المثقف الورق «المعوق»
إن المثقف الذي يُخضع عنوة ثقافته لنزواته ليس بالمثقف الأعرج كما يصنفه البعض وإنما بالمثقف الورق «المعوق» الذي يعاني إعاقة في محتواه العقلي والثقافي والفكري..
تزدحم المنتديات الثقافية بهذه النوعية من المثقفين الورق وهذا ناتجٌ عن ضعف المتلقي حيث لا يجانبه الصواب في استدعائهم ظناً منه بأنهم سيكونون نقطة تحولٍ في المسار الثقافي والفكري..، إلا أنهم يُفعلون عنصر البلاهة الثقافية في الوسط الثقافي والاجتماعي.
أضف إلى ذلك قنوات التواصل الاجتماعي بكلها حيث ساهمت بشكلٍ كبيرٍ في تفشي مفردة المثقف الورق «المعوق» حين احتضنت للأسف أقلاماً همهما بالدرجة الأولى جملة ”أنا هنا، فلماذا لا تشر إلي بإصبعك“، مثقفون من ورقٍ تُطربهم ازدحام الإعجابات «اللايك»، فتُشعرهم بأنهم ذو قيمةٍ ثقافيةٍ هائلة، مثقفون من ورقٍ يُسعدهم تراكم صورهم حين تتداولها الصحف الإلكترونية كأنها مجلة لعرض الأزياء.
أين المادة الثقافية التي تستحق القراءة أمام هذه الكلمات الفوضى؟!.
حقيقة سؤال يستفحل استفهاماً بمعظم جوانب البيئة الثقافية التي نعيشها ولا نتعايش معها، إفراطٌ لمليء فراغات بيضاء بحبرٍ أسودٍ معجون بالهشاشة. نعم، هناك موادٌ ثقافيةٌ جديرةٌ بالقراءة ولكنها تحتاج إلى بحثٍ، لتسقط عينيك عليها، وتستحوذ على عقلك، فتزيدك ثقافة ووعياً وأملاً، فتحقيق حلم.
إن الدقة في اختيار المادة الثقافية لتعانق الصحف الإلكترونية نشراً مطلبٌ احترافي، ومطلبٌ احترامي يبتغيه المتلقي، لرفع الذوق لدى النخب الثقافية، إضافة إلى الذوق العام.
هنا، نضرب مثالاً لا للحصر وإنما لتقريب وجهة النظر، كما يرى المتابع للساحة الأدبية وتحديداً في جانب الإصدارات فإنه سيجد الغث والسمين، نعم، توجد إصدارات في قمة الإبداع وقد تجاوزت الحدود الجغرافية، لتصل إلى اللفات الأخرى، وبعضها لا يرقى إلى مستوى القراءة فعلياً، إنما هي مجرد كلمات في قرطاس ليس إلا، إن الأخيرة تفسد الذائقة الأدبية إذا ما استشرت في الوسط الأدبي، وبالضرورة لا محالة بأنها ستفسد الذائقة وهذا لا يختلف عليه أحد.
إن ما أورد كمثالٍ إذا عُمم على الأنواع الثقافية بمجملها أليست النتيجة الحتمية ستهوي بالذائقة من جانبٍ، وبالثقافة من جانبٍ، وبالفكري من جانبٍ إلى مستنقعٍ يجعلنا لا نعي مجريات البيئة الاجتماعية كعنصرٍ فعالٍ يضفي عليها بريق الرقي والتطور، وإصلاح مجتمع يرى في الطبقة المثقفة، وخصوصاً النخب منهم ملاذٌ يضيء لهم الظلام.