الاتزان يطل من نافذة القياس
- بداية لابد أن نتبع نظرية " تحليل محتوى " للعنوان .
يعرف علماء اللغة مفردة الاتزان بقولهم : كان مثال الاتزان والكمال ، وقولهم : كان مثال الرزانة ، فالاتزان ، أو الرزانة تعرف بالمعنى النقيض ، كقولهم: إذا أزيح الجسم قليلا عن موضعه لم يعد إلى وضعه الأصلي ، حينها اختل التوازن ، وقد عرفها علماء النفس بقولهم : اتزان : حالة يتعادل فيها الميول فلا يغلب أحدهما على الآخر بحيث يستوعب نشاطه الذهني بأسره .
القياس يعرفه علماء اللغة بقولهم : رد الشيء إلى نظيره ، وعلماء النفس يعرفه بقولهم : عمل عقلي يترتب عليه انتقال الذهن من الكلي إلى الجزئي المندرج تحته - وكما يقول الفلاسفة : إطلاق الكل وإرادة الجزء - ، ويعرفه أهل المنطق بقولهم : قول مركب من قضيتين أو أكثر متى سلم لزم عنه لذاته قول ، كقولهم : كل ذي أذن من الحيوان يلد ، والأرنب ذات أذن ، فإن هذا يستلزم القول بأن الأرنب تلد .
إن مفردة الاتزان ، أو الرزانة تطلق على الإنسان ، فيقال : هذا إنسان متزن ، أو هذا إنسان يمتلك الرزانة ، وذلك لما يمتلكه من شخصية سوية بجوانبها المختلفة الروحية ، والعقلية ، والعاطفية بحيث أنه يتفاعل أوتوماتيكيا معها ، فينعكس ذلك على البيئة من حوله ، إنه يعيش الكلية في نظرته لذاته ، ونظرته للبيئة من حوله ، فتراه يسقط ذاته على البيئة بكل أجزائها فلا يغلب جزء على آخر ، كل الأجزاء تأخذ حيزها من الذائقة الحسية واللا حسية لديه ، قال تعالى " والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ".
هنا تبرز قاعدة ، فكل شيء له دوره في الحياة ، فبعضه يمتطيه الإنسان ، وبعضة للزينة ، هذه هي القاعدة ، فكل جزء ينتمي للكلية ، كل يكمل بعضه ، لهذا الاندماج في التركيبة الاجتماعية وقد حث عليها الإسلام لما لها من أثر إيجابي في صناعة الحياة الكريمة ، وازدهار المجتمع الإنساني بالإنجازات ، قال تعالى " وتعاونوا على البر والتقوى " .