«ملتقى أيتام القطيف» رسالة من يتيمة
يبدو أنه حين تقرع طبول الحقيقة فإن قرعك لن يسمعه غير من مسته يد الواقع بكفوفٍ مبرحة تاركةً آثارها واضحةً على قلبه..
و هذا ماحدث معي بعد نشر موضوع «ملتقى أيتام القطيف» فبعد الآراء المعارضة لما نشرت وصلتني هذه الرسالة في بريد الفيس بوك من إحدى أيتام القطيف ملامسة لجرحٍ لايمكن أن يستشعره أولئك الغيّاب عن ملتقى «الرحمة»
وهذا نص رسالتها..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة لروحك الكريمة أستاذي..
قرأتُ مقالكم الدائر حول موضوع «ملتقى أيتام القطيف»
و تفاجأتُ جداً من ردة الفعل عند البعض..
ربما علا صوت صخب الحياة في أسماعهم فتعذر عليهم سماع بكاء أيتام منطقتهم..
و لربما أترفت أعينهم بملذات دنياهم حتى ماعاد بإمكانهم أن يروا دموعهم..
قد يظن البعض بأن الفاقد لوالده محتاجٌ فقط لبضع ريالات أو كسوة عيد أو كسرات خبز تسد جوعه ناسين أنهم أولاً وأخيراً بشر ولكن بمستوى أعلى من الحساسية ورقة الشعور..
جوعهم يقتات من نظرة حانية فيكتفي شبعاً وأجسادهم تحتاج أيدٍ كريمة تربت عليها لتكتسي بعدها بأجمل حلة..
نحن نلتمس لهم العذر في عدم الحضور أو المشاركة ولكن ما الضير لو أنهم أرسلوا بقصاصة ورقية مذيلة باعتذارهم عن عدم الحضور نتيجة ظرفٍ طارئ - ولو كذباً - وحينها لن نلتفت لتقصيرهم... مخجلٌ حقاً فعلهم خصوصاً وأنهم كانوا في ضيافة شهرٍ كريم
شهرٌ يقف فيه كل الأيتام على باب كافلهم الأول منتظرين لمسة رؤوفة منه متأملين أن يترك بعضاً من خلقه كميراثٍ لشيعته..
أ هكذا يقتدون بإمامهم الأول؟!!
ذلك اللذي كان يحتظر كل أيتام الكوفة ومساكينها لاحتظاره؟!!
إمامهم اللذي مانسي تلك الفئة من وصيته
و لكن ماعسانا نقول في أمةٍ جل اهتمامها مظاهر اجتماعية وكلمات شكر مزيفة تتصدر الصحف..
أستاذي الفاضل..
أنا إحدى أيتام المنطقة ولايهم عمري تحديداً فقد ذقت طعم اليتم منذ الثامنة من عمري ورغم عدم حاجتي المادية ولله الحمد إلا أنني أحياناً أتوق لحضور هكذا محافل ربما لأني أريد أن أسند قلبي على قلوبٍ شربت من ذات الكأس اللذي شربته ولكنني امتنعتُ عن الحضور نتيجة لردات فعل بعض القائمين على تلك المحافل..
يحضرني موقف قد يراه البعض غير ملائمٍ للموضوع ولكن لأثبت لك بأننا منطقة تعتمد على الرياء والسمعة
قبل فترة وجدتُ إعلان لدورةٍ ما - لن أذكرها بغية عدم التشهير - الفئة المستهدفة هن اليتيمات في المرحلة الثانوية ولأنني طالبة ثانوي اتصلت للتسجيل في الدورة..
أخذت الموظفة معلوماتي.. اسمي.. عمري.. مكان سكني ومدرستي.. وأين كان يعمل والدي
و حين علمت بأن والدي كان موظف بشركة أرامكو رفضت تسجيلي لأن الدورة لليتيمات المحتاجات!!!
أخبرتها بأني سأدفع رسوم الدورة مضاعفة فقط أريد أن تقبل تسجيلي لأني كنتُ فعلاً أحتاج أن أختلط ببعض من يعيشون وضعي
لكنها رفضت بحجة أن الأسماء سترفع لجهات عليا وتلك الجهات تريد ذوات الحاجة فقط!!!!
بعد كل هذا سيدي الكريم هل تظن بأنهم سيحضرون ملتقاكم..
هم ألقوا بشيكاتهم على مكاتب الجمعيات ووقعوها بأسمائهم ونسوا بأنهم لو ذيلوها بـ فاعل خير لكانت أثوب
حجزوا صالاتهم الفخمة وأتخموا الطاولات بكميات أطعمة وتغافلوا عن أن قلوبنا أشد جوعاً من البطون..
دعهم سيدي يبخرون البشت ويعطرون الثوب ويتجهون لمحفلٍ آخر يمتلئ بالصحافة وآلات التصوير ودعنا نحن نطرق باب عليٍ لحين احتظاره في العام المقبل..
التوقيع ابنة السابعة عشر ن / م / س
رداً على الأخت الكريمة / ن
أقول..
بأن من يغفون وسط أحضان علي ابن أبي طالبٍ ومن تهدهدهم يداه الرحيمة عليهم ألا يهتموا لبشرٍ ذوي أرواحٍ متحجرة لايمكنها أن تستشعر حجم ماتعاني تلك الفئة ولن تستشعر حتى وإن ضربناهم فوق رؤوسهم بحجر بغية أن يستيقظوا..
خلو الملتقى من العمائم والبشوت لا يعني خلوه من بعض القلوب الرحيمة التي يهمها ألا تنحدر دمعةٍ من يتيم في شهر الله الكريم..
رغم ذلك كان سيعني الكثير للجميع.. فجميعنا صغر أو كبر يفرحه أن يجد منه هو أكبر منه ليس بالضرورة عمراً المهم أكبر منه مقاماً أو مركزاً يجده متفقداً لأحوال أبناء جلدته ممن حرمهم قدرهم من سندهم الفعلي وكنا ننتظر أن يخلقوا لهم سنداً جديداً كسجرٍ متراص يعتمد على تجمعهم لا فرقتهم..
تبكون ونبكي ويبقى كبارنا يضحكون أمام عدسات الكاميرا لمشاريع من شأنها بناء أسمائهم وهدم الفرح في قلوبكم..
كان الله في عون كل يتيم ودعائي لمن تعمدوا الغياب بأن يستيقظوا قريباً فلربما دار عليهم الزمن لاقدر الله وجعل من بعض أقاربهم جزءاً فعلياً من ذلك الملتقى حينها سننتظر لنرى كيف ستتحول الآية وتنعكس