رأيت في الفن حرية بلا قيود ولا إطار يحد من أفكاري
السماعيل في المعرض الشخصي ”اطار“
أكد الفنان التشكيلي حسين السماعيل أن الفكرة من معرضه الشخصي إطار المفتتح أمس الجمعة في قاعة تراث الصحراء في الخبر شرق السعودية، ويستمر عشرة أيام، جاءت لأستخدم عنصر مرن في تعدد المعنى والمفهم للتعامل معه بتعبير فني بكل أريحية ولأن مهتم بالإطار وإخراج اللوحة في أجمل صوره دفعني هذا الاهتمام للتأمل في الإطار ومحاولة دفعه إلى أقصى مايمكنني فعله به لتوظيفه في أعمال فنية. هكذا بدأت الفكرة تنمو في رأسي مع كل فكرة أو موضوع عام مشحونة برغبة للتعبير عنها من خلال الإطار. أحببت ان اجعلها هوية واحده متعددة اللغات. ولأن الفن لغة صوريه أوسع من لغات العالم كان لي محاوله في أكثر من جانب للممارسة الفنيه بدأت من المسرح وانتقلت بين التشكيل والتصوير. ولأن أثق أن الإبداع يأتي من الفكرة لم أحدد اي نمط واحد من العرض وسيأتي معرض إطار في خليط بين الفن التجريدي والفن الواقعي والفن السيريالي وفن التصوير الفوتوغرافي والفن المفاهيمي والفن الأدائي والفيديو يربط بينهم عناصر شكليه موحده أو عناصر فكريه.
الفن مساحة للتنفس من هواء على مستوى مختلف عن مستوى الأرض التي نمشي عليها، يشتمه الفنان ويأخذه شهيقا حتى يملأه تماما ويخرجه زفير فني يثير الآخرين ويستوقف الإعجاب. رأيت في الفن حرية بلا قيود ولا إطار يحد من أفكاري، إطار واسع بلا حدود ينتظر منا أن نسعى ونشعر ونستشعر وان نستمر في الحياة. كل هذا جاء من ضمن أهداف المعرض التي أرجو ان يعيش تجربتها الزائر.
تقديمي للمعرض جاء من دوافع فكريه وفنية ترجو الحديث عنها ولأني مهووس بمواقع التواصل الاجتماعي في محيطي الخاص والعام كما هم أغلب أحياء هذه القرن من البشر وجدت هناك تصاعد حواري يحدث بين أوقات مختلفة يسببه مسبب ما ويدفع بالناس للفوضى بالآراء وأساليب الطرح وناتج لهذا نجد الهاشتاقات تصنع وفيديوهات اليوتيوت تصل إلى عدد مشاهدات مليونية وصور انفوغرافيك تنتشر كالهشيم. كل هذا الفعل ملهم جدا استطعت ان اقتص جزء بسيط منه رغم إذهاله وتوظيف بعد القضايا الإجتماعية بالسعودية في أعمال فنية معاصرة ومفاهمية.
هذا المعرض الشخصي هو امتداد لنفس المعرض الذي أقمته نهاية السنة الهجرية الماضيه في جمعية الثقافة والفنون والآن يعاد بصورة متجددة ورؤية أوسع على مستوى التقديم والأعمال. الزائر لمعرضي الأول لن يكون أقل إبهاراً من الزوار الجدد.
وقالت عن التأطير.. هل تكون رؤية فنية جديدة! أمينة الحسن أنه خلال الفترة الماضية زرت عدة معارض فنية، الملفت فيها جميعها اختيار فكرة تطرح رؤية جامعة لكل الأعمال المعروضة، سواء ذاتية «الرؤية التي يتبناها الفنان في أعماله» أو قضية اجتماعية أو نظرية فلسفية «سواء اكتشفنا الرابط أم لا». وبرأيي أننا نسير في طريق النور، فالفنون جزء لا يتجزأ من روح المجتمع وذات الإنسان، هي ليست هواية ولا ترف، هي ممارسة طبيعية يقوم بها الناس الأكثر حبا للحياة، الأكثر استشعارا بقضايا العالم والكائنات. يمتلكون قدرات فذة في تعريفك بنفسك وتقريب الأشياء إليك، وجلب ما لا يمكن أن تتلفت إليه وعرضه أمام عينيك.
ما يهمني الآن هو «الإطار» الذي تتعدد معانيه اللغوية، ولعله يتبادر إلى ذهنك أن الإطار هو ما تراه في الصورة أدناه فقط! أو بمعنى تضييق الشيء أو الأمر. لنقف قليلا هنا: من معانيه اللغوية ماجاء في معجم المعاني الجامع: نطاق معرفة المرء واهتماماته ومجموع الظروف التي ترافق حدثًا أو أمرًا، فتكسبه قيمة خاصَّة وتُضفي عليه دلالة معنويّة.
ومنها: إطار فكريّ أي: ما ينظر الإنسان من خلاله إلى الكون إجمالاً وتفصيلاً «أدَّى ظهور الإسلام إلى توحيد العرب في إطار فكريّ واحد».
إذن الإطار ليس مساحة ضيقة أو قولبة للشيء، إنما لفت انتباه، منظار يمكنك من خلاله رؤية كل شيء في الشيء المعروض.
إنه لحظة ذهبية تعّرفك بجانب ما يستحق التفاتة أو قضية بحاجة إلى مناقشة، أو مشكلة بحاجة إلى حلول، أو نقطة غائبة بحثت عنها فلم تجدها ستكتشفها داخل إطار ما وتضعها على سطر من سطورك.
أن يؤطر ما هو سلبي حولنا ويعرض بطريقة مبتكرة، يعني أن الفن تجاوز اللون والصورة وامتزج في كيان الفرد، وتداخل مع فكره، ولكن هل نكسر الإطار؟! أنقلب الصورة؟ أم نعيد تشكيلها؟!
تمنياتي بالإتساع والإشراق ل «إطار» حسين السماعيل.. وربما تكون لنا كلمة ثانية بعد حضور المعرض.
وأنا سعيدة حقا بالحراك التشكيلي الجديد من الشباب والشابات خاصة، الذي يمنحنا مساحات خضراء رغم بعض الألم الذي لابد أن يعبرّوا عنه ويثبتوا وجوده كي نتجاوزه.
الناقد أثير السادة قال عن المعرض:
قال أهلُ اللُّغة: كلُّ شيءٍ أحاط بشيءٍ فهو إطارٌ.
وأنت تجول في معرض الصديق حسين السماعيل الموسوم ب ”إطار“ تتذكر بأن الفنون ليست وحدها تتجاور وتتداخل، كل شيء في هذا الكون مدفوع للمجاورة والمواجهة حتى، في لعبة التواصل اليومي والفضاءات الاجتماعية السبرينية، لذلك يتسع إطار المعرض لهذه المراوحة بين المناقدة الاجتماعية والممارسة الفنية التي لم تبخل في نزوعها الفني ناحية المزج بين الصوت والصورة والأداء.
ولأنه مهجوس بلعبة الإطارات دفعنا على غير اختيار للدخول في إطار بلا سحنة، إلى مسرح مفتوح على مفارقات النغم في جدل بين الكامنجا والفلوت، وعلى جدارية مبنية لمجهول السجالات الإلكترونية وأفعال التشكيل في تأسيس كتلة إطارات فوتوغرافية، يصبح فيها الإطار المادي وحدة صغرى ضمن إطارات تتكاثر على حد التكرار والتباين.
بلا إطار شاء السماعيل أن يجمع كل تلك الفنون والحالات التي تشي برغبة فاقعة لتغليب حس المسرح على هذا الفضاء الفني، ابتداءاً من الوصلة الموسيقية تحت بقعة الضوء، ومرورا بالتشكيلات الجسدية الصامتة، والتي توازعت زوايا المكان، وانتهاءاً بالإطارات الكبيرة كمفردات ديكورية.
لم يخف السماعيل حماسته لعنوان المعاصرة في هذه التجربة، فهو يشير إليها في وصف المعرض، وهذه الخلخلة في وحدة العمل الفني هي جزء من الدلائل التي يريد بها احتقار الأنماط التقليدية، والبحث عن شروط راهنة لصياغة فعل فني متجاوز، حتى مسرحة الإطارات في حد ذاتها اندفاع لمقاربة تجارب حديثة سابقة نظرت في هذه العلاقة بين اللوحة التشكيلية والفعل المسرحي…ليس هنالك مساحة من غموض إذا ما نظرنا إلى أغراض المعرض وأهدافه، بيد أن هذا لا يقلل من صعوبة التوفيق بين المزاوجات الكثيرة داخل التجربة، وعن المراوحة في منطقة غير مستقرة جماليا، والإصرار على تحريرها من إطار فني يهبها الإختلاف والفرادة.
لست مع التضييق على محاولات الخروج من الإطارات السائدة، بل لست مع صياغة معادلات فنية لتحديد اتجاهات الممارسة لدى الفنان، لكن اكتشاف العلاقات الممكنة واللحظات الجدلية بين أشكال التعبير الجمالية تستوجب استثمارا ذكيا في العلاقة البينية المتولدة عن هذا الاحتكاك بين مختلف الفنون، فالخروج عن إطار اللوحة التشكيلية، وإطار الحياة اليومية لم يكن حائلا دون التورط بالبقاء ضمن حدود التقاليع المسرحية المحلية والتي أوحت له بكثير من مظاهرها الإشكالية!.