الشباب بين اللامبالاة والمسؤولية
وتحسب انك جرم صغير.. وفيك انطوى العالم الاكبر
نعم.. اتحسب ذلك؟
وهل تعلم كذلك النجاحات آن تنحني لنا طوعا حينما ندرك ما منحنا الله إياه من إرادة جبارة متوجه بعمل دؤوب لنملئ صناديق الساعات المهملة ألي مايرضي الله عزوجل..
حينها فقط.. تتهذب الروح ويتكامل العقل وينشرح القلب ويتحقق الاتزان الداخلي، فنحن الآن نرعى أنعم الله تعالى - وأخص بالذكر نعمة - لها من الخصوصية ما يجعل الكثير منا يجهل كيانها وحيثية الاستفادة منها، هي نعمة الفراغ!
واعتقد اننا لو رأينا مجتمعنا على حقيقة إدراكه لقيمة الوقت لوجدنا الإفراط والتهاون بشكل مثير للعجب، حيث يضيع الكثير من الوقت وتبدد صناديق الساعات الفارغة بلا عمل هادف يقدمه لربه ولنفسه ولعائلته وللمجتمع ككل.. وكم هو مرير عندما تسحق دقائقنا الثمينة في الإستسلام للكسل والترفيه الزائد.
والأمر من ذلك كيف بنا نكون فى آن نزل البغضاء، كما روي عن الامام الباقر «قال موسى :؟ «يارب، أي عبادك ابغض اليك قال جيفة الليل وبطال بالنهار» هاهو سبحانه عز وعلا يصف من يفرط في النوم بالجيفه التي لاقيمة لها وفي النهار البطاله التي ان لم تملئ بالطاعات ملئها معنا الشيطان بالخطايا والذنوب..
ربما تكون قد ثقلت الكلمات على مسامعكم ولكن يجدر بي التحدث - والتمرد أيضا - على ما يخالجني من الالم جراء تدهور وانحدار المسؤولية لدى شبابنا الفتي..
دعوني الان أخبركم عن موقف لإحدى المعارف....!
زوجها الذي يمضي اغلب اوقاته في المزارع والمقاهي.. كانت تقول: «منذ ارتباطي به الى الان 5 سنوات بعد العمل يعود للنوم وبمجرد ان يستيقظ يخرج مباشرة الى المزرعة ويقضي معظم وقته هناك فلا نكاد نراه إلا عند النوم، فقد اصبح يهرب من مسؤولياته حتى في البيت، وغير أن أغلب وقته يقضيه هكذا، فإذا لم يجد شيئا يفعله يقوم بإثارة المشاكل ليصبح البيت كالجحيم بسبب انعدام التخطيط والفراغ الذي يشعر به،،،.
ومن المؤكد ان هذه الحقيقة الموجعة تتكرر بأشكال عديدة لدى الشباب حيث تتجسد اجتماعاتهم في قتل الوقت المتمثل في مشاهدة التلفاز والتدخين وتبادل الاخبار والخوض في سلسلة من الضحك الساخر..
ولذا نجد غالبية الاشخاص الذين اعتادو مضيعة الوقت تكون آفاقهم محدودة وثقافتهم شحيحة ويفتقرون الاهداف في الحياة، بعكس الذين يخصصون اوقاتا للقراءة والتنقيب والاطلاع او مجالسة الناجحين واصحاب العقل والروح، او لتعلم حرفة تنفعهم في المستقبل.
نعم نحن بحاجة إلى القليل من الراحة والتسلية حيث يقول أميرنا علي ”إن القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة“
ولكن من الضروري ان يكون ضمن تقسيم الوقت باعتدال ودون فوضى.
إذا فلنبادر باستثمار الفراغ ولنبحث عن نقاط القوة فينا لتتضاعف وتزهر.. وأدعو من هم في مقتبل العمر ان ينظروا الى تجليات الله في أنفسم فيتأملوا فيها ويحافظون عليها قبل أن ينتهي كل شيء فيكونوا من «الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا»!