رقصة البطريق السعودية!
كالنار في الهشيم، هكذا انتشرت ظاهرة رقصة البطريق بين الشباب السعودي، وهي كغيرها من الظواهر والموضات التي تدخل بين سلوك المراهقين وغيرهم، ولفترة زمنية معينة، وتمارس حتى تصل إلي فترة ذروة، إلي أن تبدأ بالاندثار ليحل مكانها حدث جديد أو ظاهرة أخرى، والشباب السعودي اليوم كغيره من شباب العالم، يتأثر بالأحداث الإعلامية عن طريق الأجهزة الإلكترونية الحديثة، وخاصة ما يتداول بوسائل التواصل السريع بالجوال.
إذ أصبح لكل شاب وسائل إعلامية متعددة خاصة به، ويحرص على متابعتها أربع وعشرين ساعة، وهذا اوقع شباب العالم في دائرة التقليد بعد الأعجاب، ولكن تختلف سرعة التقليد من مجتمع إلي آخر، فالشباب الغربي ُمتخم حتى الثمالة بالفعاليات والظواهر المتعددة، كون الانفتاح لديهم على مصراعيه، لكن الأمر مختلف لدينا نحن المجتمعات الشرقية وبالسعودية خاصة، إذ ينتظر الشباب ما هو الجديد بشغف، وكأنهم بغرفة مغلقة وفتحت لهم نافذة «كالمتنفس» لكسر الروتين والخروج من الرتابة المملة.
فبالسعودية تنتشر اللافتات التي كتب عليها «ممنوع دخول العزاب»، وتغلق الأبواب أمامهم بمعظم التجمعات الترفيهية والتنفسية والنوادي العامة والصالات الرياضية أو المجمعات الفنية والعلمية، فأصبحوا في عزلة، كون التقاليد تمنع الاختلاط المثير لدرء المفاسد ومنع المعاكسات، لذا يجد يصب الشاب السعودي جماحه بالمتنفس الكبير، وهو الإعلام الإلكتروني الحديث، فأينما وقع بصره على ظاهرة أو حدث مسلٍ نسخه وقام بتقليده بعد أنتشاره، وهذا ما حدث لرقصة البطريق التي انتشرت بين أوساط الشباب في معظم المناسبات والتجمعات الكبيرة، وأمام الوجهات البحرية والرحلات البرية، وهي تعبير عن الفرحة بالرقص كما برياضة اليوجا، وكأنها خروج وتمرد من زجاجة الترفيه القديمة، كلعب الورق والرقصات الشعبية.
والجدير بالذكر إن رقصة البطريق من الفلكلور والتراث الفنلندي القديم، وقد قام بتجديدها على الساحة شاب ألباني أدى الرقصة كهدية بزواج أخته، وقد مزجها بموسيقى من فيلم كارتوني عن البطريق، فنشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فتقبلها الكثير من شباب العالم، وأصبحت كالموضة الجديدة للرقص والترفيه عن النفس، وقد أصبحت الرقصة موضع جدل وتدريب بين المراهقين والطلبة، من الذكور والإناث.
ويقف المشاركون في هذه الرقصة وراء بعضهم البعض، حيث يمسك كل شخص بخصر الثاني أمامه، وعلى إيقاع الموسيقى، يمضي في تأدية حركات متناسقة، تبدأ بركلتين سريعتين إلى اليسار، ثم إلى اليمين، ثم قفزة صغيرة إلى الأمام، تليها قفزة ثانية إلى الوراء لتنتهي بثلاث قفزات إلى الأمام مرة أخرى، ويكرر المشاركون هذه الحركات مرات عدة.
والرقصة تظهر الراقصون خلف بعض كالقطار، ويتمايلون يميناً ويساراً بمنظومة واحدة، ولقد سألت بعض الشباب السعوديين عن رأيهم بالرقصة كموضة، فأبدوا أعجابهم، وقالوا، ولم لا! دعونا نضحك ونمرح، فالدنيا زائلة، حتى الإبتسامة تريدون سرقتها منا!، وقال آخر، دعونا نتنفس من هموم وزحمة الحياة، ولم أستغرب عندما أعترف أحدهم بأنه يرقص كي ينسى خسائره بالأسهم، والتي سرقت منزله وطردته إلي شقة بالدور الثالث، ومازال يرقص طرباً بسطحها حتى اليوم، والجديد بالذكر أن شجار حدث بين أسرتين سعوديتين في الآونة الأخيرة بسبب رفض أسرة العروس رقص مجموعة من أقرباء العريس ودخولهم على النساء، كعرض جديد لزفاف أبنهم، مما تسبب في إحداث الفوضى، والإرباك بين الحضور.