سبع رُطَبَات رمضانيّة
سبع رُطَبَات رمضانيّة
رمَضَان /
شَهرُ .. زَادٍ ،
حيثُ يغْزُو النَّحلُ كُرَّاسِي ،
ولَو حُكِّمْتُ في التَّاجِ لأعْطيتُ لهَذَا الرمضَانِ .. الصَّولَجَانْ !
إنَّهُ شَهْرٌ مِن التَّمْرِ ، منَ الماءِ ،
مِنَ القُرآنِ ، مِنْ فَجْرٍ حَنُونٍ فَارِغٍ إلا مِنَ اللهِ ،
وَمِمَّا تَتَشَظَّى عَنْهُ أَفْراسُ الأَذَانَاتِ علَى الأسْطُحِ ،
شَهْرٌ مِثلُ دَارٍ حُلوَةِ الأعتابِ ،
أَشْهَى مِنْ حَكايَا شَهْرَزَادٍ لَيلُهُ الأطولُ ،
دَارٍ تَسَعُ الدُّنيا ثَلاثِيْنَ مَسَاءً ،
.. وَثَلاثِيْنَ أَذَانْ !
.. مِنْ تَفَاصِيلَ نَدِيَّاتٍ لَدَى الأُسْرَةِ ،
مِنْ مَاضٍ جَدِيدٍ داَئِمَاً ،
إذْ يَدخُلُ النَّاسُ إلَى دَارَتِه عَطْشَى إلَى سَجَّادَةٍ مِنْ قَصَبِ الجنَّةِ ،
مِنْ جَائِزَةِ الأَعْلَيْن ، حُرَّاسِ المقامَاتِ ،
لِكَي يَلْتَمِسُوا بِاليَد أطْرَافَ السَّمَاوَاتِ ،
وَمفْتَاحَ الجَنَانْ !
رمضَان /
افْتَح الشُّبَّاكَ ،
مَا بَعدَ الأذان المهرَجَانْ !
* *
رَحِيلٌ في الفَضَائِيَّاتِ ، حَتَّى تَتْعَبَ الشَّاشَةُ ،
والشَّاشَةُ لا تَتْعَبُ .
شَهْرٌ مِنْ هَوَاءٍ بَاذِخٍ لا يُشْتَرَى بِالشَّغَفِ العَالِي ،
لَيَالٍ مِثلِ نَخلاتٍ طِوالٍ ،
وَغَمَامَاتٍ حَوَانْ !
مِنْ جِرَارٍ سَائِحَاتٍ مِنْ أَذَانَاتٍ تَقَاطَعْنَ لَدَى المدفَعِ ،
مِنْ سَفحِ زمَانْ !
يأْخُذُ الشَّهْرُ بِه شَكْلَ هِلالَيْنِ ،
وأطْبَاقٍ ،
تَرَاوِيحَ ،
صَلاةٍ خَارِجَ الأيّامِ والملْحِ ،
وإفْطارٍ جَماعِيٍّ سَيغفُو في الأمانِيِّ إلَى قَابِلَ ،
دِفْءٍ فِي حميمِيَّاتِ أشْتاتِ مكانْ !
* *
.. ثُمَّ لا جدْوى مِن الصَّومِ ،
بَعيدَاً عنْ أحبَّائِكَ ،
يمتَدُّ الحَنِيْنُ المُرُّ حتَّى مغْرِب البلدةِ ،
حتَّى آخِرِ الَّليلِ الّذِي لا يُشْبِهُ الأوقاتِ والتَّأْويلَ ،
شَهْرٌ مِنْ جمامِ الرِّيحِ في العُروةِ ،
يمْشِي خائِفَاً مِنْ جَسَدٍ رُوحٌ :
يُسَمِّي قَبلَ أنْ يَبْدأَ ،
هَلْ فِيَّ كَلامٌ كي أُعيدَ العَقْرَبَ الأطولَ حتَّى يبدَأَ
الشَّهرُ كثِيراً وطَويلا ؟
* *
.. تزْهَدُ الأرواحُ فِي ثَوبٍ صَبَاحِيٍّ ؛
فَتختارُ مِزاجَ المِسْكِ : صَوتَ القَارِئِ المَضْفُورَ
مِنْ ريشِ مَلاكٍ نَسِيَ الوحيَ على مصْطبَةٍ مِنْ خَشَبِ الصَّندلِ ،
دلَّى حَيِّزاً مِنْ عُشْبَةِ الفِردَوسِ .
أجْلَسْتُ لُقَى الرُّوحِ علَى الإيقاعِ كي أَفْحَصَهَا .
كنتُ حدَّثتُ صديقَاً لِي عَن الَّلذَّةِ فِي القُرآنِ ،
لَكنَّ صَديقِي قَالَ : إنَّ الكُلَّ مَشْغُولُونَ بالماءِ المُقدَّسْ
مِثلَمَا أنْتَ ، فَأنْكَرتُ طَويلاً قَائِلاً :
لَو صَحَّ ما قُلتَ ، لماذَا هَذِه البغضَاءُ كالتِّيْنِ علَى قارِعةِ الشَّارِعِ ؟ . /
.. فِي القُرآنِ أنْهَارٌ وأشْجَارٌ لِمنْ يَطلُبُ ظِلا .
فِي مرَايَا قِصَّةِ الطُّوفَانِ ،
والمَشْهَدُ تعْلُوهُ المِياهُ ، الرُّوحُ تَعْلُو ثُمَّ تَرتَدُّ مَعَ المَاءِ
الَّذِي تَمْتَصُّهُ الأرْضُ وتَعْلُو الرُّوحُ أعلَى ...
يَصِلُ الإعجازُ مَا لاتَصِلُ الدَّهْشَةُ مَا لا تُدرِكُ الأنفاسُ ، قولُ اللهِ أعلَى ! /
يَضْرِبُ الأمثَالَ للنَّاسِ ،
يُعَرِّي جَسَدَ السَّرْدِ الإلهِيَّ ،
أنا العاشِقُ حتَّى آخِر العِشْقِ ، وهَذِي الُّلغَةُ ... القرآنُ : ليلَى !
* *
هِيَ أُسْتَاذِي ، هِيَ الظِّلُّ الكَلامِيُّ علَى صوتي وظِلِّي .
لُغَةُ القرآنِ مِلْءُ الكأسِ ، دُقَّ الكأْسَ بالكأسِ ،
تَعَرَّفْ لِلبلاغَاتِ علَى كَثرَتِهَا فِي آيَةِ النُّورِ .
لماذَا لَمْ يُصَرِّحْ باسمِ حوَّاءَ ، وأعطَى للأدِلاءِ اسمَهَا ؟!
ولماذَا تَرَكَ اللهُ لَنا مُشْتَبِهَاتِ الآيِ ؟
حتَّى يُفْسِحَ الفُرصَةَ للتَّكثيفِ فِي القولِ ، وشرحِ الماءِ بالماءِ ؟ ،
في أصْواتِه الثَّرَّى ،
أم التَّشكِيلُ يُغْوِي حكمةَ القَارِئِ :
.. وَرْدٌ كَالدِّهَانْ !
وجَنَى الجنَّةِ دَانٍ مثْلَمَا
يُسْقِطُ العُنقُودَ إيماءُ بَنَانْ !
مَا الَّذِي يَفْصِلُ ما بَينَكَ والمُصْحَفِ ، يَا نهْجَ البلاغَة ؟
* *
ضَارِبَاً بِالحائِطِ التَّأْوِيلَ ،
صُفَّ الأكْؤُسَ البيضَاءَ ما بَينَكَ والإبريقِ ،
رَشِّفْ خَيلَكَ الرِّيَّ المُسَمَّى جِهَتِي .
ولَكَ الغُرْفَةُ والكُرْسِيُّ للمُصْحَفِ ، كأْسُ الشَّايِ .
لَكنْ حينَمَا يَتَّضِح الصُّوفِيُّ فِيكَ الآنَ ، لا تجلِسْ بَعيدَاً .
شَهْرَيَارٌ يَطْلُبُ القِصَّةَ والشَّهْرُ طويلٌ وطَويلٌ .
شَهْرَزَادٌ تَضعُ البدْرَ على يُمنَى يديه كعْكةً أو لُؤلُؤَه ....
أكتُبُ الشِّعْرَ كَمَا لَمْ أكتُب الشِّعْرَ ،
كمَا لو أنَّ هَذَا الفَجْرَ قَد عادَ لأجلِي كي أُصَلِّي غَيرَ ما
يَتّجه النَّاسُ لِكي أكتُب شِعْري الرُّطَبِي .
أو فُرَاتِي العِنَبِي .
أو أرَى مَا لا يَرَى الآخَرُ فِي مَعنَى النَّبِي .
حِيْنَ يَصْفُو الذِّهْنُ مِنْ حِبْرِ ضَبَابٍ ، أرْصُدُ القُرآنَ مولَى الرُّوحِ ، يُصْغِي تَعَبِي
للعَشِيَّاتِ الَّتِي طَيَّبَهَا طِيبُ النَّبِي .
هَلْ أنا أقرأُ قُرآنَاً أم القُرآنُ مَنْ يقرأُنِي ؟
هَلْ فُطُورِي مَعَ مَن أهوى هُو الحُلمُ الّّذِي يَسْرِقُ مِنِّي زَمَنِي ؟
وصَدَاقَاتِي الَّتِي تكْثُرُ كالأطفالِ ليلَ النَّاصِفَه .
هلْ يَشِي القُرآنُ بالصَّحوِ ، وهلْ أعرفُ أنِّي لمْ أكُنْ صَحوَاً ؟
وَهَذِي لُغَةُ القُرآنِ توشِيحُ اسْمِيَ الرَّاسِي ومرْعَى لُغَتِي .
لُغةٌ تقْترِفُ الفِتْنةَ ،
منْ علَّمَ طهَ أنْ يُحِبَّ السِّينَمَا ؟!
* *
.. هو أعلَى الأشهُرِ الأخرى . لَهُ رائِحةٌ لا تُشْبه الأشْهُرَ ،
يُلقِي بالتَّفَاصيلِ على الجادَّةِ ريشَاً وهَديلا .
يُصْطَفَى مِنْ بَلَح العُرجُونِ ، والفُصِّ اليَمَانِيِّ ،
وتَسْبِيحِ المُصَلِّيْنَ ، لَهُ فاكِهَةٌ أشْبَهُ بالآخِرَةِ الأقْصَى ،
من الأبْيَضِ والأبيَضِ ، والأسودِ والأسودِ .
مِنْ عُزلةِ عبَّادٍ وراءَ الشَّمْسِ ، مِنْ خاتِمةٍ للرِّيِّ .
هلْ في السَّاعةِ الأولَى مِن الإفطارِ
مَا يَمْنَحُ نسْيَانَاً ، ومَا يَفْتَحُ رُمَّانَاً ؟
هواءٌ آخَرٌ غيرُ الهواءْ
ويَدٌ تُشْرِعُ بالإيماءِ أبوابَ السَّماءْ
وعَلى رِزقِ حبِيبِي تُفْطِرُ الدُّنيَا ويُهديهَا
كما شَاءَ النَّدَى
خُبْزَاً ،
وتطرِيزَاً ، ومَاءْ
وخُزَامَى ، هيَ حَسبُ الشَّارِعِ الخَالِي من المارَّةِ
والرَّاعِي ، خُزَامَى ...
هَلْ ذَكرتُ الخمْرَ أم أنَّ النَّدى يعْتزِلُ الشِّعْرَ
إذَا صَلَّى وصَامَا ؟!