات، اللياقة البدنية، المتابعة الدراسية، والبرامج الثقافية والاجتماعية.
وقالت أحلام العوامي - كفيفة - معلمة ببرنامج الدمج بالقطيف للكفيفات ومتطوعة للعمل بالمركز:
بدأ المركز بتقديم خدماته عام 1429 هـ وتنوعت خدماته وفعالياته انطلاقا من حاجاتهم الاجتماعية والنفسية والتعليمية والثقافية والتأهيلية والمادية والتدريب على التعامل مع وسائل التقنيات «حاسوب، ايفون» ومساعدتهم على اقتناء الادوات الخاصة بهم بالإضافة للأنشطة الرياضية والترفيهية، ومن خدماته توعية المجتمع بهذه الفئة.
فشملت خدماته المكفوفين منذ ولادتهم والمكفوفين حديثا وضعاف البصر من القطيف وخارجها، وهو اول مركز يفتتح للمكفوفين والكفيفات بالمنطقة الشرقية،.
وأشارت زهراء المقبل - كفيفة - موظفة في القطاع الخاص ومتطوعة للعمل بالمركز: عندما تتردد كلمة « الكفيف » على مسامع الناس، فإن هذه الكلمة غالباً ما تثير لديهم تساؤلات ومشاعر واتجاهات ومفاهيم متباينة، تختلف باختلاف طبيعة ثقافتهم ومدى وعيهم بقضايا ذوي الاحتياجات الخاصة، كما قد تثير لديهم التعجب والشفقة والحزن في آن واحد، وسوف يدفعهم ذلك إلى التفكير في كيف يتمكن الكفيف من أن يحيا في المجتمع وهو محروم من نعمة البصر.
فبعض المجتمعات لا تقدر الكفيف والمعاق بشكل عام ولا تحترمه وتتجاهله، هذا إلى جانب المضايقات التي يتعرض لها وتذكيره بإعاقته، كما أن هناك بعض الفئات من الناس التي ترفض التعامل معه بحجة أنهم لا يعرفون الطريقة المثلى والمناسبة للتعامل مع الكفيف.
وأضافت المقبل أن من أكبر المشاكل التي تواجه الكفيف صعوبة الحصول على وظيفة، فكثير من مؤسسات العمل ترفض توظيف المعوقين بصرياً على الرغم من حصولهم على أعلى الدرجات العلمية كالماجستير والدكتوراه وإجادتهم للكثير من المهارات التي يتطلبها سوق العمل كإتقانهم للعديد من برامج الحاسوب وتمكنهم من اللغة الإنجليزية، فضلاً عن ان الكثير من المكفوفين قد تم تدريبهم وتأهيلهم للانخراط في الكثير من الأعمال اليدوية.
وكل ما يحتاجه ذوي الاحتياجات الخاصة من المجتمع أن يُمنحوا الفرصة لأنهم لا يحتاجون إلى الشفقة، بل إلى الفرصة لإثبات أنفسهم والعمل وتحقيق طموحاتهم في الحياة بطريقة طبيعية.
وبينت نعمة الرضوان - كفيفة - خريجة بكالوريوس تربية خاصة ومتطوعة للعمل بالمركز: - عدم القبول المجتمع للمكفوفين نتيجة لقلة الوعي، صعوبة الحصول على وظيفة حيث تقتصر الوظائف للمكفوفين على السنترال.
وقالت وفاء الخويلدي - مبصرة - مدرسة الدخول في عالم الابصار أنامل تتحس ملامحك وسمع مرهف يحمسك أن تواصل حديثك... هنا ستغيب اﻷضواء وينحسر البصر لتنفتح كل آفاقك في رحاب النور ورؤية اﻷمور على حقيقتها..
كف حنونة تتلمس يديك وقلب بمنتهى البياض وارادة بملأ الاباء هكذا هم مبصرات المركز تعيش معهم حلاوة أخرى زينتها الإيمان ومذاقها الرضا بقضاء الله.
ستخرج من المركز وأنت تشفق على نفسك فأين ايمانك وكيف فرطت في مواهبك
لن يغيب عن بالك ابتسامة جميلة وأذن تتلهف لسماع حديثك وذاكرة لن يغيب صوتك فيها بين ألوف اﻷصوات..
شكرا لوجودكن في حياتي أيتها المبصرات
والامتنان واصل لمن جمعكن في مركز أنتن رواده وأجمل أزهاره.
وقالت سهير الخميس - كفيفة - طالبة في فصول محو الامية كنت قبل التحاقي بالمركز إنسانة يائسة ولم كان عندي أمل في الحياة كنت أتساءل لماذا الناس تعيش حياتها بشكل طبيعي وأنا لا؟ كنت دائما أشعر بالنقص وكان شعوري الدائم باحتياجي للآخرين يؤلمني ويشعرني بأن وجودي مثل سواه في هذه الدنيا ولكن كل هذا تغير وتلاشى من حياتي بعد إن التحقت بالمركز.
أول يوم التحقت بالمركز كان هو يوم ولادتي من جديد.
ومن خلال الفعاليات والدورات التي قدمها المركز بدأت أشعر بتغيير سريع في حياتي دون أن أسعى أنا لتغيرها. أصبحت نظرتي للحياة مليئة بالتفاؤل والأمل.
تعلمت كيف أخلق السعادة إلى نفسي، أصبحت أرى الدنيا بأحلى الوانها، وأصبحت عندي قناعة تامة بأن فقداني للبصر نعمة من الله سبحانه وتعالى، وأصبحت مؤمنة تماما بأن البصيرة أهم من البصر.
وعرفت إني ما دمت أمتلك نعمة العقل فأنا قادرة أن أحقق المستحيلات، وتعلمت كيف أحول الأفكار السلبية إلى أفكار إيجابية.
فمثلاً، حين أفكر لماذا أنا من بين كل الناس محرومة من نعمة البصر، أقول لنفسي لأن رب العالمين له حكمته، ربما لو كنت مبصرة لعشت حياتي بطريقة خاطئة.
وحين أفكر لماذا كل الذين مثلي درسوا وتخرجوا وأنا لا، أقول ربما لو درست وأنا طفلة لكرهت الدراسة مثل البعض، ولا أتفوق في دراستي، وغيرها الكثير من الأفكار.
كل شيء تغير في داخلي للأحسن، اكتشفت أنني تغيرت من شخص لآخر.
اصبحت عندي ثقة كبيرة بنفسي، شخصيتي تغيرت والكل من أهلي ومعارفي لاحظوا تغيري، وأسعدهم هذا التغير. ومن خلال المركز كونت أحلى صداقات وأصبح وجودهم في حياتي له معنى كبير. كل هذا بسبب التحاقي بالمركز الذي أعتبره بيتي الثاني وكل من فيه أسرتي الثانية.
وكل الذي وصلت إليه من تطور نفسي يعود لبيتي الثاني، ولأمنا الروحية الأستاذة أحلام، التي كانت تسعى دائما إلى تطويرنا للأحسن.
وأشارت - هيفاء العسيف - مبصرة - اخصائية نفسية بالمركز في عالمٍ بلا ألوان، عالمٌ معتم، ينبثق منه نور البصيرة، ليشع إشراقاً، فيملأ كينونته بهاءً وجمالاً..
الكفيف نعم هو فاقدٌ لبصره لكن بصيرته معه، تمهد دربه وتذوقه جمال الحياة، الكفيف كأي فرد سليم يستطيع أن يعتمد على نفسه بعزمه وإصراره، كلنا قد نتعثر ونسقط، لكن بقوة الإرادة نتعلم من هذه السقطات حتى نصل إلى حيث القمة..
بإبداعٍ يتألقون، طاقاتهم تفجر مواهب، من تفانيهم ندرك أننا ما خلقنا في هذه الحياة علماء بل علينا أن نخوضها لنتعلم ونمضي قُدُماً..
كم من كفيفٍ مضى وانطلق وحقق ما لم يحققه مبصر، كم من كفيف قاد وتميز..
فلنضع أيادينا بأيديهم لنعينهم ونتعلم منهم أن البصيرة والإرادة والأمل هم ينابيع تتفجر لتفرش الدرب بساطاً أخضراً..
فلتحطموا العوائق ولتفتحوا الأبواب وانطلقوا يا ذوي البصائر..