ثقافتنا سلبية! ما هو الحل؟
بحثنا ليس بجديد، لكن مهم، ووددت أن أذكر نفسي وبعض العقول الغافلة، وهو عن ثقافتنا تجاه من حولنا، وكيف ننظر لما لدى الغير، فالثقافة الاجتماعية تعني: مجموعة السلوك والعادات التي تعودنا على القيام بها وممارستها، والتي جبلنا وتربينا وتعلمنا عليها منذ الصغر، وربما ورثناها ممن سبقنا.. يقال ”وشهد شاهد من أهلها“: نحن العرب سلبيون في نظرتنا للحياة، وخاصة عندما ننظر إلي غيرنا، وكيف نعبر عنها، إلا مارحم ربي، وأنا أقصد بنحنُ، أي العرب، لأن ثقافتنا متقاربة بحكم لغتنا وديننا.
ماهي المؤثرات على سلوكنا؟، هل هي التربية فقط، أم التعليم. بالحقيقة هي مناصفة بين البيت والشارع من جهة، وبين التعليم من جهة أخرى، وأرمي باللوم أكثر على التعليم والمعلم، فلو حثت الحكومات العربية على سن مناهج تربوية اجتماعية، عن كيفية التعامل مع الآخرين، وكيف ننظر لشريكنا بالمجتمع وخارجه، وخاصة منذ الصغر بالمراحل الابتدائية حتى الثانوية والجامعة، وأنا أنصح وزارات التربية والتعليم العربية ”وهي المسؤولة“، بوضع مادة ”مكارم الأخلاق“ بالمنهج التعليمي، وتكون مقتبسة من الأخلاق الإنسانية، ومما تركه لنا مربي البشرية النبي محمد وصحبه الكرام، وما نهج عليه من سبقه من الأنبياء ، وهي مكارم الأخلاق في كل شؤون وجوانب الحياة، حتى مع الحيوان، ولو فعلنا هذا بالماضي، لسهل علينا الأمر بالحاضر والمستقبل، ولانريد أن نقول ذهبت الفرصة، بل العكس، نزرع اليوم لأبناء الغد، فربما يأتي جيل عربي مختلف عنا فكراً ومنهجاً، وذو نظرة إيجابية للحياة.
تبني بيت جديد، أو تشتري سيارة جديدة، أو أي سلعة ما، ويأتي الأقرباء والأصدقاء ليقدموا التهاني، ويضع كل شخص عيباً يصطاده عليك ”لماذا لون الجدار كذا“ ولماذا الباب هكذا، ولماذا هذا يمين وليس يسار، وهكذا دواليك، والنظرة دائماً سلبية للأشياء بدل القول " البيت جميل جداً، ولاحاجة للتعليق إلا إذا طلب منك أن تختار لوناً أو قراراً قبل تنفيذه، وربما الانتقاد السلبي يأتيك من أقرب الناس إليك، وكأنك عملت الشئ لهم وليس لك.
أخبرني خمسيني عند ذكر الموضوع بإحدى التجمعات، أنه وضع تقويم لأسنانه، ولم يسلم من الناس، منهم من قال له: بعد أن شاب أخذوه للكتاب، وقال آخر، هل ستتزوج بأخرى، أم عندك نية لفعل شئ لانعلمه، والكثير من النظرات السلبية، والمصيبة إن عمله بشركة حكومية كبرى، وقابل أجنبي نسميه بالعرف ”كافر“ وقال: مذهل! جميل! أنت تفعل الجميل دائماً ياهذا، أستمر وواصل، وستجد الأفضل.. أنظروا ردة فعل الأجنبي الذي يحمل ثقافة تختلف عن ثقافتنا.
شاب سعودي وسيم يشتكي من الصلع، فعمل عملية تركيب شعر شبه دائم، وما أن دخل عمله بالدائرة الحكومية، وهذا أول يوم له بعد اختفاءه أسبوع، وبعد أن صرف الوقت والمال لعملية زرع الشعر بدولة أخرى، فضحك الجميع، وكلهم عرب، وممن قال كيف تستحم بها، ومن قال كيف تنام، ومن قال هل تمشطها وترجعها ووو الكثير من الانتقادات والسلبيات، إلا شخص واحد، من هو؟، إنه عامل النظافة بالمبنى، وهو هندوسي وراتبه الشهري زهيد جداً، بحيث لايبلغ نصف بدل المواصلات التي يستلمها زميله الشاب الجامعي المنتقد، فقال عامل النظافة بالعربي عندما شاهد الشعر المستعار ”الباروكة“، وهو هندوسي وأعيدها ثانية، إذ قال ”ماشاء الله، أنت جميل جداً، لا لا، أنت أصغر وأحلى عشرين سنة للخلف“ بالله عليكم ماذا نسمي هذا التفاعل الإيجابي عند الغير، أو من نطلق عليهم الأجانب أو الكفار أو سمهم ما شئت، هل هي ثقافة الإسلام والأخلاق الإنسانية، أم ثقافة العرب وأهل الضاد الكرام.
في الختام، وهذا حصل أمامي بإحدى الشركات حيث أتواجد، سقط أحد الموظفين من كرسيه بالخطأ أثناء حركته، فضحك كل الموجودين العرب، وأنا أولهم، أما الأجانب فصفقوا له بحرارة، وهم يرددون ”أوك أوك، تيك أت إيزي، ناثينج هابند“ وهم يخطون بخطوات نحو الشخص الواقع على الأرض، فأبتسم فرحاً وقام مكانه، ونسى الخجل الكبير الذي رسمناه نحن العرب بالضحك والسخرية على قلبه وذاكرته.
تلك الحادثة تركت أثراً جميلاً بحياتي، وتعلمت منها درساً لن أنساه، لماذا أنا ضحكت معهم، ولماذا نسخر من سقوطه ونحن رجال متعلمين ومثقفين ونصنف من الطبقة المتعلمة بالمجتمع، وماذا تركنا للطبقة الأمية، فتعلمت أن العلم والثقافة ليس بالشهادة، إنما بشهادة الحياة وتؤخذ بالأخلاق ومكارمها النبيلة، وشكراً على كل شئ يارسول الله، وشكرا لله أننا مازلنا نتعلم مالم نعلم من أخلاقك الكريمة، والختام ”الدين المعاملة“